تعيش جميع دول العالم حالة من الفزع والذعر بسبب الانتشار السريع للفيروس المميت «كورونا» أو "كوفيد 19" الذي عطل حياة البشر وأوقف جميع الأنشطة والتحركات، وألقى بظلاله السوداء على المستقبل، فلم تنجو العملية التعليمية منه، حيث قررت جميع الدول تعليق نشاط الدراسة وتحويل التعليم إلى نظام المنصات التعليمية أو "الفصول الافتراضية"، حيث يجلس طلبة المدارس أو الجامعات أمام شاشات الكمبيوتر في منازلهم لتلقي دروسهم، وفي المقابل يتولي المعلم أو الأستاذ الجامعي الشرح والتفسير والرد على الأسئلة في مدرسة افتراضية فرضها علينا هذا الفيروس.
التعليم عن بعد
وبلغة العلم، التعليم عن بعد يعتمد على الاتصال بالإنترنت والتفاعلات تتم عبر المنتديات وتقسم الدورات التعليمية إلي وحدات تحتوي علي الفيديوهات والمواد المقروءة التي توفر المعلومات التي تحتاجها لإكمال الواجبات، من المميزات التي يقدمها لك التعليم عن بعد هو توفير المسافة والوقت، ولا يشترط أن يكون معلمك متواجد معك في نفس المكان، فيتم باستخدام جهاز كمبيوتر شخصي والاتصال بالإنترنت الحصول علي شهادة عبر الإنترنت والاختيار ما بين مجموعة من النماذج والبرامج التعليمية التي تناسب نمط حياتهم.
«اكواد رقمية»
وقياسا على الوضع في مصر، قررت وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي إطلاق منصات دراسية تجمع الطلبة بالمعلمين، ويلتحق بها الطالب عن طريق كود رقمي تخصصه له الوزراء ليسمح له بالانضمام لتلك المنصات وتلقي العلم أو الدرس المناسب، حتى تحول الامتحانات إلى هذا النظام، ولكن هل ينجح هذا النظام في تعليم الطلاب وإثقالهم علميا، وهل وضعتنا أزمة فيروس «كورونا» أمام تجربة واقعية حتمية لمستقبل التعليم في مصر؟
«التعليم الافتراضي»
نظام عالمي
في البداية، يرى الدكتور محمد عبد العزيز، وأستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس، أن التعليم الإلكتروني يطلق عليه التعلم من بعد وليس عن بعد، وهو نظام معمول به في أوروبا وأمريكا وغيرها، معتبرا هذا الأمر ليس بالجديد على العالم، موضحا أنه ثبت نجاحه في أوروبا وغيرها.
الاستغناء عن التعليم النظامي
وقال "عبدالعزيز" في تصريحات لـ "بوابة أخبار اليوم": إن الهدف من تطبيق هذا النظام حل عدد من المشكلات، مثل عدم القدرة على السفر من بلد إلى أخرى أو عدم امتلاك الطالب تكلفة الذهاب إلى المدارس ومستلزمات الدراسة، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا لا يغنى عن أسلوب التعليم النظامي.
وعن وقت الاستغناء عن التعليم النظامي، ذكر "عبدالعزيز" أنه يمكن ذلك عندما نمتلك جميع وسائل التعليم من بعد، وأهمها توافر التكنولوجيا اللازمة، وتتوافر عدد كبير من المنصات التعليمية التي تكفي هذا الغرض، وكذلك الاطمئنان على وجود فصول افتراضية نموذجية.
امتحانات «التابلت»
وأشار أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس إلى أن الوضع الحالي في مصر يثبت أننا لم نكن أمام منظومة تعليمية جديدة ومتطورة، لكن الواقع أثبت غير ذلك ولعل أبرز الأدلة عليه هي مشاكل الامتحانات التي تجري على «التابلت»، وشكاوى الطلاب من الأكواد وبطء الإنترنت وغيرها.
