كشف الفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم، عن ميوله الفنية والصعوبات التي واجهها في بداية مشواره الفني، قائلًا "أنا كنت في الإذاعة المدرسية والمسرح المدرسي وعندما كنت في أولى ثانوي (الصف العاشر) كانت وزارة التربية والمنطقة التعليمية في رأس الخيمة لديهم مشروع ضخم بعنوان "واه قدساه"، واتكلم هنا عن عام 1979 والعمل عبارة عن أوبريت كبير وأبطاله هم موجهي اللغة العربية، وكانوا ويريدون بعض الطلبة فجاء إلى المدرسة حينها مخرجان هما المصري مجدي كامل، والأستاذ البحريني خليفة العريفي، كانا يعملان في رأس الخيمة وقتها، وتفقدا الإذاعة المدرسية في زيارة صباحية وسمعا طبقة صوتي التي كانت أكبر من سني، واختاراني ضمن المجموعة التي ستشارك في الأوبريت بالإضافة إلى 6 طلبة، واستمرت التمارين 6 أشهر لدرجة أننا دخلنا في العام 1980 وتم العرض في العام ذاته، كنا 6 طلاب نمثل 6 شخصيات مختلفة".
وأضاف غلوم في حديث خاص إلى "مصر اليوم"، قائلًا "وعندما جاء وقت العرض كنت حينها بمفردي عرضت ومثّلت الشخصيات الست كاملة، لأن الطلاب لم يكن لديهم القدرة على تحمل التمارين الكثيرة، وبسبب حبي للمسرح تحملت التمارين وأصبحت أنا بطل العمل، بعد أن قمت بتجسيد الشخصيات الست، وهذه كانت بدايتي مع المسرح، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن وأنا في المسرح، مضيفًا بقوله: وإذا تكلمنا عن المشاكل والصعوبات التي واجهتها، في الدرجة الأولى كانت مع الأهل خاصة في ذلك الوقت أن يكون الشخص في الثانوية العامة، وهم متعودون انني امثل فقط في المسرح المدرسي فكان الموضوع عادي، لكن عندما انتهيت من الثانوية وشجعوني أساتذتي أن أدرس مسرح في الكويت، هنا الموضوع أصبح جدي وأكثر صعوبة، واعترضوا الأهل على الموضوع ورفضوه، لكن مع إصراري تقبلوه وذهبت إلى الكويت ودرست المسرح وبعدها إلى مصر للحصول على شهادة الماجستير، ثم توجهت إلى بريطانيا في مانشستر وحصلت على الدكتوراه من جامعة مانشستر في عام 1991".
وأكد الفنان الإماراتي أن الصدق هو الأساس الذي يتبعه في كل أعماله الفنية، وأن يقدم عملًا للناس يستفيدون منه، مضيفًا "لأننا نحن كمجتمع خليجي حيث تجلس الأسرة أمام التلفزيون أو يأتون إلى المسرح أو السينما فمسؤوليتنا كبيرة أمام الأسر، فنحن أخذنا وقتًا كبيرًا كي نقنع الناس باصطحاب أطفالهم ونسائهم لمشاهدة المسرح والسينما ومتابعة مسلسلاتنا، ولا نريد خسارة هذا الشيء يعني قطعنا شوطًا كبيرًا، فقديمًا لم تكن النساء يأتين إلى المسرح بسبب العادات والتقاليد لكن بسبب ما أسسناه بشكل صحيح وتوجيهي وتربوي بعيدًا عن الإسفاف، أوصل رسالة إلى الجمهور أن المسرح يمكن أن يحضره النساء والأطفال ومختلف الفئات لأنه مسرح هادف وبالتالي كسبناهم ومتسمكين بهم كي لا نخسرهم.
