لندن ـ ماريا طبراني
ألقى داني دورلينغ، محاضرة في مجلس العموم احتفالًا بذكرى أحد مناصري المدارس العامة، والذي توفى عام 2000، قائلًا "حسنت المدارس العامة حياتنا، والدليل على ذلك أنها الأفضل لأطفالنا ولنا جميعًا، وهذا هو السبب الذي دفع نحو 60 منظمة بينهم الجمعية الملكية، لدعم الفنون والصناعة والتجارة أسمائهم على رسالة مفتوحة في أكتوبر/ تشرين الأول، لحظر بقاء المدارس النحوية الجديدة، ومن الممكن تحديد مجموعة فرعية من المدارس النحوية، لأن أقلية من الأطفال من خلفيات فقيرة في هذه المدارس الصغيرة، يحصلون على نتائج أفضل في الثانوية العامة، لكن هذا لا يثبت أن نموذج المدارس النحوية جيد بشكل عام".
وأضاف دورلينغ "لا يشكك ذلك أيضًا في المدارس الإنجليزية التي عادة ما تحصد أعلى الدرجات في الامتحانات، وإن أردنا الحصول على طلاب جيدين في أداء الامتحان، فإن هذا ليس ما نحتاجه كدولة، نحن نفتقر إلى البالغين الذين لديهم مجموعة واسعة من المهارات ويدركون قدرات وإسهامات بعضهم البعض، ووجود المدارس النحوية لا يؤذي التعليم فقط، لكنه أيضًا يؤذي المناطق المجاورة، وعلى الرغم من ذلك يشجع الناس إنشاء المدارس النحوية بنسبة 38%، وهناك 61% من خريجي المدارس النحوية، يرغبون في بناء المزيد منها، وتعدّ حجة مدارس القواعد مثل حجة الخروج من الاتحاد الأوروبي، فالأمر يتعلق بأشخاص يرغبون في الحصول على ما هو أفضل مما لديهم في الوقت الراهن، مع الاعتقاد بأن العودة للماضي تمثل تحسنًا مع عدم تصديق الخبراء، ولا ترغب غالبية الناس في إنجلترا في الدفاع عن التعليم الشامل لفترة السبعينات، كما لا يريدون الدفاع عن مجلس السكن أو وجود خدمات صحية لكبار السن كما في فترة السبعينات، فالناس يريدون شيئًا أفضل مما هو معروض بالفعل، كما أنهم ليسوا أغبياء ليعتقدوا أن أطفالهم سيمروا بفترة 11+، مثلما فعل الأميركيون وصوتوا لترامب لسوء الحظ، ويمكن القول أن زيادة النزعة الفردية في بريطانيا أضرت بتفكيرنا الجمعي".
وتابع دورلينغ "لا يريد الناس أن يحضر أطفالهم في مدرسة عامة، تعاني من نقص في التمويل بعد سنوات من التخفيضات الخفية، وراء فكرة التعليم المُقيد، إنهم لا يريدون إدخال أبنائهم إلى مدارس معظم المعلمين فيها من الشباب، بسبب زيادة معدل تغير الموظفين، كما أن القليل من الأطفال لديهم آباء من الطبقة الوسطى، ولا يريد الناس أن يجبر أبنائهم على دخول الامتحان ما يعني أن حصولهم على c أو b يؤدي إلى عدم قدرتهم على الانضمام لجامعة جيدة، وهو ما يعني الفشل، وليس من المستحيل أن يرى بعض الآباء عودة المدارس النحوية، كفرصة للحصول على مدارس حديثة لنسبة كبيرة من الأطفال، الذين يشعرون بالملل من دفعهم إلى الالتزام بالمناهج الوطنية والحصول على الكثير من الواجبات المنزلية، ما يجعلهم يُعاملون كما لو كانوا مشكلة للمدرسة، الأمر مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فالخيار كان بين العمل كالمعتاد أو التغيير، والعمل كالمعتاد حاليًا أصبح معقدًا بين مجموعة من المدارس والكثير منهم أكاديميات الأن، بينما يتضمن العمل كالمعتاد الاختيار في عمر 16 عامًا، لأن الأكاديميات حاليًا ترفض قبول الطلاب الذين لم يحصلوا على درجات عالية، بما يكفي في الثانوية العامة في مجموعة واسعة من المواد".
