شهر أبريل من عام 2017 جاءت فكرة إلى ذهن محمد نوفل ذي الـ25 عاما من مواليد محافظة الشرقية ليخوض تجربة السفر إلى الأراضي الروسية مستقلا دراجته التي لازمته أياما وشهورا شهدت معه خوض العديد من المغامرات في بلاد عدة حول العالم واضعا آماله على لاعبى المنتخب المصرى في حصد المركز الأول في التصفيات الأفريقية من أجل الصعود إلى كأس العالم بروسيا 2018 لتصعد معها أحلامه لتحقيق أرقام قياسية جديدة تكتب في السجلات العالمية.
الساعة تدق الثامنة صباحا الموافق 7 أبريل أسرتى وأصدقائى يودعونى بآخر الكلمات، تعبيرات حزينة ودموع تظهر على وجه والدتى خطفت معها قلبى..انظر إلى الوراء ثم أسير بخطوات سريعة نحو عجلتى لأضع عليها التجهيزات الأخيرة من قطع غيار وهاتف محمول إضافي وبطاريات ومعدات تخييم وكاميرا ولاب توب والتي سأحتاجها أثناء السفر.
رحلة الـ7 دول في ثلاث قارات انطلقت مع آخر سلام جمعته مع والدته وكانت أولى محطاته المحافظة الباسلة السويس ثم بعد ذلك إلى راس سدر ثم أبو رديس، ثم الطور وشرم الشيخ، وأخيرا يودع نوفل أرض الكنانة مصر من دهب ونويبع لينطلق إلى الأردن لتسيطر عليه أحاسيس غريبة جمعت بين الحماس لرؤية بلاد كان حلمه يراها منذ صغره زمان وقلقه من رحلته التي ستواجه بعض الصعوبات التي كانت تمحوها لحظات من التفاؤل والسعادة من الرحلة.
صباح يوم 17 أبريل سجل نوفل أول ليلة له خارج الحدود المصرية عندما وصل إلى مدينة البتراء الأثرية والتي تقع في محافظة معان في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية ليقضى يومه بين المعالم الأثرية والمصريين المقيمين هناك الذين استضافوه في منازلهم وبعد أخذ قسط من الراحة يقرر نوفل استكمال رحلته إلى موسكو ليواجه أولى العقبات بعد أن تتعطل دراجته ليقرر النوم في الصحراء قبل أن يساعده بعض المارة في اليوم الثانى.
أخيرا أنا في عمان بعد قطع مسافة 1200 كيلو متر في 15 يوما عبرت خلالها دولتين في قارتين مختلفتين وآخر دولة عربية تطأ قدمى فيها في مغامرتى قبل أن أذوق طعم الأزمات في عمان التي استمرت 3 أيام عندما قررت حجز تذكرة طيران والذهاب بها إلى مدينة صوفيا البلغارية لتتدخل السفارة المصرية في عمان بعد معاناة كبيرة وتواصلت مع سفارات بلغاريا ورومانيا والخطوط الجوية الرومانية لتنتهى الأزمة وتعود إلى الحياة مرة أخرى وأبدأ في تخيل حلمى بالسفر لأول مرة في حياتى إلى دولة أوروبية ولكن يبدو أن الحظ يعاندنى عندما ذهبت إلى مطار عمان متأخرا وكانت الطيارة قد أقلعت وقفت في مكانى لساعات في مكانى لا أعرف ماذا أفعل أعود مرة أخرى إلى القاهرة أم أبحث عن حل لاستكمال رحلتى وهو ما حدث بعدما عوضنى الله بأشخاص ساعدونى في حل المشكلة وصعدت إلى الطيارة لأذهب إلى أول بلد أوروبية ومنها إلى روسيا.
29 أبريل كان يوما عظيما عندما وضعت أول قدم لى في البلاد الأوروبية وكانت الدولة البلغارية وتحديدا مدينتها صوفيا وبعد وصولى استقبلت استقبال المشاهير والعظماء فوجدت العديد من القنوات والصحف البلغارية في استقبالى للتصوير معى عن رحلتى إلى روسيا وكانت بمثابة الدفعة المعنوية التي زادتنى إرادة وقوة وفى خلال 6 أيام قطعت شوطا كبيرا في بلغاريا استطعت خلالها السير 105 كيلو مترات لاقترب من البلد الأوروبية الثانية رومانيا التي تبعد 150 كيلو مترا عن مدينة بليفين وخلال الفترة الأخيرة لى في بلغاريا قابلت مصريا مقيما هناك سعدت كثيرا بلقائه وتناولت معه كوبا من القهوة قبل أن أغادر إلى رومانيا.