وأوضح غلوم أن المسرح اليوم في الوطن العربي كله يعاني من وضع سيء لا نحسد عليه، مؤكدًا: أقول هذا وأنا موجود في دولة الإمارات يعني أننا نملك مسرحًا بفضل جهود الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، رعايته للثقافة والفنون والأداب ليست فقط على مستوى الإمارات، إنما اليوم على الأقل متبني فكل عام ينظم مهرجان مسرحي في دولة شقيقة، وسيكون في تونس في فالسنة المقبلة، بينما كنا في الأردن العام الماضي، فالحياة مستمرة ودعم الشيخ سلطان راقي وجميل، لكن هذا لا يكفي، فكم يحرص ويعمل، ولا بد أن يكون هناك اهتمام من وزارة الثقافة في كل دولة للنهوض بالمسرح، فالمسرح ثقافة، ويمكننا أن نعلّم ونخرج أجيال من المسرح، ونحن تخرجنا من مدارس لديها مسارح، اليوم المدارس لا يوجد فيها مسارح، حتى قبل الحروب لم يكن هناك اهتمام بالمسارح، فسورية مثلًا كان لديهم أهم مهرجان على مستوى الوطن العربي، مهرجان دمشق المسرحي وأنا حضرت في فترة الثمانينات الكثير من الدورات، هذا المهرجان انطفأ وسورية في أوج مراحلها، الفنانون الكبار منهم أسعد فضّة كان أستاذنا ويعيش الآن في الإمارات وكان مدير المهرجان وكنا نقول له هذا الكلام ونتساءل عن المهرجان.
وتطرّق بالحديث إلى أنّ المسرح لا يؤمن مدخولًا، كحال الثقافة أيضًا، لكننا نريد أن نحرص على استمرارية المسرح ونحافظ على ثقافتنا في الإمارات، لبنان، الأردن، في أي مكان هذه محرقة، فإذا أردنا أن نحافظ على هويتنا والأسس الموجودة وعلى عادتنا وتقاليدنا في ظل جميع الظروف التي تواجهنا من الشرق والغرب، أظن أننا يجب أن ندفع ونصرف للحفاظ على جميع هذه المكونات الجميلة الموجودة في الحياة، ثقافة، فن، عادات وتقاليد، دين، حتى الدين إذا لم نصرف على الكتب الدينية مثلًا وقمنا بالترويج لها، من سيشتري كتبًا دينية ومن سيقرأها، الناس منصرفة في أشياء أخرى، لنكن واقعيين، والمسرح مشكلته أنه أصبح قديمًا بالنسبة للناس ، وهناك أشياء جديدة، الناس تأتي إلى المسرح العربي تجده فقيرًا من حيث التقنية، وعندما يشاهد شخصًا ما فيلمًا بتقنيات عالية وحاصل على الأوسكار ويأتي إلى المسرح لمشاهدة ما نسميه بأنماط سلوكية، مثل ما يراهم في الشارع والسوق هذه الأمور لا تجذبه، في المغرب العربي وتونس تحديدًا نجد القليل من الفعل الثقافي ما زال موجودًا بشكل حقيقي، وفيه تجريد كثير من خلال المخرجين الذين درسوا في فرنسا وغيرها عدا ذلك فالمسرح يهرول في مكانه.
وبيّن أن اللهجة هي التي تقف عائقًا أمام الدراما الخليجية، وتمنعها من التقدم والانتشار بالشكل المطلوب، فالدول سواء لبنان أو سورية أو مصر وغيرها لديهم نوع من الاكتفاء الذاتي بأعمالهم ولا يعرفون كيف يتصرفوا بها، من ناحية شراء أو بيع هذه الأعمال، فهناك أزمة اقتصادية موجودة في الوطن العربي كله وعالميًا، والعمل الخليجي يعتبر مكلفًا، وأنا شخصيًا لا أوافق على عمل بأقل من مليون ونصف دولار، بينما في بعض دول كالأردن وسورية نسمع بنصف القيمة لتمويل مسلسل، أما في الخليج يستحيل هذا الأمر. وعندما ترغب القنوات في الدول التي ذكرتها، شراء مسلسل فيه كبار النجوم مثلا من الأردن وسورية ولبنان بـ 700 ألف دولار وعمل خليجي بأضعاف، سيختارون ذي الكلفة الأقل، خاصة أننا في الآونة الأخيرة في الخليج أصبحنا نعمل على العمل للنجم الواحد أو اثنين والباقي يكونون أنصاف الممثلين لكي يكمل المسلسل.
وعلّق بشأن وجود طفرة في الدراما الخليجية في الآونة الأخيرة قائلًا "إننا نعمل في السنة ما يقارب الخمسون مسلسلاً، لا يُذكر منهم إلا مسلسل أو إثنين أو ثلاث على الأكثر، ففي رمضان مثلا 30 مسلسلًا خليجيًا، وعندما نبحث عنهم لا نعلم من عمل مسلسل إلا لو كان هناك مسلسلًا من بطولة فلان أو فلانة، بمعنى أن أسماء معينة هي التي تفرض نفسها على الساحة، وعندما يكون هناك أيضًا نجمًا كبيرًا موجود ويكون حريصًا على وجود نص حقيقي وممثلين حقيقيين، ليس بحاجة أن يكون هناك من يسوّق له، هو يسوّق لنفسه، وأنا أتكلم على الأغلبية، بالتأكيد هناك أشياء مهمة وخاصة، لكننا نتكلم على المستوى الخليجي، 6 دول خليجية عندما يكون هنا ثلاث أو أربع مسلسلات من أصل 50 أو 60 مسلسلًا هذا يعني أنه لا يوجد عمل حقيقي في الدراما".
وكشف حبيب غلوم أنه يجد نفسه في لهجته وأعماله، التي يجد فيها شيء من القسوة، والناس تريد أن تمرح وتفرح، مضيفًا بالقول: أنا لوني أن أقدم رسالة ممكن أن تكون مغلفة بروح الكوميديا أو التراجيديا ليست قضية، لكن الأهم هو الرسالة التي أقدمها من خلال العمل، وأجد نفسي بالتأكيد مرتاحًا عندما أظهر قدرتي كممثل أكثر في المعاناة، فالإبداع يظهر من رحم المعاناة، واللون التراجيدي يناسبني أكثر . وعلى سبيل المثال شاركت مرة في لبنان في عمل "بين بيروت ودبي" مع الممثلة اللبنانية كارمن لبس والممثل فادي إبراهيم، نتج عنه ردود فعل مهمة مع العلم أنّ دوري كان كضيف في العمل.
وأوضح بشأن سرقة الدراما الهندية والتركية المشاهد من الدراما العربية بأنّ لديهم قدرة على استقطاب الجماهير، ناتجة عن قدرتهم في التنويع بالإضافة إلى الإمكانيات الفنية لديهم، حيث يخرجون بالكاميرا إلى الخارج ولا يستسهلون مثلنا.
وعن أمنية حبيب غلوم التي لم يحققها بعد، كشف أنّ حلمه تأسيس أكاديمية للفنون، فمنذ حصوله على شهادة الدكتوراه وهو يبحث عن منفذ لأن يكون هناك أكاديمية للفنون في الإمارات، لأن الأكاديمية تخرّج مبدعين وليس شرطًا أن يكون مختصًا في العمل الفني ممكن أن يكون متذوقًا للعمل الفني، المهم أن يفهم ماذا يعني الفن، يدرس في الأكاديمية ويتخرّج ويكون مؤمنًا في داخله أن الفن مهم والفن رسالة، وعندما يسمع عن مكان يقدم الفن يذهب للمشاهدة، فنحن نحتاج إلى الجمهور في الوطن العربي أكثر من الفنانين.
يذكر أن الدكتور حبيب غلوم يصور حاليًا 3 أعمال منها مسلسلين "سماء صغيرة" و "شيء من الماضي" وفيلم "من أجلي عيني".
أرسل تعليقك