القاهرة ـ مصر اليوم
تحل ذكرى ثورة يوليو عام 1952، هذا العام بين مؤيد لها، ومعارض وسط حالة من الأحداث السياسية الملتهبة التي تشهدها مصر، وبينما يحتفل المصريون بثورتهم، يبرز دور أول رئيس للجمهورية، وأحد الضباط الأحرار، محمد نجيب، الذي ولد في قرية النحارية، سابقا، محمد نجيب، حاليا، التابعة لمركز كفرالزيات في محافظة الغربية، عام 1896، من أب مصري وأم سودانية، والتحق بالجيش وشارك في حرب فلسطين 48 وكون مع زملائه حركة "الضباط الأحرار"، وبعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952 تولى رئاسة الجمهورية، وفي نوفمبر 1954 عزل من منصبه، ووضع تحت الإقامة الجبرية في قصر في ضاحية المرج إلى أن أفرج عنه الراحل السادات بعد حرب 1973، ورحل في عام 1984.
يقول الحاج عبدالقوي يوسف القشلان، أحد أفراد عائلة محمد نجيب، إن الرئيس الراحل، من أكثر الشخصيات التي تعرضت للظلم عقب ثورة 23 يوليو بعد أن تجاهله رجال الثورة ووضعوه في المعتقل، متجاهلين دوره الفعال في قيادة الضباط الأحرار، وطمس اسمه كأول رئيس للجمهورية وإطلاق لقب أول رئيس للجمهورية على الراحل جمال عبدالناصر، مضيفًا على الرغم من أن حياة الرئيس كانت مليئة بالصعاب والانشغال الدائم إلا أنه كان لا يترك عيدًا ولا مناسبة إلا وكان موجودًا فيها وسط عائلته بالقرية، وكان لديه أراضٍ زراعية قام بتوزيعها على أقاربه، لافتًا إلى أن هناك مواقف عديدة تدل على بساطته منها عندما جاء إلى قرية مجاورة تسمى قلب إبيار، أثناء توليه الرئاسة، كانت النيران التهمت كل ما فيها بسبب حريق كبير، لتفقد أحوالها، ويفصل بينها وبين قرية النحارية "مسقط رأسه"، ترعة كبيرة، فقام بعبورها مستخدمًا قطع الخشب، وكان ذلك وقت الجفاف، وعندما سأل لماذا لم تذهب إلى القرية مستخدمًا الكوبري؟ كانت إجابته: هذا أوفر فالدولة في حاجة للتر بنزين واحد، ولست في مهمة عمل فأنا ذاهب لزيارة عائلتي.
وأضاف القشلان، أن منزل الرئيس بالقرية، متهالك ومشيد بالطوب اللبن في شارع ضيق للغاية لا يرقى لأن يكون منزلًا يعيش فيه أول رئيس للجمهورية ولا حتى خفير، وهيئة الآثار رفضت اعتباره متحفا لسوء حالته، وصعوبة المكان الموجود فيه، ولا يمكن الوصول إليه إلا سيرًا على الأقدام لضيق الشوارع وعدم وجوده على شارع عمومي، ويشير القشلان، إلى أن جده، في آخر حياته، كان دائمًا يردد: "ماذا جنيت حتى يفعلوا بي كل هذا"، قاصدًا رجال الثورة التي ضحى بعمره من أجل نجاحها، قائلاً: "جدي حكى لنا عندما جاءه عبدالحكيم عامر ليبلغه بقرار إعفائه من الرئاسة، قال له أنا لن أستقيل لأني بذلك أصبح مسؤولا عن ضياع السودان، أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا بها وأقسم له عبدالحكيم، أن إقامته في مكان احتجازه لن تستغرق سوى أيام قليلة وبعدها سيعود إلى منزله ولكنه لم يخرج منها إلا بعد 20عامًا عاشها في ذل ومهانة فكان يقوم بغسل ملابسه بنفسه".
ويشير عباس يوسف القشلان، ضابط في القوات البحرية على المعاش، أحد أفراد العائلة، إلى أن حق جده كان مهضومًا لأبعد الحدود وكذلك أولاده وأحفاده وجميع عائلته، فليس هناك وجه مقارنة بعائلة عبدالناصر والسادات حتى مبارك، الذي أشبع البلاد ظلما وطغيانا وفسادا ويحاكم الآن، فإنه يعامل أفضل مما تعامل به جدي محمد نجيب في معتقله والذي حبس داخله لمدة أكثر من 20 عامًا دون أن يقترف ذنبًا أو إثمًا سوى أن أحبه الشعب وكان يتميز بشعبية جارفة.
أرسل تعليقك