القاهرة ـ سعيد فرماوي
أكدت صحيفة "الأهرام" المصرية في تقرير أعدته على مدار الأيام الماضية، أنّ القنوات الفضائية ناقشت واقعة التحرش في ميدان "التحرير" التي ظلت من وقتها وحتى الآن، محل اهتمام الرأي العام وحظيت بمساحات واسعة من المتابعة على الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة التي بثت ردود الفعل الغاضبة من جراء هذه الفعلة الشنعاء، حيث اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض لتناول الفضائيات للموضوع، وطالب البعض بتناول أكثر إيجابية أكده خبراء الإعلام.
ويذكر وكيل كلية الإعلام في جامعة القاهرة للدراسات العليا الدكتور محمود علم، أنه كان من الأفضل في تناول هذه الحالة أن تتم مناقشتها كقضية عامة وليست فردية لاحترام السيدة التي تعرضت للتحرش، وعدم التطرق لحياتها الشخصية والأسرية بالتفاصيل المملة التي تسيء للموقف أكثر من اللازم.
ويتابع علم، أن قضية "التحرش" تحتاج إلى معالجات فورية من العديد من الجهات سواء الإعلامية أو الاجتماعية أو السياسية أو الأمنية ولا يمكن مناقشتها بهذا الشكل على أنها حالة فردية، فهي ظاهرة تستحق أن تقف الدولة بالمرصاد لها، مع تطبيق القانون بشدة، مؤكدًا "أرى أن الإعلام بذل جهدًا كبيرًا في متابعة هذه الحالة ولكنني ضد نشر صور أو استضافة من تعرضت للتحرش، فهذا يسئ لها ولأسرتها نفسيًا واجتماعيًا"، موضحًا أنّ "مشهد ميدان التحرير له دلالات سياسية، حيث يأتي بعد ساعات من فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى بمنصب رئيس الجمهورية ويأتي أيضًا بعد المشاركة الكبيرة للمرأة في الانتخابات".
وأكد الدكتور حسن عماد مكاوي، "أن الإعلام ارتكب خطأً جسيمًا من الناحية المهنية والأخلاقية في تناوله حادثة التحرش بفتاة التحرير".
وبين مكاوي، أن "معايير المهنة تقتضي عدم نشر صور القتلى والجرحى وحالات الاغتصاب، بينما الإعلام في بلدنا لم يمارس الضوابط تمامًا وهو ما يمثل انتهاكًا لحقوقية الأفراد ويشكل قدرًا من التشهير، فالضحية التي يجب أن يقف معها المجتمع يسئ إليها الإعلام، أما عن كثافة تناول القضية فهو أمر محمود ولكن بشرط توافر المهنية في اختيار الشخصيات التي يستضيفها لتقديم حلول للمشكلة والتصدي لها".
وكشف أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة الدكتور سعيد عبد العظيم، أنه "في مثل هذه الحالات يجب ألا يسهب الإعلام في التناول ويجب التركيز على الحالة في أضيق الحدود، فكثرة عرض المشهد والتدافع في ميدان التحرير حول إحدى الفتيات يجب ألا يتكرر عرضه على الفضائيات أكثر من مائة مرة في ليلة واحدة، فهذا المشهد يسبب حالة نفسية وعصبية للفتاة، ربما يؤثر عليها على مدى حياتها بالكامل، وهنا تكمن خطورة العرض غير المتوازن".
فيما ترى الناقدة ماجدة خير الله، أن "مناقشة الفضائيات لمثل هذه الحالات أو الظاهرة هو شيء ضروري جدًا وعدم مناقشته والتعرض له بجرأة يعتبر كارثة في حق المجتمع"، لافته إلى أنه "ليس لدينا ما نخفيه داخليًا ولا خارجيًا، مشاكلنا معروفة للجميع ولابد من بث كل الحقائق عن أي واقعة تحرش أو سلبيات أخرى حتى تكون معلومة أمام الرأي العام والمسئولين لاتخاذ القرارات اللازمة تجاهها في أسرع وقت ممكن".
وأوضحت خير الله، "أن التناول الإعلامي الجريء للحالة الأخيرة في ميدان التحرير جعل هناك اهتمامًا من كل المجتمع والمسؤولين، وهذا هو دور الإعلام الحقيقي الذي يصل بقوة حتى يكون حلقة الوصل بين الشعب والحكومة، ولا أخاف من نغمة سمعتنا في الخارج لأن الخارج يعرف كل كبيرة وصغيرة عنا وعن ظروفنا في كل المجالات والتكتم والتجاهل والتعتيم يضر أكثر مما يفيد".
أرسل تعليقك