واستطرد دورلينغ "أنه السوق الذي يقرر ما الذي يجعل درجات الطالب عالية، بما يكفي للبقاء في الأكاديمية في عمر 16 عامًا، وأن لم يحصل الطالب على درجات عالية بما يكفي في الثانوية العامة، فلدى الوالدين بضعة أيام فقط للسماح للسوق التعليمي في بلدهم، بإيجاد بديل لطفلهم، مالم ينضم الإبن إلى تدريب مهني في جامعة تقني في عمر 14 عامًا، بحيث يمكنه الذهاب إلى الجامعة، ويحتاج الأطفال إلى تحديات مختلفة في أعمار مختلفة، وهناك بلدان أخرى تفهم ذلك لكن هذا لا يعني أنه يجب عليك أن تكون في مدرسة مختلفة".
وأردف دورلينغ "حققت بريطانيا تاريخيًا كبيرًا في توفير الخدمات العامة، عندما اضطرت للقيام بذلك، وقدمت الخدمات الصحية الوطنية عام 1948، جزئيًا لأن الطبقة المتوسطة لم تعدّ قادرة على تحمل رسوم أطباء القطاع الخاص، ودخلت المدارس العامة إلى البلاد في السبعينات، عندما لم تعدّ الطبقة الوسطى قادرة على تحمل تكاليف التعليم الخاص، إذا فشل ابنهم في 11+، ونحن نواجه أزمة مالية حاليًا بسبب تداعيات الانهيار المالي 2008، التعليم الانتقائي غير فعال ومكلف، وكذلك المدارس الأكاديمية، كما أنه عرضة لمخاوف بشأن الفساد والآثار السلبية المترتبة على المنافسة على المدى القصير، لزيادة الدرجات، ويتم خدمة الأطفال بشكل أفضل في دول مثل فنلندا التي لا يوجد فيها منظمة تعادل أوفستد، ويتم إجراء اختبار عشوائي، لعمل الطلاب لتقييم أداء المدرسة وليس الطلاب، وما زال أمامنا شوطًا طويلًا لنقطعه لتحقيق نجاح مثل النموذج الفنلندي في التعليم".
وأوضح دورلينغ، قائلًا "هناك فرق كبيرة للإدارة العليا في المدارس البريطانية، ولكن هل تحتاج المدارس المجاورة حقا إلى فريقين منفصلين للإدارة العليا، أم يمكن لفريق واحد القيام بعمل أفضل مع إمكانية نقل المعلمين والتلاميذ بين المواقع؟، وإذا أزلنا المنافسة بين المدارس المجاورة يمكننا الحد من الوصم الذي أصاب المدارس المحلية على مر عقود، وبدا هذا الوصم في الانتشار على نطاق واسع في اجتماعات المدارس في التسعينات، وإذا تم جمع المدارس الحكومية تحت هيئة إدارية واحدة، يمكن في هذه الحالة تصنيف المدينة ككل، وينبغي علينا أن نسعى لتمويل المدارس الحكومية، كما يحدث في فنلندا لكل طفل لكن ذلك طموحًا بعيد المدى، لدينا فرصة ضئيلة للوصول إلى ما نطمح إليه، وفرصة أيضًا للعودة إلى الأيام القديمة سيئة الاختيار، وربما تعتقد أن هذا التعاون لا يمكن أن يحدث، لكنه بدأ بالفعل بين 800 مدرسة في بريطانيا، وبدأت هذه المدارس بالفعل في التنظيم إقليميًا لمزيد من الخطط الممكنة لعام 2017".
وذكر دورلينغ أنه تم إنشاء أول مدرسة عامة قبل أن تسود هذه المدارس، ولا زالت أول مدرسة تعاونية هنا بالفعل، لكننا نحتاج الأن إلى توضيح أننا في حاجة إلى أطفال ثم بالغين، يفهمون أنه هناك المزيد لتعلمه، بدلًا من مجرد الحصول على درجات في الامتحان". وتقول الكاتبة سوزانا روستين أن المدارس التعاونية، هي مدارس حكومية ابتدائية أو ثانوية اختارت لنفسها جزئيًا أو كليًا الخروج عن نطاق سيطرة السلطة المحلية وحولت نفسها إلى مدرسة تعاونية، مع التزام أعضاء هيئة التدريس بقيم الحركة التعاونية، وبدأ التعليم التعاوني في شمال إنجلترا في عام 1830 باعتباره من أوائل مشاريع المؤيدين الأوائل للحركة، وكان هناك 811 مدرسة تعاونية منها 139 مدارس ثانوية و700 مدرسة أساسية، والتي تلتزم بقيم تعاونية مثل المساعدة الذاتية، والمسؤولية الذاتية والديمقراطية، والمساواة والإنصاف، والتضامن المكتوبة، في دساتير الجمعيات والصناديق التي تملك أرض المدارس وأصولها، وتحكم بعض الجمعيات مدرسة واحدة، ولكن بعضها يشتمل على مدرسة ثانوية أو مجموعة من المدارس الابتدائية، التي ترغب في العمل معًا مثل منظمة Coastal Alliance في كينت والتي تشكلت في وقت سابق من هذا العام".
