بغداد - جعفر النصراوي
حاصرت قوات من الجيش العراقي، أتت من العاصمة بغداد، ومحافظة ديالى، ناحية "سليمان بيك"، في محافظة صلاح الدين العراقية، تمهيدًا لاقتحامها، فيما أكد محافظ صلاح الدين أن قيادة الجيش أمهلت المسلحين 24 ساعة لمغادرة الناحية، حقنًا للدماء، مهددًا بالاقتحام بالقوة من قبل الجيش.
يأتي هذا بينما حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العراقيين، لاسيما أهالي المحافظات الغربية، من الفتنة، مؤكدًا أنها لا تميز بين مجرم وبريء،
متهمًا فلول حزب "البعث" بإشعلها، داعيا إلى الحوار بين الأطراف المتنازعة، مشددًا على أهمية احترام هيبة الجيش.
ويتزامن هذا مع عملية أمنية نفذتها القوات العراقية في الموصل، للقضاء على المسلحين الذي هاجموا نقاط تفتيش عدة، والتي أدت، حتى هذه اللحظة إلى مقتل 14 شخصًا، وإصابة عدد مماثل.
وقال مدير إعلام محافظة صلاح الدين جمال عكاب، في تصريح صحافي، أن "محافظ المدينة أحمد عبد الله، التقى، الخميس، القادة العسكريين لقيادة عمليات دجلة، في محافظة ديالى، لبحث الأوضاع الأمنية في ناحية سليمان بيك، ومنع اقتحام قوات الجيش للناحية بعد انسحابها منها"، مشيرًا إلى أنه "تم الإتفاق على إعطاء مهلة للمسلحين، حتى الجمعة، لمغادرة الناحية، والانسحاب منها، دون إراقة الدماء"، وأضاف أن "الاجتماع حضره كل من معاون رئيس أركان الجيش الفريق الأول الركن عبود قنبر، وقائد القوات البرية الفريق علي غيدان، وقائد القوات الجوية الفريق الركن الطيار أنور حما، وقائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي، وعدد من قادة الأجهزة الأمنية في ديالى"، ناقلاً عن المحافظ تأكيده أن "هناك محاولات من قبل الجميع للحيلولة دون الاشتباك مع المسلحين، وتجنب المدنيين الأبرياء القتال، والحفاظ على المواطنين الآمنين".
من جانبها، أعلنت قائم مقامية طوز خورماتو أن "قوات الجيش العراقي تحاصر ناحية سليمان بك، استعدادًا لمهاجمتها، بعد أن سيطر المسلحون عليها".
وقال قائم مقام قضاء طوز خورماتو شلال عبدول، في حديث خاص لـ "مصر اليوم"، أن "قوات من الجيش العراقي أتت من العاصمة بغداد، ومحافظة ديالى، إلى ناحية سليمان بيك، التابعة لقضاء طوز خورماتو،(90 كيلومترًا شرق تكريت)"، مبينًا أن "تلك القوات تحاصر حاليًا الناحية، تمهيدًا لاقتحامها، لتطهيرها من المسلحين، الذين سيطروا عليها، الأربعاء"، وأضاف أن "الطريق بين بغداد وكركوك مازال مقطوعًا، لسبب سيطرة المسلحين على ناحية سليمان بيك"، نافيًا في الوقت ذاته "سيطرة المسلحين على نواحي باسطملي وينكجة، التابعتين لقضاء الطوز".
وفي سياق منفصل، أفاد مصدر في شرطة محافظة ديالى بأن "زعيم الطريقة النقشبندية في المدينة قتل في قصف نفذته مروحية عسكرية في ناحية قره تبة، شمال شرق بعقوبة (55 كيلومترًا شمال شرقي بغداد)"، ولم يتم التأكد من صحة الخبر من مصدر آخر، فيما أعلن المتحدث باسم معتصمي الحويجة عبد الملك الجبوري، في تصريح خاص لـ "مصر اليوم"، أن "انتفاضة أحرار العراق أغلقت ساحات الاعتصام في الفلوجة، والأنبار، والحويجة، وأصبحت جناحًا مسلحًا تحت مظلة جيش رجال الطريقة النقشبندية"، نافيًا في الوقت ذاته أن "يكون هناك تشكيل جديد باسم عشائر كركوك لمقاتلة القوات الحكومية".
يذكر أن جيش رجال الطريقة "النقشبندية" في العراق، تم تشكيله في العام 2004، من قبل نائب رئيس النظام السابق عزت الدوري، المطلوب الأول للقضاء العراقي، والهدف منه مهاجمة كل ما يمت للعملية السياسية الجديدة في العراق بصلة، سواءًا على مستوى القوات الأمنية، أو على مستوى الأشخاص والمسؤولين.
