c مشروع قانون العنف ضد المرأة في البرلمان التونسي بدعم من - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 05:42:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على الرغم من البلاد تعتبر أكثر الدول العربيّة تقدمًا في هذا المجال

مشروع قانون العنف ضد المرأة في البرلمان التونسي بدعم من حزب النهضة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - مشروع قانون العنف ضد المرأة في البرلمان التونسي بدعم من حزب النهضة

حزب التحالف التونسي يحارب من أجل حقوق النساء
تونس ـ كمال السليمي

على الرغم من العنف والتحرش الجنسي المنتشر في تونس، إلا أنه لا يزال ينظر إليها على أنها نبراس لحقوق المرأة، ويمكن لمسودة القانون أن تحول هذا لحقيقة.
فقد حصلت إديهار شعيب على حقها أخيرًا في المحكمة بعد 14 عامًا من التحرش الجنسي في عملها، وهي أرملة تعرضت لمحاولات تحرش متكررة وملامسات من قبل رئيسها في العمل، وهو مسؤول محلي في بلدتها، وذلك في منزل بوزلفة، التي تقع على بعد ساعة بالسيارة من تونس، وعندما حصل أخيرًا على رسالة من شعيب تفيد بأنها ليست راغبة في محاولاته، هددها بتدمير سمعتها، وقالت شعيب في هذا الصدد "خفت من التحدث واعتقدت أنني سألام على هذا".
وأخيرًا وبعد تلقيها دعم ومساعدة من معلمتها السابقة والجمعيات النسائية وابنها، ومدعومة بثورة 2011 في تونس، استجمعت شعيب شجاعتها لتقاضي المسؤول، حيث قالت "لم أكن أريد تعويض، لكنني أردته أن يتركني وشأني فقط"، ومع ذلك، حكم القاضي ضدها في آذار/ مارس 2015 وطردت شعيب من الشركة التي عملت بها لمدة 25 عامًا، وطالبها رئيسها السابق بتقديم خطاب اعتذار.
ولا تعتبر قصة شعيب ليست غير عادية في تونس، على الرغم من سمعة البلاد، كونها أكثر الدول تقدمًا في مجال حقوق المرأة في العالم العربي، فرغم أن  وجود المرأة يصل إلى ما يقارب نسبة الثلث في البرلمان التونسي، ومع وجود أكثر من 700 منظمة مجتمع مدني تعمل على القضايا الجنسية، أصبح العنف ضد المرأة  والتحرش، مستوطنًا في تونس.

ووفقًا لمسح أجري عام 2010، فإن حوالي نصف النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و64 عامًا، أي بنسبة 47.6% من النساء، تعرضن لبعض أشكال العنف، وهناك أدلة قليلة على أن الوضع تحسّن منذ الانتفاضة التي أنهت حكم زين العابدين بن علي، وأدت إلى انتخاب حكومة ديمقراطية.

ومع ذلك، فقد بدأ البرلمان التونسي هذا الشهر، في مناقشة مشروع قانون لتشديد التشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة، والتي يدافع عنها حزب النهضة، وهو حزب إصلاحي محافظ ذو جذور إسلامية، ومجموعة من النواب والمسؤولين الإناث، ويتوقع أن يتم تمرير مشروع القانون في نهاية عام 2016.

والقانون المقترح والذي سيتم دمجه في تشريعات وسياسات حكومية أخرى، سيدخل تعريفات شاملة للعنف القائم، على نوع الجنس، وسيغطي الضرر النفسي والاقتصادي في كلّ من القطاعين العام والمجالات المحلية، كما سيتم اعتبار الاغتصاب الزوجي محظورًا، وسيتم وضع نهاية للإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الاغتصاب، إذا كانت ضحاياهم أقل من 20 عامًا وتمكنوا بعد ذلك من الزواج منها، وسيتم تشديد العقوبات الخاصة بالتحرش الجنسي في العمل،  كما سيتم تدريب ضباط الشرطة والعاملين في المستشفيات في القضايا الجنسية.

وسوف يتحدى نطاق مشروع القانون الصور النمطية والغربية عن الإسلام، لكن محرزية العبيدي، وهي عضو في حزب النهضة ورئيس لجنة المرأة في البرلمان تقول فيما يخص القانون "لا نرى أي تناقض بين الإسلام وحماية حقوق المرأة، ويجب أن تكون لدينا قراءة تقدمية للإسلام".

