اتهم موظفون في الإدارة الأميركية الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بالتسبب بفشل المفاوضات مع الفلسطينيين بسبب الاستيطان، وحذروا من انتفاضة ثالثة، وقالوا إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، خلافا
للادعاءات الإسرائيلية، قدم تنازلات للجانب الإسرائيلي.
ونقل كبير المحللين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، من خلال مقاله الأسبوعي، اليوم الجمعة، عن الموظفين الأميركيين الذين طلبوا عدم ذكر هويتهم، قولهم "على ما يبدو أننا بحاجة إلى انتفاضة أخرى من
أجل إنشاء ظروف تسمح بتقدم (المفاوضات)".
وأضافوا أنه "بعد أن انتهت الانتفاضة الثانية وتم بناء الجدار الفاصل، تحول الفلسطينيون بنظر الإسرائيليين إلى رياح ولم يعودوا يرونهم بعد ذلك"، وحذروا من أنه "يتعين عليكم أن تكونوا حكماء، رغم أنكم تعتبرون شعبا عنيدا".
وأوضح الموظفون الأميركيون أن على إسرائيل أن "تقرأ الخريطة، ففي القرن ال21 لن يستمر العالم في تحمل الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال يهدد مكانة إسرائيل في العالم ويهدد إسرائيل كدولة يهودية".
وقال برنياع أن العالم ينافق لأنه يغض النظر عن سيطرة الصين على التبت، ويتأتئ حيال ما تفعله روسيا في أوكرانيا، ورد الموظفون بالقول إن "إسرائيل ليست الصين، فهي قامت بموجب قرار من الأمم المتحدة، وازدهارها منوط
بنظرة المجتمع الدولي إليها".
ووجه الموظفون الأميركيون اتهاما واضحا لنتنياهو وحكومته بالتسبب بفشل المفاوضات، وقالوا إنه "كان ينبغي أن تبدأ المفاوضات بقرار حول تجميد البناء في المستوطنات، واعتقدنا أنه بسبب تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية لن
يكون بالإمكان التوصل إلى ذلك، ولهذا السبب تنازلنا".
واعترف الموظفون أنه "لم نفهم أن نتنياهو يستخدم الإعلان عن خطط بناء في المستوطنات من أجل ضمان بقاء حكومته، ولم نفهم أن استمرار البناء يسمح للوزراء في حكومته بأن يعرقلوا نجاح المفاوضات بصورة فعالة".
وشدد الموظفون الأميركيون على أنه "توجد أسباب أخرى لفشل المجهود، لكن يحظر على الجمهور الإسرائيلي أن يتهرب من الحقيقة المرة، وهي أن التخريب الأساسي سببه المستوطنات، والفلسطينيون لا يؤمنون بأن إسرائيل
تنوي فعلا جعلهم يقيمون دولة بينما تبني إسرائيل مستوطنات في الأراضي التي ينبغي أن تقوم فيها هذه الدولة".
وأردفوا أن "الحديث يدور عن 14 ألف وحدة سكنية (خلال فترة المفاوضات التي دامت 9 شهور) وليس أقل من ذلك، والآن فقط، بعد تفجر المفاوضات، علمنا أنه تمت مصادرة أراضي بحجم كبير، وهذا لا ينسجم مع اتفاق
محتمل".
وتابع الموظفون الأميركيون أنه "عندما ركزنا جهودا من أجل تليين الجانب الإسرائيلي، قيدت الإعلانات عن خطط بناء جديدة في المستوطنات قدرة أبو مازن على إظهار ليونة، وفقد ثقته، ووصلت الأمور أوجها عندما قال نتنياهو
إن أبو مازن وافق على صفقة الأسرى مقابل البناء في المستوطنات، وهذا جافى الحقيقة... واتفاق أوسلو كان من صنع أيدي أبو مازن، وقد شاهد كيف أن أوسلو فتح الباب أمام استيطان 400 ألف إسرائيلي خلف الخط الأخضر،
وهو لم يكن مستعدا لتحمل ذلك أكثر".
وأشار الموظفون إلى أن إسرائيل طلبت أن تكون لديها سيطرة أمنية مطلقة على الدولة الفلسطينية "وهذا الأمر قال للفلسطينيين إنه لن يتغير شيئا من الناحية الأمنية، وإسرائيل لم تكن مستعدة للموافقة على جدول زمني وأن تستمر
سيطرتها إلى الأبد".
وأضافوا أن "أبو مازن توصل إلى استنتاج بأنه لن يحصل على أي شيء، وهو ابن 79 عاما وقد وصل إلى الفصل الأخير من حياته، وهو متعب، وكان مستعدا لمنح عملية السلام فرصة أخيرة ولكن بحسب قوله فإنه لا يوجد
شريك للسلام في الجانب الإسرائيلي، وتراثه لن يشمل اتفاق سلام مع إسرائيل".
وبحسب الموظفين الأميركيين فإن عباس قدم تنازلات كبيرة لإسرائيل، "فقد وافق على دولة منزوعة السلاح، ووافق على أن تكون المستوطنات التي يقطنها 80% من المستوطنين تحت سيادة إسرائيل، ووافق على أن تستمر
إسرائيل بالسيطرة على مناطق أمنية مثل غور الأردن لمدة 5 سنوات وبعد ذلك تحل مكانها الولايات المتحدة، واستسلم للمفهوم الإسرائيلي بأن الفلسطينيين لم يكونوا جديرين بالثقة أبدا".
وتابعوا أن عباس "وافق أيضا على أن تبقى الأحياء (المستوطنات) اليهودية في القدس الشرقية تحت السيادة الأميركية، ووافق على أن عودة فلسطينيين إلى إسرائيل متعلقة برغبة حكومة إسرائيل وتعهد بعدم إغراق إسرائيل
باللاجئين".
وقال الموظفون الأميركيون إن إسرائيل لم توافق على أي من مطالب عباس الثلاثة من أجل تمديد المفاوضات وهي رسم الحدود، والاتفاق على موعد إخلاء المستوطنين من مناطق الدولة الفلسطينية ،وأن توافق إسرائيل على أن
تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين "ولم يستجب الإسرائيليون إلى أي من الشروط الثلاثة".
وحول رفض الجانب الفلسطيني الاعتراف ب"الدولة اليهودية" قال الموظفون إن "الفلسطينيين توصلوا إلى الاستنتاج بأن الإسرائيليين يقومون بخدعة نتنة، واشتبهوا بأنه توجد هنا محاولة لأن يصادق الفلسطينيون على الرواية
التاريخية الصهيونية".
وقال الموظفون إن رئيسة طاقم المفاوضات وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، كانت "بطلة وحاربت بكل قوتها من أجل التقدم نحو اتفاق" لكن مبعوث نتنياهو الخاص إلى المفاوضات، المحامي يتسحاق مولخو، "كان مشكلة
كبيرة بالنسبة لها وقد تآمر عليها مرة تلو الأخرى، وفي كل مرة حاولت فيها التقدم، لجمها".
وحذر الموظفون من أن أي عقوبات ستفرضها إسرائيل على الفلسطينيين بعد فشل المفاوضات ووقفها "ستعود إلى إسرائيل كسهم مرتد"، وقالوا إن استعداد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للعودة إلى المفاوضات "متعلق
بمدى استعداد الجانبين لإظهار جدية، وربما يقوم أحد في إسرائيل بإعادة التفكير بمواقفه".
يو بي آي
أرسل تعليقك