وقال المالكي، في كلمة متلفزة بثت على القناة "العراقية" شبه الرسمية، الخميس، أنه "في هذا الظرف الحساس والدقيق، وخصوصًا على أهلنا وإخواننا في المحافظات الغربية، أناشدكم بإتقاء الفتنة، فهي كالنار تأكل الحطب والهشيم، ولا تميز"، وأضاف "أتوجه إليكم مخاطبًا من القلب، مع الحرص والرغبة والأمل، في أن نرى العراق موحدًا، ونرى العراقيين إخوة يتعايشون في محبة وسلام، ويسهمون جميعًا في عملية بناء وطنهم، بلا تميز ولا تهميش ولا طائفية، وفي ضوء الدستور، وما نعتقده مسؤولية وطنية، وأقول لكم بكل صدق، أن العراق أمانة في أعناقكم جميعًا، ولا يحق لأحد أن يتحلل من الأمانة التي ألقاها الله تعالى علينا، وحملنا إياها الشعب العراقي، حين جازف وخاطر وذهب إلى صناديق الانتخاب".
وتابع، مخاطبًا أهالي المحافظات الغربية "أيها الإخوة الكرام، إن من الخطر الكبير علينا، ونحن في هذه الأزمة، التي تمر بها المنطقة، والعراق، أن ندع الأمور في يد المتطرفين والجهلة، والذين يبحثون عن الفتنة، وأن ندع الأمور وساحات المطالب المشروعة مخترقة في أيدي الذين يريدون إثارة الفتنة لحسابات متعددة ومعقدة"، داعيًا "كل العراقيين أولاً، وبالذات وجهاء القوم، وشيوخ العشائر، ورجال الدين، والمفكرين، والإعلاميين، وكل الذين يشعرون بالقلق على مستقبل بلدهم، أن يبادروا، ولا يسكتوا عن الذين يريدون، من خلال الإرهاب، إكراه البلد على التراجع، الذين يريدون إعادة البلد إلى ما كان عليه في الحرب الأهلية، والطائفية، وأقول للجميع، محترمًا إرادة الجميع، وأشيد بكل من يطالب بحقه، إن كان لديه حق مظلوم".
وشدد على أن "مايحققه الحوار والتفاهم والجلوس على طاولة الأخوة والشراكة لا يستطيع أن يحققه الإرهاب والعنف والقتل، المطالب الحقة تحقق عبر الحوار، ومن خلال آليات الدستور، والتفاهم، ولا تحقق من خلال القتل، ودعوات الكراهية والطائفية، التي نسمعها يوميًا".
ومضى المالكي بالقول "أيها الأخوة إن عز العراق، وعز أي بلد، في جيشه وشعبه، لأنه هو الذي يصون السيادة، ويحمي الإرادة، ويوفر العزة والكرامة للمواطنين أولاً، وللبلد ثانيًا"، مذكرًا بأن "أفراد القوات المسلحة هم من نسيج هذا الوطن، وهم يتحملون المسؤولية، كما تتحملون مسؤولية"، مشيرًا إلى أنهم "لديهم عوائل وأبناء وزوجات، ومن حقهم أن يعيشوا، ويحظوا بالاحترام والمهابة، التي يقتضيها ضبط الأوضاع الأمنية في العراق، الذي يتأثر بالمحيط الإقليمي، الذي تعج فيه الفتن والمشاكل، والتي بدأت إفرازاتها تطل علينا"، مشيدًا بدور المواطنين الشرفاء، وقيادات العشائر ورجال الدين، والمخلصين من السياسيين، في درء الفتنة، وتوعية المواطنين من مخاطرها، داعيًا إلى إتخاذ "ما حصل قبل أيام(في إشارة إلى اقتحام ساحة اعتصام الحويجة)، كمحطة من محطات التأمل، تدعونا إلى التدبر بدقة، خشية أن تتكرر هذه في مناطق أخرى، كما يحاولون يوميًا"، مجددًا تأكيده على أهمية الحوار، والابتعاد عن الفتنة، لأن الكل خاسر لسببها، موضحًا أن الجميع ستطاله الماءلة القانونية إذا ما أخطأ، مدنيًا كان أو عسكريًا.
يأتي هذا عقب إفادة مصدر أمني في محافظة صلاح الدين العراقية عن استعداد القوات لاقتحام مدينة تكريت، إثر قيام مسلحين بقطع الطرق المؤدية إليها، في حين سقط 14 قتيلاً، وأصيب 14 آخرون، في اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمن في مدينة الموصل.
يأتي ذلك في تواصل لردود الأفعال على اقتحام قوات الجيش لساحة اعتصام الحويجة، الثلاثاء الماضي، حيث قال مصدر في شرطة نينوى لـ "مصر اليوم" أن "اشتباكات حصلت، فجر الخميس، حين قام مسلحون بالهجوم على مقر شرطة طوارئ نينوى، الواقع في منطقة الحاوي (وسط الموصل)، أدت إلى مقتل تسعة مسلحين، وثلاثة من عناصر الشرطة، وإصابة خمسة آخرين، فضلاً عن اعتقال 13 مسلحًا"، وأضاف أن "قوة أمنية فرضت طوقًا على مكان الحادث، ونقلت المصابين إلى مستشفى قريب، لتلقي العلاج، وجثث القتلى إلى دائرة الطب العدلي"، مشيرًا إلى أنها "اقتادت المعتقلين إلى مركز أمني للتحقيق معهم"، لافتًا إلى أن "قيادة عمليات نينوى فرضت حظر التجوال في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، ومنعت المرور عبر الجسور التي تربطه مع الجانب الأيسر من المدينة".