أما سيدة أونيسي، والتي تبلغ من العمر 29 عامًا وهي نائبة برلمانية عن حزب النهضة ووزيرة الدولة لشؤون المشاريع في الحكومة الائتلافية، بقيادة حزب نداء تونس العلماني، فتقول "من الجيد أن يقول المحافظون مثلنا أن العنف ضد المرأة أمر غير مقبول، بينما قد يقول بعض المحافظين أنه لا يجب على الدولة أن  تتدخل في المساحات الخاصة (المتعلقة بالأسرة) ولكن عندما يقع ضرر على السلامة الجسدية للشخص، فإن الوضع يكون بحاجة إلى تدخل الدولة"، وأضافت  أن تونس قد تحتل مركزًا جيدًا في مجال حقوق المرأة من بين البلدان اأخرى في المنطقة، "لكننا نقارن أنفسنا مع المعايير الدولية".

وعندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة فإن تونس هي بلد التناقضات، فالإجهاض المجاني ووسائل منع الحمل كلاهما متاح، وتتمتع المرأة بحقوق متساوية في أمور الزواج والطلاق والملكية، وفي عام 2010 كان ثلث القضاة من النساء، و4 من كل 10 محامين من النساء وبحلول عام 2013 أصبحت النساء تشكل 30% من نسبة المهندسين في تونس.

وفي عام 2014 أي بعد ثلاث سنوات من الثورة، تم النص على مبدأ تكافؤ الفرص في الدستور الجديد، كما طلب من الأحزاب السياسية بموجب القانون التناوب بين الرجال والنساء في القوائم الانتخابية، وذلك لضمان تمثيل المرأة بشكل كبير في البرلمان التونسي وفي عام 2014 رفعت تونس تحفظاتها على اتفاقية الأمم المتحدة، للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

ولكن في المدن والقرى المحافظة اجتماعيًا، لا يزال الرجال والنساء يتبعون الأدوار التقليدية، ودائمًا ما تعني كلمة امرأة أنها أقل قيمة من الرجل، عندما يتم تقييم اتهامات العنف الجنسي أو المحلي، وذلك وفقًا لتقرير منظمة العفو.

وغالبًا ما ينظر للنساء اللواتي تعرضن للاغتصاب او الاعتداء الجنسي على أنهن يجلبن "العار" لأسرهن، وفي كثير من الأحيان يتم الضغط على ضحايا العنف الأسري، للتنازل عن الشكاوى من أجل وحدة الأسرة وسمعتها.
  
وعلى الرغم من الاعتراف بالعنف الأسري باعتباره جريمة محددة منذ عام 1993 إلا أنه مقبول على نطاق واسع وكأنه أمر "طبيعي"، وبين عامي 2012 و2013 تم رفض أو سحب ثلثي الدعوات من أصل 5575 شكوى من العنف الأسري لدى السلطات، و10 % منهم نتج عن اقتناعات، وقد ترفض الشرطة التحقيق في الشكاوى والادعاءات، وقد يكون أصحاب الشكوى هم الجناة.

وتعرف سهام الباجي هذا الأمر جيدًا، فقد هوجمت الجدة التي تبلغ من العمر 51 عامًا، من قبل 3 رجال شرطة في الشارع، في وقت مبكر صباح أحد الأيام، في أيار/ مايو 2012، وتعدوا عليها بالضرب وكسر الفك وأخذ أوراق هويتها وساعة وسوار، وبعدها أودعوها في زنزانة لمدة ثلاثة أيام، وبعد مثولها امام المحكمة حيث اتهمها الضباط بأنها كانت في حالة سكر وهاجمتهم، وبناء على ذلك، فقد تم تغريمها وأمضت ثلاثة أيام أخرى في السجن، دون توفير أي عناية طبية لها.

وفي نهاية المطاف وبمساعدة من جمعية النساء الديمقراطيات قالت انها رفعت دعوى ضد الرجال  وبعد عام من الهجوم حكم  على الضابط الذي كسر فكها بالسجن لمدة 3 أشهر بينما عوقب الاثنان الآخران بالحبس لمدة ثلاثة أيام وبعد كل هذا لا يزال ثلاثتهم يخدم في الشرطة.
 
وتقول باجي "أصبحت شخصًا آخر بعد الاعتداء"، وتضيف  "تغيرت كليًا وأصبحت أكثر عدوانية وأغضب وأصاب بإحباط بسهولة" وقالت إن عائلتها ألقت باللوم عليها بعد الحادثة "لقد حاولت قتل نفسي 7 مرات"
.
والعنف الذي تعامل به النساء من قبل قوات الشرطة والأمن، يمتد من الأيام الأولى للدكتاتورية، وتلقت لجنة الحقيقة والكرامة التي أسستها الحكومة بعد الثورة  حوالي 15 ألف شكوى، من النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب والتعذيب، وتدهور بهم الحال في ظل نظام بن علي وسلفه الحبيب بورقيبة.

