نشر المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي، في وقت سابق من هذا العام، على صفحته الرسمية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، صورا لثلاث جثث، قال إنها لإرهابيين في سيناء نفذوا عمليات إرهابية، وظهر في الصور ارتداء المسلحين "صنادل" متشابهة ومتطابقة، وبتواريخ مختلفة، وهو ما تكرر في حوادث أخرى عديدة.
كما تنشر مواقع وصفحات تابعة للتنظيم المسلح صورًا لتدريبات أفرادها في سيناء أو أثناء تنفيذهم عمليات إرهابية، وأظهرت الصور أيضا تطابقا إلى حد كبير في شكل الصنادل، غير أن الصور التى يبثها المتحدث العسكري أو التنظيم لا توضح بشكل دقيق ما هو مدون على "الصندل"، وتوضح الصور وجود لونين مختلفين منها، فضلا عن تصميمين مختلفين.
صحيفة "المصرى اليوم" في تقرير نشرته، تتبعت مصدر هذه الصنادل التي تستخدمها عناصر التنظيم الإرهابي في مصر والعراق وليبيا من خلال هذا التحقيق لمعرفة موقع تصنيعها وكيفية دخولها إلى البلاد..
بدر محمد، أمين الشرطة، كان ضمن الكتيبة، يحكي: "لم نجد شيئا غير كيس بلاستيك، كان بداخله 5 صنادل رجالي، كان شكلها جديدًا، ركلت الكيس بقدمي وتركته وغادرنا المكان".
بعد 4 أشهر تقريبا، كان أمين الشرطة في راحة وقت أن هاجم مسلحون كمين "المطافئ"، في يناير/كانون ثان الماضي، وأسرع مع قيادات الأمن وآخرين من زملائه إلى مكان الحادث، وبينما الجميع يتفحص المكان بعد معاينة النيابة، توقفت أعين أمين الشرطة عندما وجد جثة أحد المسلحين، عضو تنظيم "داعش" الإرهابي، يرتدي "الصندل"، وبالقرب منه "صندل" آخر، فتذكر مشهد "كيس الصنادل".
ويضيف: "عندما أقف في أي كمين الآن في الشيخ زويد، أنظر إلى أقدام المارة أولا قبل أن أفحص وجوههم، وألقينا القبض على 5 أشخاص خلال الشهر الماضي، وكانوا يرتدون نفس الصندل". لكن ما لا يدركه أمين الشرطة، وأثبته تحقيق "المصرى اليوم"، أن عناصر التنظيم الإرهابي في "مصر والعراق وليبيا"، يرتدون صنادل أنتجت خصيصًا لهم داخل مصنع للأحذية بمدينة "قونيا" التركية للتشبه بالمسلحين من عناصر تنظيم القاعدة في أفغانستان.
9 يناير/كانون ثان الماضي، شن "داعش" هجومًا مسلحًا على أفراد الأمن المرابطين في كمين المطافئ في العريش، واستخدم المسلحون أسلحة متطورة ومتفجرات هزت سكان المدينة بأكملها، وأوقعوا 7 شهداء من أفراد الشرطة، وقالت وزارة الداخلية في بيان وقتها، إن الأجهزة الأمنية في شمال سيناء تمكنت من التصدي لهجوم إرهابي مسلح شارك فيه ما يقرب من 20 عنصرًا مسلحًا حاولوا اقتحام كمين "المطافئ" في دائرة قسم ثالث العريش باستخدام قذائف "آر. بي. جي" وسيارة مفخخة، وأن القوات قامت بالتصدي لهذا الهجوم وتمكنت من تفجير السيارة المفخخة قبل وصولها للكمين والتعامل مع العناصر الإرهابية، ما أسفر عن مقتل 5 منهم وإصابة 3 آخرين، كما نجحت القوات في إبطال مفعول العبوات الناسفة التي تم زرعها.
وبعد أسبوع من الهجوم كان لودر كبير يزيل ما خلفه التفجير في المكان، ووسط الحطام كان يظهر "فردتين من حذاء صندل"، وبعدما أزالت التراب من عليهما، تبين أنهما مقاسان مختلفان، وإحداهما إنتاج مصنع "يسان بيل"، ومقره مدينة "قونيا" التركية، وأن المستورد شركة تحمل اسم "isis" ولا يوجد عنوان لها، وهذا الاسم اختصار "تنظيم الدولة الإسلامية" باللغة الإنجليزية.
ما وجده محرر "المصري اليوم" داخل مشرحة مستشفى العريش في شمال سيناء، يتطابق مع ما عُثر عليه في حطام كمين المطافئ، للتو كانت المشرحة قد استقبلت 5 جثث لمسلحين تمكنت قوات الأمن من تصفيتهم أثناء محاولة الهجوم على مدرعة للأمن، وعلى الرغم من أن حادث كمين المطافئ كان قد مر عليه قرابة 6 أشهر، وأن المنفذين في الحادثين مختلفون، إلا أن التشابه كان موجودًا في "الصندل".
"عندما يصلنا جثث لمسلحين، أو لغير مسلحين نقوم بتجريدهم من ملابسهم وأحذيتهم ووضعهم في ثلاجات المستشفى لحين التصرف بشأنهم من قبل النيابة العامة"، ويقول طبيب في لقاء بـ"المصري اليوم" بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، ويحكي أنهم يحتفظون بالمتعلقات إن وجدت وينتظرون قرارًا من النيابة العامة بتسليمها لأسرة المتوفى.
ويضيف الطبيب: "القتلى من المسلحين يُنقلون إلينا دون متعلقات، فقط ما يرتدونه من ملابس أو أحذية، وأغلبهم يرتدون صنادل واحدة".
غالبا ما يتخلص مسؤولو المشرحة من تلك المتعلقات بعد إذن النيابة، خاصة إن لم تكن التحقيقات في حاجة إليها، ووسط جوال كان عامل النظافة في المستشفى يستعد للتخلص منه عثرت "المصرى اليوم" على "فردة من صندل"، تختلف من حيث اللون عن تلك التى كانت موجودة في حطام "كمين المطافئ"، لكن نفس التصميم ونفس المصنع التركي ونفس المستورد الملقب بـ"isis".
بعفوية شديدة قال عامل النظافة ويدعى "عم محمد": "في كتير منهم- يقصد الصنادل- بس كلهم بيبقوا غرقانين دم، وحرقنا آلافا فى السنوات الماضية فى محرقة المستشفى، بس في مرة أعجبني صندل أخذه زوج ابنتي مني". وعندما أبلغته بأن هذا الصندل مخصص للمسلحين فقط، أسرع العامل بإخراج هاتفه من جيبه واتصل على ما يبدو بزوج ابنته قائلا: "ارمي الصندل اللي انت أخذته من المستشفى، ارميه وبعدين أبقى أحكيلك".
أرسل تعليقك