القاهرة ـ توفيق جعفر
يعتبر العام 2014 الأسوء في تاريخ جامعة "الأزهر"، إذ شهد أحداث عنف وشغب، بين طلاب "الإخوان" وقوات الشرطة، وأفراد الأمن الإداري، أسفرت عن مقتل خمسة طلاب، وثلاثة جنود، فضلاّ عن توقيف 360 طالبًا، وفصل 366 آخرين، و ثنانية أساتذة.
ولعل تسلسل الأحداث في الأيام الأولى لينبأ عن مدى العنف الذي عاشته الجامعة، ففي اليوم الأول من عام 2014، شهدت "الأزهر" إعتداء على أحد افراد الأمن، خارج نطاق الجامعة، وهو ما كان تطورًا ملحوظًا في الصراع المحموم، وفي اليوم الثاني أوقفت أجهزة الأمن طالبًا، ومعه جهاز لاب توب، وعليه خرائط وصور لجميع مدريات الأمن على مستوى الجمهورية، وفي اليوم الثالث، عثر أفراد الأمن الإداري على سلاح شرطة مسروق، ومخبأ داخل المدينة الجامعية، وفي الرابع تعقب الطلاب أحد جنود الأمن المركزي أثناء دخوله دورة المياه في كلية الزراعة، وأوسعوه ضربًا، وأخرجوه عاريًا، بعد أن كتبوا عبارات مسيئة على جسده.
واستمرت المعركة بين الدولة وجماعة "الإخوان" داخل جامعة الأزهر، في تصعيد متبادل، لم يتوان فيه أي من الأطراف عن حسم المعركة لصالحه، مهما كلفه الأمر، فصارت جامعة الأزهر ومدينتها بؤرة الأحداث، ومحل اهتمام وسائل الإعلام في العالم أجمع.
ومارس الطلاب شتى أنواع الشغب والعنف، من اعتداءات لفظية وبدنية على أساتذة الجامعة، ومنعهم لامتحانات التخلف، إلى إحراق سيارات شرطة، ورفع علم "القاعدة"، لمرات عدّة، داخل الحرم الجامعي، فضلاً عن قطع الطرق، والتعدي على الأهالي والمارة في محيط الجامعة.
وفي الناحية الأخرى، واجهت قوّات الشرطة هذه الخروقات الشديدة بمنتهى الحسم، مستخدمة الغاز والخرطوش، ما أدى لسقوط حوالي 5 طلاب قتلى، والقبض على 360 طالبًا، على مدار عام 2014، وتم فصل 500 طالبًا من المدينة، وقتل 3 جنود في الحادث "المتطرف" البشع، الذي أطلقت فيه النيران من سيارة مسرعة، على قوات الأمن المتمركزة أمام بوابة المدينة، للتعامل مع شغب طلاب "الإخوان"، ولمنعهم من الخروج لقطع الطريق، في ليلة العشرين من أيار/مايو الماضي.
وتنوّعت سبل مواجهة عنف طلاب "الإخوان"، إذ قامت إدارة الجامعة السابقة، بقيادة الدكتور أسامة العبد، بفصل 200 طالب، و8 أساتذة، بينما قامت إدارة الجامعة الجديدة، بقيادة الدكتور عبد الحي عزب، بفصل 166 أخرين، كل ذلك قبل أن ينتهي العنف، وتتم السيطرة على الأوضاع داخل الجامعة ويعود الهدوء .
وشهدت الجامعة في العام 2014، للمرة الأولى، تظاهرة ضمّت جميع موظفيها الـ5000، مضربين عن العمل، اعتراضًا على قرارات وزارة المال، بتقليل حوافزهم، مطلع تموز/يوليو الماضي، فيما قتلت طالبة إندونيسية، أثناء حادث سرقة، في منتصف الشهر نفسه.
وفي مطلع آب/ أغسطس، خلى منصب رئيس الجامعة، ببلوغ الدكتور أسامة العبد لسن التقاعد، وقبل إحالته للمعاش بأيام، أخذ العبد قرارًا بمنح ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز الدكتوراة الفخرية، تقديرًا لجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، كما كرّم العبد 11 عميدًا أحيلوا للتقاعد معه، لتبدأ الجامعة صراعًا مكتومًا على منصب الرئيس.
وفاجأ شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الجميع بمسابقة لاختيار الرئيس الجديد، على غير المعتاد من الاختيار المباشر، حيث تقدم للمسابقة 10 عمداء، ليختار الطيب الدكتور عبد الحي عزب رئيسًا جديدًا لجامعة الأزهر.
وأخذ عزب زمام الأمور بقبضة حديدية، ليستطيع بها السيطرة على الأمور، وفرض الهدوء، بعد فقدان الجامعة له لعام كامل.
أرسل تعليقك