وسعت بعض المدارس التعاونية الأولى للحصول على مزيد من الحكم الذاتي أكثر من ذلك، الذي منحته لها الجمعيات الخيرية، وفي عام 2010 أقرت وزارة التعليم تحويل المدارس التعاونية إلى أكاديميات، واليوم هناك 74 مدرسة تعاونية من الأكاديميات، ويصف كارل وارد رئيس جمعية المدارس التعاونية، السنوات القليلة الماضية باعتبارها فترة نمو هائل، كما انضمت اثنتان من المدارس الابتدائية لكنيسة إنجلترا للجمعية، التي يقودها وارد في ستوك وأصبحت أول مدرسة دينية تعاونية.
ويمكن رؤية مشروع المدارس التعاونية، كتمرد ضد سياسات التعليم الموجه نحو السوق منذ 30 عامًا مضت، ويضيف وارد "في الداخل إنه ليس تمردًا سياسيًا ولكن ثقافيًا"، وفي عام 2008 تحدث ديفيد كاميرون على إنشاء مدارس تعاونية، وعلى الرغم من رؤية البعض للجمعيات الخيرية كوسيلة للعناية بالأكاديميات، يوجد الأن 12 أكاديمية خيرية تدريس نحو 80 مدرسة.
ويشير تطوير المدارس إلى رفع معايير قياس نتائج الامتحانات واجتماعات المدارس، ما يعني التقدم للأمام لرؤية ما يمكن أن تفعله المدارس التعاونية في المجتمع مع وجود 7 منظمات إقليمية تقوم بتشكيل فريق تحسين المدارس، وبالطبع فإن المدارس الرسمية التي صممت على التعاون لا تحتكر الأفكار التي تبنتها المدارس التعاونية. وتقول راشيل سناب مديرة مدرسة سبينس في كامبريدج "على الرغم من بقاء المدرسة مع السلطة المحلية، أشعر أنه لدينا قيم التعاون جزء منها، إضافة إلى التضامن والوحدة وغيرها".
وأوضح ستيف واتسون معلم الرياضيات والمحاضر في جامعة كامبريدج، أنه يدعم المدارس التعاونية، لأنه يعتقد أنها تدعم تطوير مهنية المعلمين، وهو ما يعدّ أحد مجالات اهتماماته البحثية، مضيفًا "الحكم الذاتي للمدارس يعني استقلالية مديري المدارس، كما أن وجود عضو ديمقراطي واحد وصوت واحد تعدّ من المبادئ التعاونية، وأعتقد أن المسائلة المركزية للنظام الحالي والتركيز على الأهداف، والقياس تصعب من تنفيذ هذه الأفكار، وأعتقد في رأي الخاص أن المدارس أكثر تعاونية في الاسم فقط، أكثر من تحقيق الديمقراطية في مكان العمل".
واختتم وارد حديثه، قائلًا "ما تحاول المدارس التعاونية فعله هو معاملة الموظفين بشكل عادل مع الاشتراك في مستويات أجور توافق عليها النقابات"، وتحاول الحكومة في الوقت الحاضر التحرك نحو نظام قائم على المهارات لإدارة المدارس مع تعيين المحاسبين وغيرهم من المهنيين، على الرغم من تخطيط وزير التعليم جوستين غرينينغ، لإزالة حق أولياء الأمور في التمثيل في مجالس الإدارة، بينما يعتقد وارد أن النموذج التعاوني الذي يضم طلاب وموظفين وأولياء أمور وأعضاء المجتمع المحلي المنتخبين، في منتدى كهيئة إدارية للمدرسة هو النظام الأمثل، كما يجب على المدارس التعاونية أيضًا أن تستفيد من مساعدة الأعمال التجارية التعاونية.
أرسل تعليقك