توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحو 5 ملايين طفل في حاجة ماسّة للمساعدة في البلاد

ارتفاع نسبة الفقر والأمية بشكل لافت بين اليافعين في العراق

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - ارتفاع نسبة الفقر والأمية بشكل لافت بين اليافعين في العراق

عمالة الاطفال فى العراق
بغداد – نجلاء الطائي

يخرج حسين يوميا منذ الصباح الباكر حاملا معه بعض "السكائر" ليبيعها إلى الجالسين في المقاهي المتناثرة في منطقة الأعظمية، أحيانًا يستعطفهم لدفعهم إلى الشراء بالقول إن أمه تمنعه من العودة إلى المنزل قبل أن يبيع ما لديه من "بضاعة"، وحالة حسين ليست فردية أو معزولة عن عالم الطفولة في العراق، فالآلاف من الذين هم في مثل عمره أصبحوا يهيمون على وجوههم في الشوارع ساعات طويلة كل يوم للحصول على مبالغ صغيرة لا تتجاوز بضعة دولارات تسهم في دفع غائلة الفقر عنهم، كما أنه والكثير من أقرانه لم يدخلوا المدرسة ولا يعرفون القراءة والكتابة، ولعل شريحة الأطفال كانت الضحية الكبرى لكل حروب العراق وصراعاته، حيث بات الملايين منهم محرومين من الحياة الطبيعية بسبب النزوح وفقدانهم لذويهم ودمار مدنهم وقراهم، وما خلفه ذلك من فقر وأمية وتشرد.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، إن أكثر من 5 ملايين طفل في حاجة ماسة للمساعدة في العراق، واصفة الحرب مع تنظيم "داعش" رفعت نسبة تلك الاحصائية بسبب شدة تلك الحرب، وتثير الأرقام الرسمية العراقية مخاوف الكثيرين عن مستقبل الطفولة في هذا البلد، حيث ترتفع نسب الأمية والفقر بشكل لافت بين اليافعين، ويقع بعضهم ضحية لعصابات التسول والسرقة والمليشيات.

وتكشف أرقام وزارة التخطيط العراقية أن الأطفال يشكلون ما نسبته 11% من الأيدي العاملة في السوق المحلية، وهو ما يعده الباحث الاجتماعي سيف الجنابي "مدمرا لمستقبل الطفولة في العراق"، وازدادت ظاهرة عمالة الأطفال في العراق بشكل ملحوظ بعد عام 2003، وزارة التخطيط العراقية تقول إن واحداً من بين كل خمسة أطفال يعمل دون السن القانوني لإعالة نفسه وأسرته، وبحسب الوزارة أيضاً فان أعمار هؤلاء الأطفال الذين يزجون في سوق العمل مبكراً ليزاحموا البالغين، تتراوح أعمارهم ما بين (5 – 14) سنة.
وسقط مراد علي (10 عاماً) أرضاً أكثر من مرة متألماً لكنه لم يكن في طريقه إلى المدرسة بل سقط تحت حمل مواد البناء حيث يعمل لتحصيل قوت عائلته، ترك المدرسة قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي الجديد في العراق، إذ بدأ العمل لتحسين دخل عائلته بعد أن قضى والده بانفجار في العاصمة بغداد قبل عدة أشهر، والطالب في الصف السادس بات مطالبا بإعالة أسرته الصغيرة، اللغم الذي اغتال والده اغتال كذلك أحلام الصغير في إتمام تعليمه.

ارتفاع نسبة الفقر والأمية بشكل لافت بين اليافعين في العراق

يتحدث مراد والعرق يتساقط من جبينه والتعب سرق منه ملامح الطفولة، بشرته الناعمة باتت في خشونة ثيابه المهترئة، يخرج من بيته قبل أن تصحو الشمس ويعود بعدما تستقر في بياتها، ومحمد يقول عن حياته "لا أستطيع أن أرى عائلتي تعاني دون البحث عن أي عمل حيث كان عليّ أن أوفر الطعام لإخوتي ووالدتي التي تعتني بهم ولن أسمح أبداً أن تخرج هي للبحث عن عمل وأنا موجود"، وكونه الأخ الأكبر بين 3 أبناء صار يقضي 12 ساعة في حمل الأحجار والرمل مكتفياً بوجبة واحدة لا يتعدى ثمنها ألفي دينار، ليعود إلى أمه في بداية الليل يسلمها كامل أجره وهو (15) ألف دينار ويطمئن على "صغاره" قبل أن يأوي إلى جوارهم محتلاً نصيبه من الفراش.

