اهتم الأميركيون بكسوف الشمس الذي حدث، الإثنين، ومر بمنطقة واشنطن بعد منتصف النهار، منذ أشهر، وذلك لأنه أول كسوف، منذ أن تأسست الولايات المتحدة يمر مباشرة فوقها فقط، وليس فوق أي دولة أخرى منذ أكثر من مائة عام.
وكعادة الأميركيين الذين ينسبون كل شيء في العالم تقريبًا إلى الوطنية الأميركية، ظهرت عناوين الصحف صباح الاثنين تتحدث عن "الكسوف الأميركي العظيم"، و"كسوف شمسنا" و"كسوفنا"، فكتبت "واشنطن بوست": "يبدو هذا الكسوف مذكرة مباشرة من السماء لنا، ونحن نعيش هذه الأحداث العصيبة والمهمة في تاريخنا"، مضيفة "أيها الأميركيون، انسوا مشاكلنا ومشاغلنا، انظروا إلى السماء يوم الاثنين بطرق سليمة، وتأملوا في أن كسوف الشمس يوحدنا، على الأقل خلال تلك الدقائق القليلة التي نشاهده".
وكان قد شاهد الكسوف الكامل 12 مليون أميركي يسكنون على شريط ضيق "70 ميلًا" من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، بالإضافة إلى عشرات الملايين انتقلوا إلى الشريط من ولايات أخرى لمشاهدة الكسوف، فمنذ أشهر، استعد سكان مدينة ديبوباي، ولاية أوريغون، المطلة على المحيط الهادي، لأنها كانت أول نقطة في الولايات المتحدة شاهد فيها الناس الكسوف، وتضاعف، خلال الإثنين، عدد سكان المدينة الريفية الصغيرة من ألف شخص إلى أكثر من 10 آلاف شخص، وذلك لأن آلاف السياح انهمروا نحوها ليكونوا أول أميركيين يشاهدون الخسوف.
واستعدت لذلك المحلات التجارية في المدينة، ووزع بعضها قمصانًا كتب عليها: "أول أميركي شاهد كسوف 2017"، و"ديبوباي مدينة الكسوف" و"ديبواي عاصمة الكسوف"، حيث مر الكسوف بتلك المدينة في الساعة العاشرة صباحًا الاثنين، وبدأ يخترق الولايات المتحدة في اتجاه من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي "ولاية ساوث كارولاينا".
واعتبر سكان تلك الولايات أنفسهم محظوظين بالمقارنة مع كثير من الولايات التي لم يشاهد سكانها الكسوف الكلي، ولا أجزاء منه،و الولايات المحظوظة كانت: أوريغون، إيداهو، وايومنغ، نبراسكا، كانساس، ميزوري، اللينوي، كنتاكي، تنيسي، جورجيا، نورث كارولاينا، وساوث كارولاينا، لكن، بسبب سحاب وأمطار، لم تشاهد بعض هذه الولايات الشمس خلال فترة الكسوف.
وحسب مقدمو برامج الطقس ذلك مسبقا، ونصحوا الذين يريدون مشاهدة الكسوف أن ينتقلوا إلى أماكن معينة لتحاشي السحب، وكانت قد حسبت مراكز أبحاث الفضاء الأميركية مسار الكسوف، وظهر علماء وخبراء في التلفزيون يشرحون ويعلقون، حيث أوضح واحد من وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" في "سي إن إن": "يا ليت الكسوف يستمر أيامًا ليشاهده الناس أكثر من 15 دقيقة"، يشير هذا إلى مثل أميركي عن الشهرة يقول إن كل أميركي سيشتهر لمدة 15 دقيقة قبل أن يموت.
وقام العلماء مسبقًا، وفي دقة متناهية، بحساب نسبة الكسوف، وسرعته، وزاويته، ومقاييسه في كل ولاية من الولايات التي شاهدت الكسوف مباشرة. وقالوا، رغم أن الشمس تظهر في الشرق أولًا، سيظهر الكسوف في الغرب أولًا، سبب ذلك هو منازل القمر "لا الشمس" وهو يسبح في الفضاء بين الشمس والكرة الأرضية.
وبينت مديرة قسم الكسوف والخسوف في الجمعية الأميركية الفضائية، مايك كنتراياناكسيس: "تلك أعظم ظاهرة طبيعية يمكن أن يشاهدها أي شخص في حياته"، مضيفة "تثير، وتحرك أحاسيس، وتجعل العقل يفكر فيما لا يفكر فيه عادة"، مؤكدة أنها شاهدت أكثر من 20 خسوفًا، في مختلف الدول والأعوام.
ومسبقًا، نشرت الصحف ومواقع الإنترنت تحذيرات عن مشاهدة الكسوف الكلي مشاهدة مباشرة، ونفذت، في أماكن كثيرة، نظارات خاصة للمشاهدة، وصباح الإثنين، نقلت تلفزيونات محلية في واشنطن منظر ناس يقفون في صفوف طويلة أمام متحف الفضاء "من مجموعة متاحف "سميثونيان في ناشيونال مول، الميدان الوطني"، والذي وزع نظارات لحماية العيون عند النظر مباشرة إلى الكسوف.
ونقلت التلفزيونات المحلية، ومواقع في الإنترنـت، علامات في الطرق البرية المؤدية إلى واشنطن، حذرت من ذلك، ونصحت الذين يقودون سياراتهم وقت مرور الكسوف أن يزيدوا حذرهم لأن السماء يمكن أن تظلم قليلًا، لكن، قال المسؤولون عن المرور في واشنطن وضواحيها إنه لن يكن هناك ظلامًا كاملًا، وذلك لأن واشنطن لا تقع مباشرة على خط سير الكسوف، وهذا ما حدث فعلًا.
ويبالغ الأميركيون، أحيانًا، في الحذر: أقام رجال المطافي والإسعاف والأمن مراكز على خط سير الكسوف، وحشدوا أطباء عيون، ومعدات طبية، ومتبرعين بالدم، وماكينات توليد كهرباء متنقلة إذا انقطعت الكهرباء خلال الكسوف الكامل.
وقدم تلفزيون "سي إن إن" رجلين صديقين في ولاية أوريغون، عمر كل واحد منهما 70 عامًا، وأصيبا بعمى جزئي لأنهما شاهدا، قبل 50 عامًا، كسوفًا كاملًا للشمس مشاهدة مباشرة من دون نظارة خاصة، تذكر واحد منهما: "أحسست بأن نارًا جاءت من الفضاء الخارجي ودخلت عينيي"، وأضاف: "نعم حذرونا أهلنا. لكن، في مرحلة المراهقة، اعتقدنا بأننا نقدر على أن نتحدى الشمس".
وظهر، حسب التقارير الأولية من ولاية أوريغون، الكسوف الكامل على رقعة عرضها 70 ميلًا أظلمت الأرض في أماكن الكسوف الكامل، وانخفضت درجات الحرارة قليلًا، لكن، مر كل شيء بسلام.
أرسل تعليقك