وأفاد مصدر في شرطة محافظة صلاح الدين (157كيلومترًا شمال العاصمة بغداد) بأن "مسلحين مجهولين انتشروا على الطرق المؤدية إلى مدينة تكريت، منذ صباح الخميس، وقاموا بمنع المواطنين من الدخول إلى المدينة، كما منعوا الموظفين من الالتحاق بدوائرهم"، مؤكدًا أن "القوات الأمنية، بمساعدة الطائرات المروحية، تستعد لمهاجمة المسلحين، لإعادة فتح الطرق"، مشيرًا إلى إن "قذيفتي هاون سقطتا، فجر الخميس، على مقر الفوج الثالث، التابع للواء الـ48 في الجيش العراقي، الواقع في منطقة حي القادسية، وسط ناحية يثرب (12 كيلومترًا جنوب شرقي قضاء بلد، 80 كم جنوب تكريت)، ما أسفر عن إصابة اثنين من عناصر الفوج بجروح متفاوتة".
وشهدت محافظة صلاح الدين، منذ مساء الأربعاء، العديد من الهجمات المسلحة، أبرزها أدت إلى سقوط ناحية سليمان بيك، التابعة لقضاء طوز خورماتو (90 كم شرق تكريت)، بيد المسلحين، بعد نحو 24 ساعة من الاشتباكات مع الجيش العراقي، فيما انسحبت القوات العسكرية، وتمركزت على بعد نحو كيلومتر واحد من الناحية، في حين ترك عناصر قوات الشرطة، والصحوة، مواقعهم، وانسحبوا إلى بيوتهم.
فيما قتل ضابط برتبة مقدم، وأصيب مرافقه، في هجوم مسلح، نفذه مجهولون على دوريتهما، في ناحية سليمان بيك، كما قتل أحد عناصر الجيش العراقي، في هجوم مسلح، استهدف رتلاً عسكريًا في منطقة البو العجيل (15 كيلومترًا شرق تكريت)، في حين تعرضت دورية للجيش العراقي، كانت تقوم بمهام أمنية في السوق الشعبية وسط قضاء بيجي (40 كم شمال تكريت)، إلى هجوم من قبل مسلحين مجهولين، ما أدى إلى تضرر مركبات الدورية، دون تسجيل خسائر بشرية، بينما قطع المئات من المتظاهرين، من أبناء عشائر "الجبور"، و"العبيد"، و"العزة"، الطريق العام شرق ناحية العلم، في إتجاه قضاء الحويجة، لهدف منع مرور أي رتل عسكري من بغداد إلى قضاء الحويجة، وقطع الإمدادات عن المتواجدين هناك.
وأكد مصدر في دائرة صحة نينوى، لـ "مصر اليوم"، أن 28 شخصًا سقطوا بين قتيل وجريح، في الاشتباكات التي اندلعت، ليلة الأربعاء، بين مسلحين وقوات من الشرطة والجيش في مناطق متفرقة من غرب الموصل، مبينًا أن "دائرة الطب العدلي في الموصل استلمت، الخميس، أربعة عشر جثة، أربعة منها لتعود لعناصر الشرطة، وعشرة تعود لمسلحين، قتلوا في الاشتباكات العنيفة، التي اندلعت، ليلة الأربعاء، بين عشرات المسلحين والشرطة الاتحادية والجيش، في أربعة مواقع مختلفة في القسم الغربي من مدينة الموصل"، وأضاف أن "14 آخرين أصيبوا، بينهم اثنان من المسلحين، وتتحفظ عليهم القوات الأمنية".
من جهتها، أعلنت قيادة الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية في محافظة نينوى أنها "تمكنت من قتل 31 مسلحًا، وإصابة 20، وتحرير 17 شرطيًا، في عملية أمنية نفذتها غرب الموصل"، وقال قائد الفرقة اللواء الركن مهدي صبيح الغراوي، لـ "مصر اليوم"، أن "قوة من الفرقة نفذت، الخميس، عملية أمنية في منطقة حي الرفاعي (غرب الموصل)، تمكنت خلالها من قتل 31 إرهابيًا وتحرير 17 شرطيًا، تم خطفهم، ليلة الأربعاء، على يد المسلحين"، موضحًا أن "القوة ضبطت خمسة عجلات، تابعة للمجاميع الإرهابية"، مشيرًا إلى أن "هذه العملية جاءت ردًا على مهاجمة مسلحين لنقاط تفتيش عدة تابعة للقوات الأمنية، تمكنوا خلالها من السيطرة على هذه النقاط"، موضحًا أن "العملية لم تنتهي بعد، وماتزال هناك اشتباكات متفرقة، في مناطق عدة، سوف يتم الإعلان عن حصيلتها النهائية، بعد القضاء على الإرهابيين".
أرسل تعليقك