واشنطن ـ وكالات
يعتزم العلماء الإفراج عن أول حزمة بيانات تخص مشروعا تم تصميمه لرسم أول خريطة للدماغ البشري. ويمكن أن يقدم هذا المشروع المساعدة على فهم السبب الذي يجعل بعض الناس لديهم ميول فطرية علمية أو موسيقية أو فنية. وعرضت بعض الصور الأولية في اجتماع المؤسسة الأمريكية للتقدم العلمي الذي عقد في بوسطن.
فهمت كيف يستطيع الباحثون تطوير تقنيات جديدة لتصوير الدماغ البشري للمشروع من خلال إجراء مسح على دماغي. حيث يحاول الأطباء بمستشفى ماساتشوستس العام الوصول الى أقصى حدود التصوير المخي من خلال جهاز مسح تمت صناعته لهذا الغرض، وهو واحد من أقوى أجهزة التصوير المسحي في العالم.عندما دعاني الباحثون لإجراء تجربة لتصوير عقلي، اكتشفت أن هذا الجهاز يحتاج في تشغيله إلى طاقة كهربائية تبلغ 22 ميغاوات، وهي طاقة تكفي لتشغيل غواصة نووية.سئلت في البداية عما إذا كنت أرغب في أداء مهمة لعشر دقائق، أو أن أقوم بمهمة تستغرق 45 دقيقة ستكون نتيجتها واحدة من أكثر الصور المقطعية للدماغ تقديما للبيانات، وهو الإجراء الذي لم يحدث سوى خمسين مرة فقط، وقبلت أداء المهمة الثانية.كانت تجربة ممتعة بالقرب من الماسح المغناطيسي المزدوج العملاق، ومن خلال قوة وسرعة التغيير في الحقول المغناطيسية كان البحث جاريا عن قطيرات من الماء تسافر عبر الألياف العصبية الكبرى، ومن خلال تتبع تلك القطيرات، كان العلماء في الغرفة الملاصقة قادرين على تتبع الاتصالات الرئيسية في عقلي.كانت النتيجة صورة كمبيوترية ثلاثية الأبعاد تتضمن أهم المسارات في دماغي بالألوان الطبيعية، ومنحني فان ويدين وهو أحد الباحثين الرئيسيين جولة داخل رأسي.أراني الوصلات التي تمكنني من الرؤية والأخرى التي تمكنني من فهم الأحاديث، وكان هناك زوج من الأقواس يتحكمان بمشاعري، وحزمة تربط الجانب الأيمن بالأيسر في دماغي. واستخدم ويدين برنامجا كمبيوتريا تخيليا جعله قادرا على التحليق حول وداخل مسارات دماغي، ويمكنه أيضا من التقريب لرؤية التفاصيل المعقدة. كان ويدين وفريقه يأملون في فهم كيفية عمل العقل البشري ومالذي يحدث عندما يسير في مسار خاطئ.قال ويدين :"لدينا كل هذه المشكلات في الصحة العقلية، وأسلوبنا في فهمها والتعامل معها لم يتغير منذ مئة عام، فليس لدينا إمكانيات لتصوير الدماغ مثل مالدينا لتصوير القلب مثلا رغم أن هذه الإمكانيات يمكن ان تساعدنا على فهم مايحدث، ألن يكون رائعا إذا استطعنا الدخول إليه ومشاهدة هذه الأشياء ونصح الناس بخصوص مخاطرها، وكيف نستطيع مساعدتهم للتغلب على مشكلاتهم."ويقود مشروع أمريكي يدعى "هيومان كنيكتم بروجكت" (هتش سي بي)، أو "مشروع خريطة الوصلات العصبية البشرية" عمليات تطوير تكنولوجيا تصوير الدماغ البشري، وكما حدث مع مشروع الجينوم البشري من قبل، فإن بيانات عمليات المسح سيتم نشرها للعلماء على نطاق واسع، مع شريحة بيانات من بين 80 إلى 100 شخص وذلك في غضون أسابيع قليلة.و(هتش سي بي) هو مشروع يعمل لفترة خمس سنوات بواسطة المعاهد الصحية الوطنية، ويهدف هذا البرنامج الذي تبلغ قيمته الإجمالية 40 مليون دولار إلى رسم خريطة لنظام الوصلات العصبية البشرية من خلال تصوير عقول 1200 أمريكي.وسيقوم الباحثون أيضا بجمع البيانات الجينية والسلوكية في المشروع بهدف تكوين صورة كاملة لكل العوامل التي تؤثر على نفسية الإنسان، فالرسم البياني للوصلات العصبية في العقل لايشبه الوصلات الإلكترونية في الأجهزة التي يتم إصلاحها، ويعتقد أنه يتغير مع كل تجربة يمر بها الإنسان، وبالتالي تختلف الخريطة الخاصة بعقل كل شخص عن الآخر، حسب تغير الخبرات التي يسجلها العقل عمن يكون وماذا فعل.وبحسب الدكتور تيم بيهرنز من جامعة أوكسفورد فإن (هتش سي بي) سيكون جاهزا لاختبار فرضية أن العقول تختلف باختلاف الكونيكتوم أو خريطة الوصلات العصبية الخاصة بها، والذي قال في حديثه لبي بي سي :"من المحتمل أن نتعلم الكثير عن السلوك البشري."
وأضاف :"بعض الوصلات بين الأجزاء المختلفة من الدماغ تختلف بين الناس بحسب الطبيعة الشخصية والقدرات، فهناك وصلة معروفة عند الأشخاص الذين يحبون المخاطرة تختلف عن أخرى لدى الأشخاص الذين يحبون اللعب بأمان. وبالتالي فإننا من خلال المسح الدماغي سنتمكن من التفرقة بين الأشخاص الذين يحبون السقوط الحر من السماء وبين الذين يفضلون مشاهدة التلفزيون بهدوء، إنها ستكون موردا مذهلا لمجتمع علماء الأعصاب لتساعدهم على فهم طريقة عمل الدماغ."ويرغب ستيف بترسن الذي يعمل بالمشروع في جامعة واشنطن في سانت لويس في تحديد أجزاء الدماغ التي تشكل قدراتنا على التفكير في المعلومات العلمية، والتركيز والاستمرار للمعلومات في ذاكرتنا، ويقول :"الشيء الرومانسي بالنسبة لي هو قدرتنا على الوصول إلى إنسانيتنا."
أرسل تعليقك