تفقد وزير الآثار الدكتور خالد العناني، مشروع أعمال ترميم مسجد طنبغا الماردانى بالدرب الأحمر، الذى يتم بالتعاون مع مؤسسة آغاخان للخدمات الثقافية.
وأكد العنانى، خلال جولته، أن مدة المشروع بلغت 26 شهرا، بدأت من يونيو الماضي بتكلفة مبدئية نحو 30 مليون جنيه.. مشيرا إلى أن المشروع ممول من الاتحاد الأوروبي وشركة آغاخان للخدمات الثقافية – مصر بعنوان التراث الثقافي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أن المشروع يهدف إلى المحافظة على الجانب الشرقي (إيوان القبلة) من مسجد المارداني، وإنشاء طرق للزوار ستبدأ في الطرف الشمالي لحديقة الأزهر مروراً بمنطقة الدرب الأحمر من خلال سور القاهرة الأيوبي منتهية إلى حديقة الأزهر مرة أخرى من خلال بوابة باب الوزير إلى جانب خلق فرص عمل وتحسين الاقتصاد من خلال ترويج الحرف التقليدية التي ترتبط مباشرة بزيادة زيارة المنطقة.
من جانبه.. قال محمد عبد العزيز مدير عام مشروع تطوير القاهرة التاريخية، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، إن مخطط أعمال الترميم للمرحلة الأولى من مسجد الطنبغا المارداني (ايوان القبلة) تشمل عمل الدراسات الإنشائية والمعمارية الخاصة بالمسجد، والتوثيق المعماري والفوتوغرافي للجامع، خاصة الايوان الشرقي، وعمل ترميم كامل لايوان القبلة يضم القبة الداخلية أعلى الايوان والأعمدة الرخامية والحوائط والأسقف الخشبية والأرضيات والأسطح والميضأة والحجاب الخشبي للايوان ودكة المبلغ (الذي يردد أذان المؤذن) والمنبر والمحراب، وأيضاً ترميم القبة الرئيسية من الخارج، وترميم الواجهة الخارجية والمدخل الشرقي الرئيسي للجامع والمأذنة.
وأشار إلى أنه تم حاليا الانتهاء من التوثيق الفوتوغرافي والمعماري، وتم أخذ عينات بياض وجاري تحليلها وعمل عينات ترميم للأعمدة الجرانيت والأعمدة الرخامية، وعينات ترميم للحجاب الخشبي.
وأضاف إنه تم أخذ شريحة طولية عرض 50 سم من السقف مروراً بالإزار الخشبي والشباك الجصي والبياض وضلفة خشبية وإزار رخامي وبلاطات رخامية وتم عمل ترميم لهذه الشريحة كعينة لتحديد الأسلوب الامثل للترميم.
وتابع إنه تم عمل مكشف بالسطح حتى السقف الخشبي وتحديد أسلوب العزل، كما تم عمل عينات نظافة للواجهات الخارجية بجوار المدخل الرئيس شاملة الأحجار والرخام إلى جانب الاتفاق على توريد عينات الأحجار التي ستستخدم في استبدال الأحجار التالفة.
وأكد أن هذا المشروع يأتى استكمالا للتعاون بين وزارة الآثار مؤسسة أغاخان للخدمات الثقافية – مصر والذي بدأ بمشروع تنمية الدرب الأحمر وباب الوزير وترميم مجموعة من المباني الأثرية بالمنطقة شملت (مسجد أم السلطان شعبان، مجمع خاير بك وقصر الأمير آلين آق الحسامي، رباط زاوية أزدمر، قبة طراباي الشريفي، مسجد أصلم السلحدار، وجزء من السور الأيوبي الشرقي لمدينة القاهرة، الجامع الأزرق) بالإضافة إلى حديقة الأزهر ومؤخرا مشروع الصيانة الوقائية لمجموعة الآثار التي تم ترميمها بالمنطقة بالكامل بالإضافة إلى إقامة معرض الفاطميين بتورنتوا – كندا.
ومسجد الطنبغا المارداني أنشأه سنة 740 هـ (1340 م) الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله المارداني الساقي المعروف بالطنبغا المارداني أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ترقى في القصر السلطاني، وعينه السلطان في وظيفة الساقي وهو المسؤول عن مد السماط (المائدة) وتقطيع اللحم وتقديم الشراب للسلطان بعد رفع السماط، ثم عينه السلطان، أمير طبلخانة (من أمراء الطبقة الثانية، وله الامره على أربعين فارساً، والطبلخانة كان بها الآلات الموسيقية التي تعزف على أبواب القصر السلطاني)
ثم تم تعيينه "أمير مائة مقدم ألف" (من أمراء الطبقة الأولى .. وله إمرة مائة فارس (أغلبهم من مماليكه) ويقدم على ألف فارس ممن هم أقل من درجته)، وزوجه السلطان إحدى بناته، وتوفى سنة 744 هـ ( 1343م).
ويعد جامع المارداني من أجمل جوامع القاهرة، ويتكون من صحن مكشوف مستطيل يحيط بها أربعة أيوانات أكبرها أيوان القبلة الذي يتكون من أربعة اروقة والإيوانات الثلاث الأخرى يتكون كل منها من رواقين، المساحة التي تتقدم المحراب مغطاه بقبة محمولة على مقرنصات دقيقة.
وإيوان القبلة حافل بالزخارف والعناصر المعمارية الدقيقة، فعقوده محمولة على أعمدة من الرخام والجرانيت الأحمر والسقف عليه زخارف ملونه مملوكية الطراز، وكسيت الجدران إلى ارتفاع نحو ثلاثة أمتار بوزرة مكونة من أشرطة من الرخام ومن قطع صغيرة من الرخام والصدف.
وعلى يسار المدخل الرئيسي مأذنة مكونة من ثلاث دورات تمثل قمة تطور المآذن من المربع إلى المثمن ثم الدائرة.
ومحراب الجامع يعد من المحاريب النادرة دقيقة الصنع بين محاريب مساجد القاهرة، وقد كسيت جدرانه بالرخام الدقيق والصدف مكونة زخارف هندسية دقيقة، ويعلو المحراب قبة كبيرة ترتكز على ثمانية أعمدة من الجرانيت الأحمر ومقرنصاتها من الخشب الملون، إلى جوار المحراب منبر من الخشب بحشوات مطعمة بالعاج.
وكانت بعض هذه الحشوات قد سرقت أواخر القرن 19، كانت نحو أربعين حشوة من حشوات المنبر قد سُرقت منه في أوائل السبعينيات من القرن 19 وتسربت إلى أوروبا وعثر عليها بالصدفة أحد أعضاء لجنة حفظ الآثار العربية لدى أحد تجار الآثار بالقاهرة سنة 1901 واشترتها اللجنة وأعادت تركيبها في مواضعها بالمنبر قبل أن يتم سرقتها أكثر من مرة خلال بدايات القرن الحادي والعشرين.
أرسل تعليقك