المصائب لا تأتى فرادا هذا كان العنوان الأبرز لنوفل عندما قرر عبور جسر كبير أعلى نهر الدانوب يربط بين دولتى بلغاريا ورومانيا المحطة الثانية لى في بلاد القارة العجوز ليتفاجأ بعد يوم واحد من وصوله إلى الأراضي الرومانية أن المسؤولين في دولة أوكرانيا لن يستخرجوا له تأشيرة دخول بلدها نتيجة عدم وجود إقامة في أي دولة أوروبية محاولات وتدخلات من هنا وهناك، مسؤول السفارة المصرية يجرى اتصالاته بمصر واوكرانيا لحل الموضوع بعد أن أغلقت جميع الأبواب واقتراب نوفل من الفشل في السفر إلى روسيا.. نوفل لا يتوقف عن الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعى من أجل وصول صوته إلى المسؤولين أملا في الحفاظ على حظوظه ولكن كل ذلك دون جدوى.. الخوف والإحباط بدآ يتملكان من نوفل بعد جميع المحاولات التي باءت بالفشل.
بارقة امل تتجدد من جديد بعد 20 يوما عاش معها نوفل لحظات عصيبة ولكن في الساعة السابعة صباحا الموافق 29 مايو يقرر ملء أبليكشن تأشيرة لبيلاروسيا والذهاب به إلى مكتب الهجرة في بوخارست من أجل مد إقامتي أسبوعا خاصة مع اقتراب انتهاء مدة اقامته ليتفاجأ بأن الإقامة مستمرة معى 10 أيام أخرى وبتدخل السفارة المصرية مرة أخرى انتهيت من الحصول على تأشيرة السفر إلى دولة بيلا روسيا بعدما تأكد صعوبة السفر إلى أوكرانيا وهذا ما حدث بالفعل لاصل إلى بيلا روسيا يوم 31 مايو.
محمد صلاح أنقذنى في روسيا وذلك عندما قررت السلطات الروسية ايقافه والتحقيق معه عن كيفية وصوله إلى روسيا بالعجلة مرورا بدول مثل العراق وسوريا ووصفوه بوجود علاقة بيني وبين الجماعات الإرهابية ولكن مع إبرازه لصورة تجمعه بمحمد صلاح سعادة كبيرة ظهرت على وجههم وعلى الفور قرروا إنهاء التحقيق معى وطلبوا منى التقاط الصور التذكارية معى بعد معرفتهم بعلاقة الصداقة التي تربط بين وبين صلاح.
"مرحبا بكم في موسكو" بعد رؤية هذه اللافتة لا استطيع أن أوصف شعورى في تحقيقى حلمي في الوصول إلى روسيا بالعجلة بعد قطع مسافة 5 آلاف كيلو متر احتجت خلالها إلى 64 يوما لكى أحضر مباريات المنتخب المصرى في كأس العالم على الملاعب الروسية ففى الساعة العاشرة مساء الموافق 9 يونيو التقطت أول صورة تذكارية لى أمام لافتة كبيرة مكتوب عليها موسكو.
بدأ "نوفل" في التحرك خلف المنتخب في المدن التي سيلعب بها لديه تذاكر لحضور مباراتي أوروجواي والسعودية "تبقى فرصة سعيدة لو اتوفرلي من اتحاد الكورة مباراة روسيا" أيام قليلة تفصله عن الوقوف مرة أخرى في المدرجات لتشجيع الفريق في تلك المناسبة التاريخية.
ومع خسارة المنتخب أول مباراتين في دوري المجموعات أمام اوروجواى وروسيا بدات أحلام نوفل تتبدد في التواجد في روسيا أكثر من ذلك وعرف وقتها أنه اقترب من الرحيل بعد قضاء 78 يوما في رحلته عاش معها العديد من لحظات الحزن والفرح، ويستكمل نوفل حديثه قائلا قابلت العديد من الجماهير المصرية هناك لا أستطيع أن أصف حجم السعادة التي كانت بداخلهم ورؤية مصر في المونديال منذ 28 عاما.
الساعة الثانية عشرة ظهرا بتوقيت القاهرة تعلن وصول محمد نوفل إلى أرض الكنانة مصر بعدما انتهت رحلته قاصدا طائرة المنتخب المصرى التي عاد فيها مع اللاعبين ليجد أسرته في استقباله والفرحة والاشتياق تملأ عيونهم.
أرسل تعليقك