القاهرة - علي رجب
أكد فضيلة الإمام الأكبر شيخ "الأزهر" الشريف الدكتور أحمد الطيب على ضرورة مقاومة مرض شلل الأطفال في المناطق التي ما زال موجودًا بها في آسيا وأفريقيا، لما يشكله بقاءه من خطر عودة هذا الفيروس إلى مصر وغيرها من البلاد، التي أُعلن خلوها منه على مدار السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن إصابة الأطفال به يهدد الأمة كلها.
جاء ذلك خلال لقاء الإمام الأكبر مع مدير منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط الدكتورعلاء العلوان، الذي اصطحب معه وفدًا من علماء المسلمين في السعودية وباكستان وماليزيا وغيرها، لهدف مناقشة موضوع شلل الأطفال في العالم الإسلامي، وما يمكن للأزهر أن يقوم به في هذا الشأن، وكذلك الاستماع إلى الإمام الأكبر وأخذ رأيه في كيفية مواجهة تلك المشكلة، وقال الطيب "أطفال المسلمين اليوم هم رجال الأمة في المستقبل"، وتسائل فضيلته "ماذا تنتظرون من انتشار مرض الشلل بين أطفال المسلمين سوى أمة مشلولة على كل الأصعدة".
واقترح فضيلة الإمام على الوفد أن تشكَّل حملات للتوعية في المناطق الموبوءة، تتكون من الأطباء المتخصصين، وفي صحبتهم شيوخ من "الأزهر"، للمشاركة في التوعية بضرورة التطعيم ضد هذا المرض، ودحض الاعتقادات الفاسدة التي تعوق ذلك، كما ألقى على كاهل العلماء الحاضرين مسؤولية التواصل مع المسؤولين والإعلاميين لمحاولة إقناعهم بتبني حملات متتابعة لمكافحة شلل الأطفال بكل السبل، وأضاف فضيلته "ليكن صوتنا وصوتكم أنقذوا أطفال المسلمين في العالم".
كما أبدى الإمام استعداد "الأزهر" لتوجيه نداء إلى العالم الإسلامي بهذا الشأن، وإصدار وثيقة جديدة للطفل، يبين من خلالها حقوقه على المجتمع، مضيفًا "أستشعر أننا سنُسأل أمام الله عز وجل عن هؤلاء الأطفال الذين يعانون، لِـمَ لَمْ نتحرك لإنقاذهم، وأنا أتحرك على قدر ما أستطيع".
من جانبه، أكد الدكتور علاء علوان أن السبب في النجاح الباهر الذي حققه البرنامج العالمي لاستئصال شلل الأطفال في مصر والشرق الأوسط, بل والعالم أجمع، يرجع إلي حملات التطعيم المكثفة التي تطلقها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية, وأن المخاطر من عودته تكمن في وجود الإصابة به في ثلاث دول، هي باكستان, وأفغانستان, ونيجيريا, ويمكن أن تعود الإصابة بشلل الأطفال في أي دولة مادام الفيروس موجودًا في الدول الثلاث، مشيرًا إلي أن الصين سجلت حالة إصابة بشلل الأطفال في العام الماضي، ناتجة عن عدوى وافدة من باكستان، وفي مصر استطعنا العثور على فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في منطقتي الهجانة ودار السلام، وقد وصل إلينا من باكستان أيضًا، إلا أنه لم يتم تسجيل أي حالة إصابة بالفيروس في مصر حتى الآن.
كما أرجع الشيخ محمد حنيف جالندهري(من باكستان) بقاء الفيروس عندهم إلى سببين، أحدهما ديني، وهو اعتقاد المسلمين في هذه الدول أن المصل المضاد للمرض والمستخدم في التطعيم إنما صُنِعَ في بلاد الكفار، وأنهم يدخلون تحت ستار التطعيم بهدف إيذاء المسلمين، وإصابتهم بالعقم، والسبب الآخر هو الاعتقاد بأن من يقومون بالتطعيم هم جواسيس مدسوسون عليهم، ليستطلعوا أسرار بيوت المسلمين.
كما دعا مدير الجامعة الحقانية في باكستان الشيخ سميع الحق الإمام الأكبر لزيارة بلادهم، وإطلاق نداء من هناك يدحض كل هذه الشبهات بشأن التطعيم، وكذلك حضور حفل تخريج طلاب جامعة الحقانية.
كذلك طلب الشيخ محمد طاهر أشرفي (من باكستان) "الأزهر" بالتدخل بدور فاعل في هذه المشكلة، واقترح إصدار "الأزهر" لوثيقة تغير توجهات المسلمين تجاه التطعيم، بحثِّهم على الوقاية من الأمراض المعدية، قائلاً "ما يصدر من الأزهر يغيِّر حياة الناس في باكستان".
وعبّر أستاذ الدراسات العليا في الجامعات السعودية وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأستاذ الدكتور محمد بن صالح الصالح عن امتنانه ومعه كل المخلصين من علماء المسلمين بمواقف الإمام، وأدواره التي يقوم بها على كل الأصعدة في الداخل والخارج لحماية أهل السنة، والتي أثلجت صدور المسلمين، وصارت مصدر فخار للأمة كلها.
وشكر عضو مجمع الفقه الإسلامي في السعودية الدكتور عبد القاهر قمر للإمام الأكبر توجيهاته بالأخذ بالوسائل الحديثة في مكافحة هذا المرض، سيما وسائل الإعلام، مؤكدًا على أن مجمع الفقه الإسلامي يشارك الأمم المتحدة في برامج الطفولة والأمومة، و يحاول معهم الدفع في اتجاه حماية حقوقهم بالضوابط الشرعية، مقترحًا أن يكون الإمام الأكبر رمزًا أو راعيًا لمشروع مكافحة مرض شلل الأطفال.
كما أشاد أستاذ أمراض النساء والتوليد في كلية طب "الأزهر"، ومدير المركز الدولي الإسلامي للسكان في جامعة "الأزهر"، و عضو منظمة الصحة العالمية الدكتور جمال أبو السرور، بجهود "الأزهر" المشكورة على مدار سنين طويلة وحتى اليوم في دعم قضايا الطفل، مشيرًا إلى إصدار "الأزهر" لوثيقة الطفل في الإسلام عام 1992، إضافة إلى الإصدارات التي تتعلق بحقوق الطفل في الإسلام، بعناية الإمام الأكبر نفسه.
أرسل تعليقك