القاهرة-مصر اليوم
بالمقارنة ما بين الماضي والحاضر فيما يخص العلاقات الاجتماعية والتواصل بين الناس، يرى كثيرون أن تبادل التحية بات معدوما.
فالعلاقات اليوم وصلت إلى مستوى لا يتجاوز أكثر من أداء التحية إن تقابل الناس صدفة، فلم تعد العلاقات وقطيعتها عوامل مادية فقط، بل إن التباعد بين الناس أصبح ملحوظا في المدن أكثر من أي مكان آخر.
فتور مبرَّر
هذا الفتور في العلاقات يرده المختص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات إلى كثرة الهموم والمشاغل الحياتية التي أخذت تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، ومعها اتسعت الفجوة لتُباعد بين الناس أكثر.
ولا يمكن إغفال دور وسائل الاتصال الرقمية التي انتشرت سريعا، في القضاء على الرابطة الجغرافية، وإقامة علاقات افتراضية بين الأفراد والجماعات بغض النظر عن المكان الذي يلتقون فيه على حساب علاقة الجيران والأصدقاء القدامى.
كل أسرة في الوقت الحالي، باتت تشعر بأنها مؤسسة اجتماعية مستقلة ليست بحاجة إلى الآخر، وهذا ما جعل كثيرين يكتفون بأنفسهم وأنهم ليسوا بحاجة من حولهم كما السابق، ولا بحاجة مدّ جسور التواصل مع بعضهم بعضا.
خروج المرأة مع الرجل إلى العمل وانشغالهما الدائم في تأمين الحياة الكريمة في ظل الأزمة الاقتصادية هو سبب آخر، تمكن من خلق فتور واضح في العلاقات مع الآخرين، وزاد من تباعد أفراد الأسرة ذاتها.
فتور بين الأسرة أيضا
الأخصائي العمارات وهو يستعرض الأسباب التي دفعت إلى فتور العلاقة بين الجيران والمحيطين، يؤكد أن خلل العلاقة قد توسع وانعكس على أفراد الأسرة داخل العائلة نفسها، إلى درجة أن هناك بعض الآباء علاقتهم بأولادهم أصبحت لا تتعدى حدود التمويل المادي.
فمنظومة القيم الاجتماعية تأثرت بفعل الخوف من المجهول، فيما الأزمات النفسية والاجتماعية والظروف المعيشية لعبت دورها في إضعاف العلاقات الاجتماعية بين الجيران، ناهيك عن أن ما يؤثر على حسن الجوار مجموعة عوامل تتمحور حول ما يتعلق بالذات الإنسانية المعبر عنها بعلم النفس بـ "الأنا"، فنجد أن همومه ومشاكله الشخصية تسرقه، فيجد نفسه منعزلا ومنفردا .
في فصل الشتاء تفتر العلاقات أكثر
ومن هنا، وبحسب العمارات، فإن مساحة العلاقات بشكل عام تتقلص في فصل الشتاء جراء قصر النهار، وعدم وجود مساحات من الوقت لانشغال الأسرة في الأعمال اليومية، ومشاغل الحياة وكثرة همومها.
وفي هذا الفصل، تضيق العلاقات بعكس ما هي عليه في الصيف، من منطلق أن العائلة في الشتاء يلتئم عقدها أكثر من الصيف، جراء قلة المناسبات الاجتماعية ورحلات التنزه والسهرات، إلى جانب ضيق الوقت، وفيه يبحث الجميع عن الدفء، فيتجمّع أفراد العائلة حول المدفأة خوفا من برد الشتاء القارس.
لذلك، فإن الشتاء يقلص العلاقات بين الناس، ويجعلها تضيق أكثر، فيما ينتظرون حرارة الصيف لتعود مياه التواصل إلى ما كانت عليه في السابق.
أرسل تعليقك