لندن - مصر اليوم
هل الجامعات أكبر من أن تفشل. في الوقت الذي يجتاح فيه «كوفيد - 19» العالم، بعض الجامعات البريطانية التي تعتمد بشكل كبير على الطلاب الأجانب والدورات الصيفية للحصول على عائداتها، تحدق في المجهول. إن سمحنا لجامعة بالإفلاس فسيكون ذلك مدمرا للطلاب في منتصف دوراتهم التعليمية، ولبعض الاقتصادات المحلية. كان التعليم العالي محوريا في التجديد الحضري، ونما بسرعة مقاربة لنمو قطاع التكنولوجيا. جامعة مانشستر لديها 39 ألف طالب. وكلية لندن الجامعية 38 ألف، وهو ضعف ما كان عليه العدد منذ عقد.
مع ذلك، طلب القطاع لخطة إنقاذ بقيمة سبعة مليارات جنيه استرليني يبدو مبالغا فيه بعض الشيء. الجامعة الجيدة شيء لا يقدر بثمن. يمكنها أن تعزز روح الاستطلاع والتدقيق، التي نراها بين العلماء الذين يكافحون فيروس كورونا. لكن الجامعات تلعب لعبة خطيرة. اتبع كثير منها استراتيجية توسع عالية المخاطر، وهي تثقل أنفسها بالديون لجذب الطلاب الأجانب، ومعاملة الطلاب كأنهم أبقار حلوبة. ليس من البدهي أن يتكبد دافعو الضرائب في المملكة المتحدة المخاطر المالية لسد ما سيكون ضربة قصيرة الأجل للإيرادات، أو ليس دون مقابل.
كما أنه ليس ذنب الجامعات بالكامل أنها في هذا الموقف. شجعها المنادون بفرض رسوم على التعليم الجامعي أن تتصرف كأنها شركات. في مواجهة خسارة الإيرادات الحكومية الأخرى، إلى جانب ارتفاع التكاليف، سعت إلى أن تصبح جزءا من السوق. لسوء الحظ، قرر كثير منها أن هذا يعني دفع رواتب ضخمة لنواب الرؤساء وتوظيف كبار المديرين المكلفين. بين عامي 2005 و2018 ارتفع عدد موظفي التسويق الجامعي والعلاقات العامة أسرع تسع مرات من عدد الأكاديميين.
أصبح الأساتذة يمثلون جزءا صغيرا من سباق جذب العملاء المربحين - يمكن فرض رسوم على الطلاب الأجانب تبلغ ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما يفرض على الطلاب المحليين. للعثور عليهم، لجأت بعض الجامعات إلى دفع أجور لوكلاء. وفقا لوكالة إحصاءات التعليم العالي، ربع إجمالي الطلاب في جامعات المملكة المتحدة هم الآن من الخارج. في حين من الصحيح البحث عن الأفضل والأذكى، إلا أن التأثير في معايير توسيع أعداد الطلاب الجامعيين كان مشكوكا فيه في أحسن الأحوال. كان هناك انفجار في العروض غير المشروطة المقدمة للمراهقين في مدارس المملكة المتحدة، ما أدى إلى مخاوف بعض الطلاب مما يمكنهم تحقيقه في المستوى A. "أعوام التأسيس" التمهيدية للطلاب من ذوي الدرجات الأدنى تعد مصدرا آخر للدخل الإضافي للمؤسسات. "مراجعة أوجار 2019" للتعليم ما بعد سن 18 عاما أوصت بإلغائها، حيث توجد دورات مماثلة بالفعل في كليات التعليم الأخرى بجزء من التكلفة.
كثير من المؤسسات لم تنتقل فعليا لفهم عملائها، على الرغم من الانتقال إلى أنموذج السوق. فبعضها يكدس الطلاب، ويقدم وقتا قصيرا جدا للتواصل مع الأكاديميين. وفقا لمعهد سياسة التعليم العالي، يقول أقل من نصف الطلاب الجامعيين في المملكة المتحدة إنهم يحصلون على قيمة جيدة مقابل ما يدفعون، وربما يكون هذا أكثر من مجرد تعليق على مشروب في بار اتحاد الطلاب. عندما أشرفت على طالبة من إحدى جامعات لندن قبل بضعة أعوام، وجدت أنها غالبا ما تكافح لمعرفة ما كان من المفترض أنها تعمل عليه. كانت دراستها مليئة بالمصطلحات اللغوية، وتغير مشرفها بشكل متكرر، وكان دعم الصحة العقلية في حده الأدنى. كانت تجربة محبطة. وكونها الأولى من عائلتها التي تذهب إلى الجامعة، كانت تستحق أفضل من ذلك بكثير. المفارقة هي أن الرسوم الدراسية كان من المفترض أن تجعل الجامعات أكثر استجابة للطلاب، بحيث يؤدي اختيار الطلاب إلى رفع المعايير وتوفير مجموعة أوسع من الخيارات. لكن بدلا من رؤية وفرة من الدورات المنظمة بشكل مختلف وبأسعار مختلفة، رأينا اندفاعا شبه موحد لرفع الرسوم على شهادة الأعوام الثلاثة التقليدية المحبوبة من قبل الآباء.
بدلا من الاستثمار في التدريس، عمد عديد من المؤسسات إلى تحمل الديون لبناء مرافق جديدة: القاعات الرياضية والمكتبات وشقق الطلاب - لا شك في أن كثيرا منها مرحب به، لكن ليس كل شيء ضروريا. تضاعف الاقتراض من قبل الجامعات ثلاث مرات ليصل إلى 12 مليار جنيه استرليني بين عامي 2010 و2018، مع استمرارها في زيادة ديونها حتى بعد عدم اليقين الناشئ عن التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في حين أن صانعي السياسة يحاولون التشدد أكثر من أي وقت مضى لتحسين فرص الأطفال الأذكياء من البيئات الفقيرة في المملكة المتحدة، فإن أسهل طريقة للمؤسسات لتحسين مواردها المالية هي تقليل العدد الإجمالي للبريطانيين.
تسبب الوباء بالفعل في قدر كبير من الغموض بين المرشحين من المستوى A لهذا العام بشأن درجاتهم وعروضهم الجامعية. سيكون الأمر محبطا إذا رأت مؤسستهم المفضلة إغلاق أبوابها. من المرجح أن يحدث هذا إذا سعت الجامعات ذات المستوى الأعلى إلى استغلال بعضها بعضا، والقنص من المؤسسات الأدنى ترتيبا لملء الفراغ الذي يتركه الطلاب الأجانب. يكشف هذا عن المعضلة الأساسية: إما أن تكون هناك سوق تتنافس فيها الجامعات على الطلاب وبعضها قد تبذل كل ما تستطيع؛ وإما أن تتعاون الجامعات معا خلال هذه الأزمة. لا يمكن للقطاع أن يحظى بكليهما بمجرد المطالبة بخطة إنقاذ.
في 2018، مايكل باربر، رئيس مكتب الطلاب ومنظم رقابي في التعليم العالي، حذر الجامعات من توقع خطط الإنقاذ، بعد تقرير مفاده أن ثلاث جامعات كانت على حافة الإفلاس. في حين أن الوباء حالة طارئة غير متوقعة، فإن السير مايكل سيكون على حق في مطالبة أي مؤسسة تحصل على دعم بالاستثمار في عرضها للطلاب، وليس في التسويق. مع وجود أربع جامعات مصنفة ضمن أفضل عشر جامعات على مستوى العالم، ليس لدي شك في أن مستقبل بريطانيا يعتمد على كونها قوة بحثية عالمية. لكننا بحاجة إلى تعليم يجاري ذلك. *زميلة في جامعة هارفارد ومستشارة لإدارة الصحة والرعاية الاجتماعية في المملكة المتحدة.
قـــــــــد يهمك أيــــــــــضًأ :
البرلمان المصري يكشف عن مفاجأة سارة لمعلمي رياض الأطفال
التعليم تؤكد أنها تدرس قرار الرئيس السيسى بتأجيل الدراسة لمدة أسبوعين
أرسل تعليقك