توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإعلام المغربي بين محكّ الانتخابات التشريعية وتداعيات "كورونا" في لحظة إعلامية بامتياز

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الإعلام المغربي بين محكّ الانتخابات التشريعية وتداعيات كورونا في لحظة إعلامية بامتياز

وزارة الاتصال (الإعلام)
الرباط ـ العرب اليوم

يشهد المغرب في الثامن من أيلول/ سبتمبر الجاري تنظيم الانتخابات التشريعية والجماعية (البلدية) والجهوية، وهي أول استحقاقات منذ استقلال المغرب عام 1956 تجرى في يوم واحد.
وبغض النظر عن السياقات السياسية والاجتماعية لهذه الانتخابات، التي تنظم في ظل تداعيات جائحة «كوفيد - 19» وتفشيها الواسع هذه الأيام، فإن هذه الانتخابات، التي عدها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه يوم 20 أغسطس (آب) الحالي بأنها «ليست غاية وإنما وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية»، تكتسي طابعاً صحياً ولوجيستياً خاصاً في ظل هذه الظروف. هذا الواقع يتطلب مجهوداً مضاعفاً من جانب الهيئات السياسية المتنافسة فيها، والبالغ عددها 32 حزباً، مما يحتم على وسائل الإعلام إدراج المتغيرات الوبائية الطارئة بعين الاعتبار، والعمل على إبداع أنماط جديدة في التواصل مع الكتلة الناخبة، والرأي العام بحيث يتمكن الإعلام من تمرير رسائل، في هذا الزمن الانتخابي الذي يعتبر لحظة إعلامية بامتياز.

وحقاً، تولي الهيئات السياسية المغربية المشاركة في الانتخابات، اهتماماً أكبر بالإعلام العمومي المسموع والمرئي، مقارنة مع اهتمامها بوسائل الإعلام الأخرى. كذلك هو شأن الإدارة الانتخابية التي تلجأ بدورها للإعلام العمومي للتعريف بالمقتضيات القانونية والمساطر التنظيمية كي يكون الناخبون والمرشحون على بينة من التدابير المتخذة، فضلاً عن حثها الناخبين في وصلات إعلانية على التوجه إلى صناديق الاقتراع. في هذا الإطار، قال الإعلامي المغربي المخضرم الصدّيق معنينو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه مع اقتراب موعد الانتخابات: «تتجه الأنظار إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة لمعرفة استعداداتها لتنشيط الحملات الانتخابية واستضافة ممثلي الأحزاب لمناقشة برامجهم والاطلاع على مقترحاتهم في مختلف الميادين». وذكّر بأن «التلفزيون المغربي والإذاعة الوطنية، ثم لاحقاً القناة الثانية، كانت انطلاقاً من ثمانينات القرن الماضي، القنوات الوحيدة التي تخصّص حصصاً يقدم خلالها ممثلو الأحزاب السياسية عروضاً حول برامجهم الانتخابية. أما الآن فقد تعددت القنوات التلفزيونية والإذاعات العمومية الخاصة، ونتج عن ذلك خلق مساحات جديدة للمشاركة والنقاش».

ويتابع معنينو - الذي هو أيضاً وكيل سابق لوزارة الاتصال (الإعلام) - فيقول إنه «رغم هذا الغنى في العرض توجد صعوبات لا بد من مراعاتها، منها الشعور القوي لدى الرأي العام بأن أهداف الأحزاب السياسية لم تعد ملتزمة بقضايا الجماهير، بل أصبحت المنافسة قوية على المقاعد لاستغلالها في أغراض شخصية». ثم يضيف إن «القنوات العمومية فقدت الكثير من جاذبيتها ومصداقيتها بعدما أدارت ظهرها لاهتمامات الناس وقضاياهم ومعاناتهم... وهذا، فضلاً عن ظهور وسائل تواصل اجتماعي أصبح لها تأثير كبير يوازي أو يفوق تأثير وسائل الإعلام العمومي. بل أكثر من هذا، أضحت لهذه الوسائط أدوار تواصلية جديدة يصعب التحكم فيها أو توجيهها، وهي في غالبيتها تدعو إلى مقاطعة الانتخابات وتنتقد بشدة قيادة الأحزاب».