منصة تعليمية قوية
وأوضح "عبدالعزيز" أن المنصة التعليمية السليمة أو النموذجية لها مواصفات معينة حتى تثبت نجاحها، وهي توفير شبكة إنترنت سريعة وقوية تتحمل جميع المستخدمين على المنصة، بجانب توفير كل الإمكانيات التي تشعر الطالب بأنه داخل فصل حقيقي، لافتا إلى أهمية تأهيل وتدريب المعلمين والأستاذة سواء في التعليم الجامعي أو ما قيل الجامعي على استخدام التكنولوجيا وطرق التواصل مع الطلاب، وأخيرا تأهيل الطلاب على أيضا على الدخول والتفاعل هذه المنصات.
وشدد "عبدالعزيز" في نهاية تصريحاته على ضرورة أخذ عينة من الطلاب الذين تم تطبيق التجربة عليهم، والتعرف على أكثر المشكلات التي واجهتهم ثم استيعابها بالكامل لتفعيل منظومة تعليم إلكترونية ناجحة.
حلول واقعية
أما الدكتور سامي نصار، الخبير التربوي، فيقول إن هناك جانبين أساسيين لا بد من توافرهما، أولهما أن يكون القائمون على هذه النوعية من الاختبارات مدربين، والثاني المنهج يكون معدًا حتى يمكن استخدامه "أونلاين"، وهي ما تُعرف بالمناهج الإليكترونية و لها مواصفات خاصة في دراستها.
الامتحانات الإلكترونية
وأردف قائلًا: "كذلك الامتحانات الإليكترونية لها طريقة في إعدادها وفي تصحيحها، فالطالب يجب أن يكون مُدربًا على كل هذا، إضافةً إلى أن المدرس يجب أن يكون قادرًا على التدريس أونلاين"، وقادر على الدخول إلى بعض البرامج أو النظم زي مودل وبلاكبيري وغيرها، والتي تنظم عملية التعليم والتعلم الإليكتروني".
ومضى يقول: "في رأيي الطالب قادر على هذا لكن المسألة ليس مسألة أن يفتح الطالب والمدرس جهاز الحاسب الآلي فقط ويجلسان على الإنترنت.. المسألة تتطلب نوعًا من الإعداد".
وتابع قائلًا "وهناك جانب آخر يتعلق بالبنية التحتية المعلوماتية في مصر هل هي مؤهلة لذلك؟ وهل المدارس في مصر بها سيرفرات إنترنت قوية يمكن لعدد كبير من الطلبة الدخول إليها في وقتٍ واحد؟ كذلك قوة الإنترنت في البيوت، فإن لم تكن هذه العوامل موجودة، فلن تتم عملية التعليم عن بعد أو ستتم بصعوبة"، مُتمًا قوله "الدليل على ذلك أن هناك وجود مشكلة كبيرة في عملية التدريس بالتابلت سواء في الجامعات أو المدارس".
وامتنع" نصار" عن إبداء رأيه في مدى نجاح تجربة التعليم عن بعد في هذه الفترة، قائلًا :"لا أستطيع الحكم إلا في وجود بيانات".
ووجه الخبير التربوي نصيحةً بضرورة الاهتمام بالتعليم عن بعد، وقال "علينا الاهتمام بثقافة التعليم الإليكتروني لأنها هي الموجة التي ستكتسح العالم في الفترة المقبلة، خاصة إننا مقبلون على عصر ثورة صناعية رابعة، فلا بد من تدريب المدرسين والطلاب والمجتمع ككل على التعامل مع هذا النوع الجديد من التعليم".
قد يهمك أيضـــــــًا :
"تطبيقات وأدوات بديلة" جامعات دبي تبتكر حلولًا لتحديات "التعليم عن بعد"
محافظ بورسعيد يتابع بدء تفعيل خطة التعليم عن بعد
أرسل تعليقك