رحلت فجر الأربعاء، النجمة اللبنانية صباح، تاركة وراءها إرثًا فنيًا كبيرًا، ازدهرت به السينما العربية، منذ طلعتها الأولى وحتى الآن، كانت الشحرورة النجمة المتربعة على عرش هذه الصناعة الفنية، لا ينافسها أحد، وكلما امتدّت بها الأعوام وبدت علامات الكبر على ملامح وجهها، إلا أنَّها أبرز وجوه الفن والسينما في العالم العربي.
وناهزت "صبوحة" الـ87 عامًا، تألقت فيها مذ كانت طفلة تُدعى جانيت فغالي، تجري في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت وتغني في الأزقة والشوارع باللهجات العامية والكلمات الشعبية، حتى اكتشفتها المنتجة السينمائية اللبنانية الأصل آسيا داغر، واستدعتها من لبنان إلى مصر، لتقدم لها الرعاية والتدريب الفني، لتتحفنا على مدار 60عامًا بالعطاء الفني من روائع الزمن الجميل.
وكان مدير أعمال الفنانة الراحلة جوزيف غريب، أكد أنَّ صباح " توفيت فجر الأربعاء في سريرها في فندق كومفورت برازيليا حيث كانت تقيم، في بعبدا قرب بيروت"، ولم يحدّد مكان مراسم الدفن وموعده.
وسريعًا ما انتشر خبر وفاة الشحرورة عبر وسائل الإعلام، التي عاش معظمها الصدمة غير مصدق تارة، ومتفاجئ تارة أخرى، ومع ذلك كان الحزن سيد الموقف، ومنذ الصباح الباكر، بدأ اللبنانيون بنعي صباح التي كانت أحد رموز العصر الذهبي للأغنية اللبنانية، وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الحزينة ونشر الصور التي تظهر فيها صباح شابة مفعمة بالحياة.
ومن أول ردود الفعل من طرف السياسيين تغريدة للزعيم الدرزي والنائب في البرلمان اللبناني وليد جنبلاط، حيث علّق على الخبر، قائلًا "خبر حزين اليوم، أسطورة الغناء صباح توفيت، وبرحيلها تنطوي صفحة جميلة من تاريخ لبنان".
وكتب النائب والوزير السابق سليمان فرنجية في تغريدة على "تويتر"، جاء فيها "جزء من تاريخ لبنان الحلو رحل"،
وكانت صباح قد وُلدت، واسمها الحقيقي جانيت فغالي، في بلدة بدادون اللبنانية شرق بيروت في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 1927، وكانت الثالثة بين أخوتها، وأحبت الغناء والتمثيل منذ طفولتها، واكتشف عمها موهبتها، وعذوبة صوتها الجبلي، وتواصل مع المنتجة السينمائية اللبنانية الأصل آسيا داغر، والتي تعهّدت صباح بالرعاية وتنمية الموهب.
وارتبط اسم صباح بغناء المواويل والميجانا والعتابا والأغنيات البلدية الفولكلورية ومن ثم الأغنية المصرية، وفي سجلها أكثر من ثلاثة آلاف أغنية لكبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب وزكي ناصيف والأخوين رحباني وتوفيق الباشا وبليغ حمدي وجمال سلامة وغيرهم.
ودخلت الشحرورة، في أعمال السينما المصرية عام 1943، وشاركت في 85 فيلمًا مع كبار الممثلين، بينهم رشدي أباظة الذي تزوجته لفترة وجيزة، وأحمد مظهر، ومحمد فوزي، وفريد الأطرش، كما شاركت في 27 مسرحية منها "موسم العز" و"دواليب الهوا" و"القلعة"، وكانت آخرها "كنز الأسطورة" مع زوجها السابق فادي لبنان.
وكانت صباح على صلة وثيقة بعدد من الرؤساء والملوك العرب الذين قدروا فنّها، وكانت صديقة لأسرة عاهل الأردن الراحل الملك حسين.
وإلى جانب صخب حياتها الفنية، عاشت حياة صاخبة على الصعيد العاطفي، إذ تزوجت تسع مرات من نجيب شماس والد ابنها الطبيب صباح شماس عام 1946، وخالد بن سعود بن عبد العزيز، وعازف الكمان المصري أنور منسي الذي أنجبت منه ابنتها هويدا عام 1952، والمذيع المصري أحمد فراج، والفنانين رشدي أباظة ويوسف شعبان، والنائب السابق في البرلمان اللبناني يوسف حمود، والفنانين اللبنانيين وسيم طبارة، ثم فادي لبنان الذي تزوجته في العام 1984 واستمرت علاقتهما 17 عامًا، وكان ارتباطها به من أطول زيجاتها.
ورغم تقدمها في السن، رفضت أن تشيخ وأن تعتزل الغناء، واستمرت في إجراء المقابلات والمشاركة في الاحتفالات الفنية، ومن آخر أغنياتها "شو فيها الدني" التي تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب، وفي 2011، كرّمها الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان بتقليدها وسام الأرز الوطني برتبة ضابط ضمن مهرجانات بيت الدين 2011.
وسبق ذلك في العام نفسه عرض مسلسل عن سيرة حياتها أثار جدلًا بشأن دقة سرده لمحطات معينة، وتحمل صباح الجنسيات المصرية والأردنية والأميركية إلى جانب جنسيتها اللبنانية.
أرسل تعليقك