ثم يتطرق معنينو إلى تأثير «كوفيد - 19» ليقول: «تضاف إلى هذه الصعوبات، هناك الأزمة الصحية التي ستعيق الحملة الانتخابية، مما سيحرم الأحزاب من فرص تنظيم تجمعات جماهيرية، كما كان الشأن في الانتخابات السابقة». ومن ثم يتساءل: «ماذا يمكن فعله الآن على بعد أسابيع قليلة من يوم الاقتراع لحث المواطنين على التوجه إلى صناديق الاقتراع... علماً بأن العزوف ظاهرة عالمية تمس مشروعية البرلمانات، وتعكس رفضاً مجتمعياً للعملية الديمقراطية الانتخابية؟» واستطراداً، يطرح تساؤلاً ثانياً هو: «ماذا يمكن فعله لضمان مشاركة مشرّفة حتى يحظى الاقتراع بالمصداقية ويساير الجهود المتواصلة لبناء مغرب ديمقراطي يسعى لإقامة دولة حديثة ديمقراطية ومتطورة؟».

على هذين التساؤلين يجيب معنينو مقترحاً: «تعبئة شاملة لوسائل التواصل تهدف إلى إبراز أهمية الانتخابات، وتنظيم برامج ولقاءات حوارية بمشاركة الأحزاب والجمعيات وأساتذة الجامعات لمناقشة قضايا تهمّ الرأي العام كالبطالة ومشاكل التعليم والصحة والحياة الديمقراطية، مع الاستعانة بصحافيين متخصصين يحظون بالاحترام». و إذا كان الإعلام شريكاً وفاعلاً أساسياً في البناء الديمقراطي، وطبعاً في لحظة الانتخابات - بما تمثله من محطة حاسمة في التعبير عن الإرادة الشعبية بهدف انبثاق مؤسسات تعكس اختيارات الناخبين -، فإن حزب التقدم والاشتراكية (يساري معارض)، ينتقد بشدة ممارسات بعض المنابر الإعلامية التي تخترق بفعل سلطة المال هذه الاستحقاقات الانتخابية، حسب ما ذكره كريم تاج، عضو الديوان السياسي للحزب، والمسؤول عن التواصل فيه.

وذكر تاج، الذي تولى تدبير وزارة الإعلام والاتصال في تجربتين حكومتين سابقتين مع الوزيرين نبيل بنعبد الله وخالد الناصري، أن «دور الإعلام يتعاظم سلباً أو إيجاباً، في مواكبته للتنافس بين الأحزاب والمرشحين، حيث تظل القواعد الأساس المؤطّرة للفعل الإعلامي من موضوعية وحياد ومهنية وتقصي الحقيقة هي المُحدِّد في الحكم على دور هذا الفاعل والشريك في عملية البناء الديمقراطي». وأوضح تاج: «إذا قمنا بتنزيل هذا التحليل، البديهي والمتعارف عليه، على استحقاقات الثامن من سبتمبر بالمغرب يمكن أن نسجل، بأسف شديد، أنه باستثناء منابر قليلة لا تزال تتمتع بالحد المطلوب من المهنية، فإن ما يحصل من اختراق غير مسبوق للحقل الإعلامي بفعل سلطة المال أساساً، يدفعنا إلى القول إن دور الإعلام جرى تحريفه عن مقاصده السامية المتمثلة في الوقوف على نفس المسافة من مختلف الأحزاب المتنافسة في الانتخابات المقبلة».

أما هشام كزوط، الأستاذ الباحث في قضايا الإعلام والتواصل الاستراتيجي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في وجدة (شمال شرقي المغرب)، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المسؤولية الاجتماعية للإعلام تتضح أكثر، وتتعاظم، خلال رصد تدخلات الأحزاب السياسية أثناء فترات الحملات الانتخابية بنوع من النزاهة والحياد والتقيد بالضوابط الأخلاقية والمهنية للإعلام... الذي يعد منصة للتغطية الموضوعية وفق مبادئ التعددية والتوازن بعيداً عن إملاءات السلطة وإغراءات المال». وفي نظر كزوط: «الإعلامي هو بمثابة المثقف العضوي، الذي يجعل من الإعلام فضاءً عمومياً... يسهم في النقاش السياسي العلني الحر القادر على بناء الصرح الديمقراطي.