ووفقًا لإبتهال عبد اللطيف، وهي مفوض اللجنة بالنسبة للمرأة فإن الرقم لا يعكس حجم العنف ضد المرأة، حيث قالت "يوجد 4 ضحايا من النساء مقابل كل رجل في السجن وهؤلاء الضحايا إما أمهات أو زوجات وأخوات وبنات"، وتضيف "ينظر للرجال بعد خروجهم من السجن على أنهم أبطال ويعاملون باحترام في مجتمعاتهم، لكن النساء اللاتي تعرضن لانتهاك جنسي فهن وصمة عار فظيعة، كما أن كثيرًا من الفتيات اللاتي يخرجن من السجن لا يُتقبلون مرة أخرى في عائلاتهم" وهناك نساء لا يخبرن أزواجهن بما حدث لهن.

وأكدت أن "كثيرًا ممن قدموا إلينا يقولون إنهم لا يريدون تعويض، بل يريدون فرصة ليرووا ما حدث لهم وكيف دمرت حياتهم وكيف رفضهم المجتمع، وكان التأثير على النساء أكبر من الرجال"، واللجنة تحاول التعامل مع الماضي كما يهدف مشروع قانون العنف ضد النساء، أن يوفر حماية أكبر للمرأة في المستقبل، لكن السياسيين يروجون له أملًا في شيء أكبر من التغيير التشريعي.

وقالت العبيدي "لا يمكننا تغيير حياة الناس ببساطة عن طريق تمرير قانون" وأضافت "نغير الحياة بالتعليم ورفع الوعي وتغيير اللغة حول العنف ضد النساء"، ووفقًا لأونيسه فإن "تمرير القانون هو بداية العملية وليست النهاية، فأنت تحتاج لدعم من نظام التعليم وهذا يبدأ من المدرسة، كما تحتاج لبرامج تربية للشرطة، وكذلك النظر في البرامج التليفزيونية التي تعمل على تطبيع العنف، حيث يتأثر الناس بما تحويه هذه البرامج أكثر مما في مشروع القانون البرلماني".

وتضيف أونيسه أيضًا وهي ابنة إمام مسجد "تلعب المساجد دورًا اجتماعيًا كبيرًا، فهؤلاء الناس هم موظفوا قطاع عام وتدفع لهم الدولة،  لذا فنحن بحاجة إلى وزارة معنية بالدين فإذا تمكننا من مراقبة الأئمة لعلامات التطرف يمكننا إذًا رصد ما يقولونه عن العنف الأسري، ولا أعتقد أن الأمر سيكون صعبًا".

ولطالما وصف حزب النهضة تاريخيًا بأنه "إسلامي" ولكن في خلال الستة أشهر الماضية، تخلى الحزب عن هذا التوصيف لصالح "مسلم ديمقراطي" وهذه الخطوة أعقبت عملية استمرت لثلاث سنوات، نتج عنها تأييد بأغلبية ساحقة في مؤتمر الحزب في الربيع الماضي، وكان الحزب قد استمد مقارنات مع الأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوروبية، وقال إن الشعار الجديد للحزب يعكس السعي لإصلاح ديمقراطي بالعودة إلى جذور القيم الإسلامية.

ويعدّ حزب النهضة الأن شريكًا في الحكومة الائتلافية، ويتوقع أن يحصد مشروع قانون العنف ضد المرأة، دعمًا قويًا من البرلمان  على الرغم من وجود بعض التنازلات المطلوبة قبل التصويت النهائي.

وتقول آمنه جوليلي وهي كبيرة الباحثين التونسيين في هيومن رايتس ووتش، عن مشروع القانون "إطار شامل لمكافحة العنف ضد المرأة" وقد تم تكليف جميع المؤسسات لدمج هذا لكن "تأثيره العملي سيعتمد على استعداد الدولة لتوفير وسائل التنفيذ، ففي تونس لدينا تقليد تمرير القوانين الجديدة لكنها تصبح أكثر تعقيدًا على أرض الواقع".

أما بالنسبة لشعيب فأيّ خطوة تعزز حقوق المرأة فهي موضع ترحيب  وقد اتخذت قصتها منعطفًا نحو اتجاه أفضل، منذ فقدت قضيتها ضد رئيسها، حيث ساعدتها المنظمات النسائية ماليًا من خلال الاستثمار في محل بقالة صغير، فتحته ومن خلال توفير محام على استعداد للعمل تطوعيًا، وعادت شعيب مرة أخرى إلى المحكمة في آذار/ مارس، وفي هذه المرة كان رئيسها متهم بالتحرش الجنسي وتم تغريمه 25 ألف دينار (9 آلاف  جنيه إسترليني)، إلا أنها لم تحصل على أية أموال وقالت "لكن ما حدث لي قد تم الاعتراف به"، وأضافت "آمل أن تبقى العدالة وسوف تبقى".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع قانون العنف ضد المرأة في البرلمان التونسي بدعم من حزب النهضة مشروع قانون العنف ضد المرأة في البرلمان التونسي بدعم من حزب النهضة



إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon