كشفت التحقيقات في قضية أشهر تاجر مخدرات بالقاهرة، والمعروف إعلاميًا باسم «دكش الخليفة»، العديد من المفاجآت، خاصة أنه اتهم بعض قيادات الشرطة بـ«تلفيق» هذا الاتهام له، انتقامًا منه لتسببه في نقل أكثر من 30 ضابط شرطة، كما كشف سر احتجازه أكثر من 50 يومًا، ونقله ما بين الأجهزة الأمنية والرقابة الإدارية.
وكشفت التحقيقات، كذلك سر ذكر اسم الممثل الشهير يحيى الفخراني، في تحقيقات هذه القضية الخطيرة.
البداية عندما نجح العميد وائل نصار، رئيس قسم التحريات بإدارة مكافحة المخدرات، فى القبض على «رمضان قطب محمد عبد الحق»، 44 سنة، المقيم بشارع هدى شعراوي بدائرة قسم شرطة المقطم، بتهمة إحراز «الأفيون والحشيش»، بقصد الاتجار، وذلك أثناء عودته لمنزله ليلًا، كما عثر بمنزله على كميات أخرى ومبلغ 30 ألف جنيه مصري.
وبالتحقيق معه أمام المستشار أحمد كمال، وكيل النائب العام بـ«الخليفة والمقطم»، أنكر ما نسب إليه من اتهامات، مشيرًا إلى أن هذه القضية بدأت تنسج خيوطها يوم 2 فبراير 2017، عندما كان يقوم بإصلاح سيارته لدى مركز صيانة سيارات مملوك لشخص يدعى «حسام» بجوار كوبري التونسي، حيث كان مدانًا له بملبغ مالي، فاتصل به هاتفيًا ثم حضر إليه بسيارة أحد زبائنه، وأثناء اصطحابه له وتحديدًا عند كارفور المقطم فوجئوا بمجموعة كبيرة من الأشخاص قاموا بالقبض عليهما، وبتغطية أعينهما وتقييدهما بـ«الكلبشات»، ثم اصطحابهما إلى مكان غير معلوم، واستمر الحال لمدة 50 يومًا تقريبًا.
وأضاف أنهم كانوا يسألونه يوميًا عن ضباط برتب مختلفة من قسمي شرطة السيدة زينب والخليفة، وأيضًا عن أمناء شرطة وعن علاقته بهم، وكانت إجابته تقتصر على أنه «صاحب كافيتريا»، وأنهم دائمو التردد عليه كزبائن، ولا يوجد أمور غير قانونية في هذه العلاقة.
وكشف أنهم في يوم 16 فبراير، عادوا لتغطية عينيه، واصطحبوه إلى مكان عرف فيما بعد أنه مقر هيئة الرقابة الإدارية، مضيفًا أنه قابل هناك شخصا أمر بفك غطاء عينيه، وسأله عن الضباط والأمناء مرة أخرى، وكان يجيب بنفس الإجابة الأولى.
وبعد انتهاء التحقيق معه، تم وضع القماشة على عينيه، وعاد لمكان احتجازه.
وفي يوم 25 مارس، أحضروهما على حد قوله ونبها عليهما بعدم التحدث عما حدث معهما، إضافة إلى تهديدهما بعدم الإدلاء بأي معلومات عن مكان احتجازهما، وأنه من السهل حبسهما المرة القادمة.
ونبهوا عليه بعدم التحدث مع الصحافة والإعلام خاصًة «وائل الإبراشي» و«محمد الغيطي».
وأوضح أنه خلال تلك الفترة كان يتعرض، هو وزميله لتعذيب وضرب غير طبيعي.
وعلى حد قوله، قرر أن بعض رجال الأمن كانوا يتعجبون من وجودهما، ويخبرونهما أن «رتبة كبيرة» وراء احتجازهما.
وفي يوم 27 مارس بعد غروب الشمس قاموا باصطحابه بسيارة ثم تم فك الغمامة من على وجهه، وأحد الضباط سأله «أنت مش فاكرني، هما عملوا فيك إيه».
وأضاف أنه فيما بعد علم أنه ضابط يدعى «أحمد هداية» وهو كان رئيس مباحث قسم المقطم سابقًا، وأنهى الضابط قوله «حصل خير والمهم إنك متتكلمش مع أي حد».
ويكمل المتهم أقواله: ثم صعدنا إلى الدور الثالث بمديرية أمن القاهرة، وتقابلت مع العقيد علاء بشندي مدير إدارة العمليات هناك، والذي أخبرني أنني سيفرج عني ونبه علىّ بعدم الحديث عن مكان احتجازي، وطلب مني أن أقول كنت مسافرًا في الإسكندرية، وبالفعل تم الإفراج عني بعد أخذ كل متعلقاتي والسيارة ثم عدت إلى منزلي.
وبعد عودتي للمنزل علمت بأن هناك شخصا تحدث تليفونيًا لبنتي من رقم سري، وأخبرها أني توفيت وطلب منها الذهاب إلى المشرحة لاستلام جثتي، وأهل المنطقة كانوا يستعدون لتلقي العزاء.
ويضيف: وبالرغم من ذلك لم أخبر أي شخص بما حدث معي، ثم سافرت إلى الإسكندرية لمدة أسبوع، وعلمت من بعض أصدقائي أنه خلال شهر فبراير تم نشر العديد من الموضوعات الصحفية عني تفيد أني أكبر تاجر مخدرات وسلاح ونسبوا إلىّ أنني كنت السبب في نقل 30 ضابطًا من جهات عملهم إلى جهات أخرى.
واتصل بي العديد من الصحفيين وقلت لهم إن هذه الأخبار غير صحيحة، وإني كنت مسافرًا إلى الإسكندرية، ولم أتعرض لأي شيء من هذا القبيل.
ويستطرد أقواله: تعرضت لمشاكل عديدة بسبب تلك الأخبار المنشورة، وكنت أتعمد عدم الظهور في الكافيتريا الخاصة بي في السيدة نفيسة والمقطم لعدم سؤالي عن سبب اختفائي تلك المدة.
وفوجئت بهدم المقهى خاصتي بمنطقة السيدة نفيسة رغم أن موقفي القانوني سليم ومعي كامل الأوراق والتصاريح اللازمة.
وفي أحد الأيام أثناء توجهي أنا، وابني «محمد» وشقيقي «عمرو» وصديقي «تامر» وشخص يدعى «عبده» يعمل معي، إلى مطعم «ريدان» في شارع شهاب بمنطقة المهندسين أمام فرغلي بجوار مطعم «ماي كوين» لتناول الطعام به، فوجئت بتواجد الضابط أحمد هداية داخل سيارته ومعه شخص آخر أمام الكافيتريا، وبحضوري إليه قال لي «اركب معايا علشان إحنا عرفنا إنك اتكلمت»، فقلت له «أنا مفتحتش بوقي ولا قولت أي حاجة».
وأثناء حديثنا حضر العديد من الضباط والأمناء حاملين أسلحة، وقاموا بالقبض علي ّ وتوجهنا إلى منزلي وقاموا بتفتيشه، وفتح خزنتي وأخذ المتعلقات الموجودة بداخلها وجهاز تخزين كاميرات المنزل.
واصطحبوني إلى مديرية الأمن رغم عدم عُثورهم على أي شيء معي، وبدخولي أحد المكاتب وجدت نفس الشخص الذي كان متواجدا مع الضابط أحمد هداية بداخل سيارته ويدعى «غالب مصطفى» مدير إدارة المخدرات بالقاهرة، وقال لي «أنا مش عارف أنت هنا ليه، أحكيلي حكايتك أنت أقرب واحد جه هنا، ومن الواضح إن فيه رتبة كبيرة موصية عليك، أنت صعبان عليا».
ثم قاموا باحتجازي، وجاء لي ضابط آخر يدعى «وائل» وقال لي: «ربنا معاك متقلقش أنا معملتلكش محضر جامد وعارف إنك مظلوم، يمكن لما تبعد شوية هما ينسوك ويكون الناس دي مشيت»، ثم قاموا بإحضاري إلى النيابة ولم أعلم ما هو السبب.
وأشار إلى أن الضابط أحمد هداية أخبره بأن سبب ضبطه عدم التزام الصمت والتحدث مع آخرين في أمور تم التنبيه عليه بعدم التحدث فيها.
وأضاف أن الضابط أحمد هداية قال له: «أنا زعلان علشان الضباط المنقولين بسببك»، وتعجب من وجود أحمد هداية لأنه ليس ضابطا بإدارة المخدرات.
وأكد في نفيه للتهمة المنسوبة إليه بأنه من عدم المعقولية أن يكون جيرانه ضباط وأطباء والممثل الشهير يحيى الفخراني، ويكون في بيته هذه المخدرات، ومن غير المنطقي أيضًا أن يكون لديه العديد من السيارات ويقوم بالاستعانة بتاكسي في نقل مثل تلك المواد أو تسليمها لأحد السائقين الذين يعملون لديه دون تعريض نفسه للخطر.
وأضاف أنه يعمل في استيراد الأدوات المدرسية ويمتلك الكثير من العقارات ودخله كبير، وليس في حاجة للإتجار في المخدرات.
وأكد أن سبب اتهامه بالإتجار في المخدرات بهذه القضية، أن هناك مجموعة ضباط بوزارة الداخلية يعتقدون أنه السبب في نقل 30 ضابط شرطة والعديد من الأمناء، خاصة أن الصحف والجرائد قالت عنه إنه «دكش الخليفة» أشهر تاجر مخدرات في مصر، وأنه تم القبض عليه في صفقة مخدرات كبيرة وهذا على غير الحقيقة – حسب أقواله.
وقرر في نهاية التحقيقات أنه يخشى على نفسه وعلى أسرته من الانتقام منهم.
وأضاف محاميه في التحقيقات، أن القضية ملفقة لوجود خصومة بينه وبين بعض ضباط الشرطة ثابت ذلك فيما تداولته الصحف ووسائل الإعلام.
ومن ناحية أخرى بدأت الأسبوع الماضي، محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار جعفر نجم الدين، وعضوية المستشارين مصباح قرني، وسمير دوح، وسكرتارية سيد نجاح ومحمد خميس، نظر أولى جلسات المحاكمة، وطلب دفاع المتهم التصريح له باستخراج شهادة من قسم الباطنة بمستشفى قصر العيني عما إذا كان المتهم مريضًا، وتم حجزه في الفترة من 25 مارس وحتى 15 أبريل، فقررت المحكمة التصريح للدفاع باستخراج الشهادة، وأجلت المحاكمة لشهر أكتوبر المقبل.
أرسل تعليقك