وباعتبار أن الطريقة التي يفسّر بها المواطنون الرسائل السياسية ترتبط أساساً بالمدى الذي تؤثر به وسائل الإعلام على المواقف السياسية والسلوك الانتخابي، إبان فترة الحملات الانتخابية، فإن أي انتخابات ديمقراطية لا تستقيم من دون ضمان حرية الإعلام لحماية شفافية العملية الانتخابية. إلا أن كريم تاج يستدرك هنا فيقول: «طبعاً يبقى لوسائل الإعلام العمومي الدور الأساسي في هذه المرحلة»، معرباً عن اعتقاده أنه «على العموم، ومع تسجيل بعض التأخير في انخراط مؤسسات الإعلام العمومي في تنشيط وتأطير النقاش السياسي الضروري تحضيراً للانتخابات المقبلة، فإن ما جرى ويجري منذ بداية فترة ما قبل الحملة الانتخابية، يمكن تقييمه إيجاباً لجهة الرفع من المشاركة التي تعتبر التحدي الأهم الذي يواجهنا جميعاً... دولة ومجتمعاً».

ويلاحظ كزوط أنه على خلاف الطرح النظري فإن الرؤية التحليلية والنقدية لواقع تعاطي الإعلام المغربي مع الحملات الانتخابية تمهيداً لاقتراع الثامن من سبتمبر المقبل «تشهد انزياحاً عن الممارسة المهنية الموضوعية... ولنا أن نقف عند جملة من الحقائق من خلال تحليل واستقراء الرسائل الإعلامية التي بثت خلال شهر أغسطس (آب) الحالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمتعلقة بانتخاب أعضاء الغرف المهنية». واستناداً إلى دراسة كمّية حول نمط المادة الإعلامية، ومدة البرامج ونوعية المعالجة الفنية، وطبيعة القضايا الرئيسية المتناولة خلال التغطية والأهداف المرتقبة منها، وكذا أساليب الإقناع واتجاه المعالجة والجمهور المستهدف، سجل كزوط جملة من التجاوزات منها غياب العديد من القوالب الفنية للبرامج الإعلامية كبرامج الحوارات والمقابلات وشكل التحقيق والتقرير الإخباري والتعليق الإخباري أو البرامج الإخبارية الخاصة. وأفاد الأستاذ الباحث أنه بدلاً من ذلك يُلاحَظ الاكتفاء فقط ببرامج التعبير المباشر، أو الاستضافة في النشرات الإخبارية وبرامج تغطية التجمعات الانتخابية بشكل تقليدي ورتيب، مع تخصيص حيّز زمني أقل للبرامج المتعلقة بالمداخلات الحزبية على حساب بقية البرامج الأخرى.

وسجّل كزوط وجود «تعتيم ممنهج للمعطيات الحقيقية، على مستوى المضمون منها اللائحة الانتخابية، ناهيك من معطيات أخرى أكثر أهمية، مما يجعل النقاش عقيماً وسابقاً لأوانه، بل يخلق نفوراً وفتوراً وغياب النقاش السياسي الحقيقي في المضامين الإعلامية». ومن ثم اعتبر أن هذا الواقع «يفتقد إلى الجرأة والشفافية في الكشف عن الحقائق وتوضيح الرؤية المستقبلية للحزب المعني، فكأنك أمام أحزاب مستنسخة تروج لخطاب آيديولوجي نفسه، مع تغييب المثقف العضوي من أكاديميين وإعلاميين ذوي الاختصاص في هذا النقاش».

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وزارة الاتصال المغربية تصدر تقريرها حول جهود النهوض بحرية الصحافة عام 2015

مراكش تستضيف أعمال المنتدى الإعلامي الخاص بالقارة الأفريقية

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام المغربي بين محكّ الانتخابات التشريعية وتداعيات كورونا في لحظة إعلامية بامتياز الإعلام المغربي بين محكّ الانتخابات التشريعية وتداعيات كورونا في لحظة إعلامية بامتياز



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon