يشهد الكويت فضيحة مُدوية بعد اكتشاف ما وُصِفت بـ"أكبر عملية تزوير لشهادات جامعية في الدولة الخليجية"، متورّط بها أكثر من ألف شخص، بعضهم مشهورون إعلاميًا، وتصاعد دعوات برلمانية وأكاديمية للمطالبة بمحاسبة جميع الضالعين، وسدّ الثغرات في آلية اعتماد الشهادات الجامعية في الكويت.
وأعلنت وزارة التعليم العالي بالكويت،نقلًا عن "مصراوي"، الأربعاء، اكتشاف عدد كبير من الشهادات المزوّرة الصادرة من مصر، لمختلف المراحل الجامعية، خلال الأشهر الماضية، وإلقاء القبض على أحد الوافدين العاملين بالوزارة، من مصر، متواطئ في الجريمة. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه القضية الأكبر من نوعها في الكويت، نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصادر وصفتها بالمُطلعة، قولها إن "الشهادات التي تم اكتشافها، حتى الثلاثاء، تجاوزت الـ400 شهادة"، مُحذّرين من وجود مسؤولين وموظفين كبار في أجهزة الدولة يحملون شهادات مزورة، لم يُكتشفوا إلى الآن، فيما يوجد محامون اشتروا شهادات وهمية، بحسب قولهم.
منحى خطير
ودخلت القضية، الأربعاء، منحى خطيرًا بعد أن كشفت تحقيقات أجرتها الأجهزة المختصة في وزارة الداخلية، عن تشعّب مسار تزوير الشهادات، بدءا من موظف التعليم العالي الذي أُلقي القبض عليه فور عودته من بلاده، مرورًا بالتنيسق مع مكاتب وجهات في مصر احترفت تزوير الشهادات، وصولًا إلى بيعها في الكويت ودول خليجية أخرى للراغبين في الحصول على المُسمّى الأكاديمي من دون بذل أي جهد.
وكشف مصدر في المباحث الجنائية -وتحديدًا في مكافحة التزييف والتزوير- أن الوافد المصري الذي يعمل في وزارة التعليم العالي، تواطأ مع أحد من أبناء جاليته، حيث يقوم بتزوير الشهادات في بلده مقابل مبالغ أخرى يتم تحصيلها من الراغبين في الحصول على الشهادات المزيفة، وفق الصحيفة.
وقال مصدر أمني لـ"القبس" إن رجال المباحث تلقوا معلومات عما يقوم به الوافد المصري، فأجروا التحريات اللازمة التي أكدت تورطه وقيامه بتسلم المبالغ عن طريق وسيط من أبناء جاليته في بلده، مشيرا إلى أن هناك بلاغات حول أكثر من 400 شهادة ومعظمها تخصص حقوق، وتم استدعاء 18 مواطنًا يُشتبه في تزوير شهاداتهم.
جهات حكومية
وأكد المصدر- الذي لم تُسمه الصحيفة- أن بعض المزوّرين يعملون في جهات حكومية، منهم محامون، إذا تم ضبط 50 شهادة جامعية مزورة. وفي حين أوضح أن أصحاب الشهادات المزورة ليس لهم ملفات نهائيًا في وزارة التعليم العالي، قال إن "الموظف المصري يقوم بمساعدتهم في إدخالها في النظام الآلي مقابل مبلغ مالي، إذ تصل تكلفة الشهادة ما بين 700 إلى 1000 دينار كويتي حسب التخصص".
وأفاد المصدر بأن "الوافد يقوم بتزوير الشهادات في بلده بطريقة احترافية ويسلمها لموظف مصري في التعليم العالي، تم ضبطه فور عودته من إجازته".
وبحسب التحقيقات، أقرّ موظّف التعليم العالي بأنه "يُتاجر في الشهادات منذ 7 سنوات ولم يُكتشف أمره". ولا تزال التحقيقات جارية تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه.
وأظهرت التحقيقات، وفق القبس، وجود مكاتب وسماسرة وعناصر تشكل منظومة متكاملة لتزوير الشهادات والتلاعب بنتاج العقول.
تراسل الكتروني
وأكد المتهم في اعترافاته أنه يتقاضى من 700 إلى 1000 دينار نظير معادلة الشهادة الواحدة، مُشيرًا إلى أن جميع المراسلات إلكترونية مع شركائه.
وتبيّن أن المتهم المصري يعمل في وزارة التعليم العالي بالكوبت منذ عام 2007، طبّاعًا يتبع شركة لديها مناقصة، وأقرّ خلال التحقيقات أنه تمكن من تكوين علاقات مع قياديين سابقين وساعدوه في نقل اقامته من الشركة إلى الوزارة وبعدها قام بتوظيف بعض أقاربه.
ووفق التحقيقات، فإن أغلب الموظفين في إدارة المعادلات كانوا يعتمدون على المتهم في إنجاز المعاملات. وفي هذا الصدد، قال المتهم المصري- الذي لم يُكشف اسمه- إن "أفضل وقت لتمرير المعاملات المزورة وقت الازدحام، حيث لا تدقيق على المعاملات".
أوضح أن طريقة تزوير المعاملة تنطلق من القاهرة، حيث يقوم أحد المندوبين بوضع الأختام المزورة للسفارة والمكتب الثقافي وبعدها يرسلها، حسبما كشفت التحقيقات.
وأكّدت مصادر مُطلعة للصحيفة إن الحكومة ستعمل على وأد أي شهادة مزورة، وستحرص على محاسبة المتورطين. وذكرت أن الحكومة طلبت سابقًا إحالة مكاتب وشركات تدعو الطلبة إلى الالتحاق ببعض الجامعات المشبوهة وسيتم الإعلان عنها قريبًا.
وشددت وزارة التعليم العالي على استمرارها في الإحالة إلى النيابة العامة لجميع الحالات التي تتبين فيها معادلة المؤهلات العلمية باستخدام شهادات مزوّرة، مؤكدة أن التدقيق مستمر لمراجعة جميع الشهادات التي صدرت لها معادلة سابقًا من الوزارة.
ليست الأولى
في وقت سابق من العام الجاري، تم تحويل أصحاب 8 شهادات في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب إلى النيابة العامة، بناء على توصيات لجنة شُكلت لهذا الغرض.
وألقت السلطات الكويتية، العام الماضي، القبضَ على شاب كويتي متخصص في بيع الشهادات المزوَّرة من دول عربية، مقابل 12 ألف دولار للشهادة الواحدة، تُدفع بالتقسيط.
وقال المتهم أمام النيابة العامة، إنه جمع 3 ملايين دينار كويتي (نحو 10 ملايين دولار)، خلال سنتين فقط، بعد بيعه 600 شهادة لنخب سياسية وأكاديمية في البلاد.
وأحالت الحكومة، في يوليو 2016، 270 مزوِّراً لشهادات طب وهندسة، تعمل الغالبية منهم في القطاع الخاص، والنيابة العامة. وجاءت هذه الخطوة بعد أن أجرت اختبارًا لمعادلة شهاداتهم والبتّ فيها، ولم يتقدّم إليه سوى 100 شخص، ولم ينجح فيه إلا متقدم واحد فقط.
أرسل تعليقك