باريس- مصر اليوم
تصنف الفرنسية جين باريت "Jeanne Baret" كواحدة من أهم النساء على مر التاريخ؛ فخلال القرن الثامن عشر، شاركت هذه العالمة الفرنسية في مهمة علمية قادتها لتحقيق إنجاز فريد من نوعه حيث أصبحت الأخيرة حينها أول امرأة تبحر عبر البحار برحلة دارت حول الكرة الأرضية؛ وخلال مسيرتها الحافلة، تحمّلت هذه المرأة، المولودة سنة 1740، مشقّات طفولة بائسة طغى عليها الفقر والحزن لتدوّن اسمها بأحرف من ذهب بالتاريخ.
وبفضل إلمامها بجانب هام من المعلومات حول الأعشاب الطبية، تحوّلت جين باريت خلال ستينيات القرن الثامن عشر لمساعدة وعشيقة لعالم النباتات الفرنسي الشهير فيلبرت كوميرسان (Philibert Commerson) فساهمت في إنجاح العديد من أبحاثه.
وخلال نفس الفترة، عرض المستكشف الفرنسي لويس أنطوان دي بوغانفيل (Louis Antoine de Bougainville) على كوميرسان المشاركة برحلة استكشافية وعلمية حول العالم لإثبات تفوّق فرنسا العلمي وهو الأمر الذي لم يتردد عالم النباتات الشهير في الموافقة عليه.
وخلال هذه الرحلة، حاول فيلبرت كوميرسان اصطحاب جين باريت إلا أنه اصطدم بقوانين تلك الفترة التي منعت النساء من التواجد على متن سفن البحرية الفرنسية. ولتفادي هذا الإشكال، ارتدت جين باريت زي بحّار وغيّرت جانبا من مظهرها الخارجي لتنتحل بذلك صفة رجل حمل اسم جان. وخلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1766، غادرت هذه البعثة العلمية فرنسا لتحط الرحال بحلول شهر شباط/فبراير 1767 بالأوروغواي جنوب القارة الأميركية.
وعلى مدار سنتين، جمع كل من كوميرسان وباريت نحو 6 آلاف عينة من أنواع مختلفة من النباتات كما تمكنت الأخيرة في خضم هذه الرحلة العلمية من اكتشاف نبتة البوغنفيلية (bougainvillea)، التي سميت نسبة للبحار دي بوغانفيل، ونقلت جانبا هاما من بذورها لأوروبا لتساهم بذلك في انتشارها حول العالم.
وبحلول ربيع عام 1768، اكتشف طاقم البعثة الاستكشافية الهوية الحقيقية لجين باريت. فعلى حسب ما نقله المستكشف دي بوغانفيل، تمكّن عدد من سكان جزيرة تاهيتي من التعرف على الجنس الحقيقي لجين باريت فحاولوا مهاجمتها قبل أن يتدخل عدد من رفاقها لإنقاذها وإعادتها للسفينة. فضلا عن ذلك، قيل عن كوميرسان أنه تظاهر بعدم معرفة الحقيقة حول موضوع مرافقته باريت أملا في تجنّب أية ملاحقات عدلية محتملة كما تحّدث البعض أيضا عن تعرض هذه المرأة للعديد من محاولات الاغتصاب من قبل زملائها على متن السفينة طيلة بقية فترة الرحلة. لاحقا، نزل كل من كوميرسان وجين باريت بجزيرة موريشيوس (Mauritius) واستقرا هنالك لمواصلة أبحاثهما حول النباتات. لكن بمرور السنوات، تدهورت الحالة الصحية لهذا العالم الفرنسي الذي فارق الحياة سنة 1773 عن عمر يناهز 45 سنة لتظل بذلك جين باريت وحيدة بعرض المحيط الهندي.
وأمام هذا الوضع، لجأت جين باريت للزواج من أحد جنود البحرية الفرنسية لتتمكن بذلك من العودة مرة أخرى لوطنها فرنسا وتنهي بذلك رحلتها حول العالم. وبينما حملت نحو 70 نوعاً من النباتات والحشرات والرخويات اسم عالم النباتات فيلبرت كوميرسان، لم يحمل أي نوع من الكائنات اسم جين باريت ليظل بذلك اسمها مغيّبا لنحو قرنين على الرغم من إسهامها في اكتشاف عدد كبير من النباتات. لكن خلال السنوات الأخيرة، وافقت مجموعة من العلماء على رد الاعتبار لها عن طريق إطلاق اسمها على فصيلة مكتشفة حديثا من النباتات لقّبت ب Solanum baretiae.
وحصلت جين باريت سنة 1785 عقب عودتها لموطنها على معاش سنوي تقاعدي من البحرية الفرنسية كتكريم لمجهودها العلمي وقد واصلت الأخيرة حياتها بشكل عادي قبل أن تفارق الحياة سنة 1807 عن عمر يناهز 67 سنة.
قد يهمك أيضًا:
قماش فستان ملكة بريطانيا من البروكار الدمشقي وإهداء من الحكومة السورية
حفيدة الملكة إليزابيث ترفض الزواج الملكي لهذا السبب
أرسل تعليقك