وقصة مراد  ليست الوحيدة لصغار عملوا ليعيلوا أسرهم، اذ اعتاد حسن على حمل مطرقة تعادل نصف وزنه يهوي بها فوق قطعة من الحديد، تبدو وكأنها تحولت بفعل النار إلى قطعة حلوى، يشكلها بمطرقته وساعده كيف يشاء، وحسن طفل آخر لم يتجاوز 10 أعوام اكتسب الكثير من صفات الفولاذ والنار لكثرة ما اختلطا سويا، ويقول "رؤية أصدقائي يذهبون الى المدرسة تؤلمني ولكن ما باليد حيلة"، ويضيف حسن وهو يخفي على استحياء حرقا أصاب يده عندما التحق بالعمل في ورشة للحدادة في قلب بغداد منذ تسعة أشهر ينظر إلى كفه ببقايا براءة لم يفقدها بعد، أن "المسؤول عن الورشة قال لي حينها إن أثر الحرق سيزول قريبا ومنحني عشرة آلاف دينار لكنها لم تكن كافية لشراء علاج الحروق، أتمنى لو أستطيع العمل لساعات إضافية للحصول على اجر يعادل أجر والدي وأوفر له تكاليف الدواء الذي يحتاجه ليتعافى وأعود أنا الى المدرسة مرة أخرى".

وسامر (8 أعوام) قصة أخرى لطفل يعمل، إذ لم ير الطفل الذي فقد والده بانفجار سيارة مفخخة قبل ثلاث سنوات مقاعد الدراسة قط ولم يجلس عليها في يوم من الأيام، وذلك لتفرغه للعمل في ورشة خاصة بـ"النجارة"، مع أخيه الأكبر لكي يؤمن قوت عائلته، ويتقاضى الطفل الذي حمل عائلته على كتفيه منذ صباه، مبلغاً قدره (300) ألف دينار شهرياً، وبعد شهر كامل من العمل يدفعها بكل سهولة الى صاحب الدار الذي يسكن فيه برفقة والدته المريضة وأخواته الثلاثة، وبحسب الطبيب النفسي أحمد الرديني، يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثران ويؤديان إلى انخفاض في قدراته على القراءة والكتابة والحساب، إضافة إلى أن إبداعه يقل بالطبع، كما يقل التطور العاطفي.

وأكد الرديني وجود نوع آخر من أرباب العمل، الذين يستفيدون من عمالة الأطفال، لتسهل عملية استعبادهم في العمل، مردفاً بالقول إن "هذه الأعمال كافة ترهق وتثقل كاهل الطفل الهزيل، ما تنذر بحصول شيخوخة مبكرة لهم"، وأكّدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهي المؤسسة المعنية أكثر من غيرها بتنظيم العمل بأطر وقوانين رصدها انتهاكات ضد عمالة الأطفال دون السن القانوني المسموح به وهو (15) سنة.

ويقول المتحدث باسم الوزارة عمار منعم إن "هيئة رعاية الطفولة شكلت فريقا للحد من الظاهرة"، مشيراً إلى أن "من بين الإجراءات تحديد المناطق التي تتركز فيها عمالة الاطفال لانتشالهم من هذا الواقع"، وفي السياق ذاته يقول مسؤول شعبة مكافحة عمالة الأطفال في الوزارة طه محمود، إن "الشعبة تمتلك رؤيا واضحة وفق قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 اذ يحتم علينا رصد ومراقبة عمالة الأطفال"، ولفت إلى أن "الإجراءات المتبعة في حال وجود مخالفة تبدأ بتوجيه الإنذار لصاحب العمل وحسب الفقرة الثانية من المادة (95) من قانون العمل، وفي حال عدم امتثال أصحاب العمل يتم رفع مخالفتهم الى محكمة العمل لإصدار الأحكام بحقهم".

وقال مدير الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية العميد خالد المحنا، إن "فرق الوزارة تعمل على شكل مراحل في متابعة هذا الملف إذ أنها توافق على عمل الأطفال في سن صغير لكن في أعمال غير خطرة وذلك بسبب تدني الفقر في العراق، مضيفًا أن "فرق الوزارة تحاسب أصحاب الورش ذات المهن الخطرة على الموافقة على عمل الأطفال، وأحياناً تقوم بسحب تربية الأطفال من آبائهم في حال تكرار الأمر".

ويضمن قانون التعليم الإلزامي العراقي في المادة 15 التعاون بين وزارة التربية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لضمان تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعدم تشغيل الأحداث قبل إكمالهم الخامسة عشرة، وإخضاع المخالفين للعقوبات المنصوص عليها في قانون العمل، بينما نصت المادة (29) من الدستور العراقي‌ على أن تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى الناشئين والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم، فضلا عن حظر الاستغلال الاقتصادي للأطفال بصوره كافة وتتخذ الدولة الإجراءات الكفيلة بحمايتهم، لكن يبدو ان قصور تطبيق تلك القوانين تسبب في انتشار ظاهرة عمالة الأطفال وانخراطهم في مهن خطرة لا تتناسب مع أعمارهم وقواهم البدنية.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارتفاع نسبة الفقر والأمية بشكل لافت بين اليافعين في العراق ارتفاع نسبة الفقر والأمية بشكل لافت بين اليافعين في العراق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon