أمر النائب العام بحبس المتهمة حنين حسام عبدالقادر 4 أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات؛ وذلك لاتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وإنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعي بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجريمة، وكذا اتهامها بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر بتعاملها في أشخاص طبيعيين هنَّ فتيات استخدمتهنَّ في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع المصري؛ للحصول من ورائها على منافع مادية؛ وكان ذلك استغلالًا لحالة الضعف الاقتصادي وحاجة المجني عليهنَّ للمال، والوعد بإعطائهنَّ مبالغ مالية، وارتكبت تلك الجريمة من جماعة إجرامية مُنَظَّمة لأغراض الاتجار بالبشر تضم المتهمة وآخرين.
إذ في إطار التكامل بين أجهزة الضبط القضائي وعلى رأسها النيابة العامة بما يُناط بها من تَتَبُّع الجرائم وتقديم المجرمين فيها إلى المحاكمة تحقيقًا للعدالة الناجزة، وأجهزة الضبط الإداري وعلى رأسها وزارة الداخلية وما يُناط بها بقوة الدستور والقانون من منع وقوع الجرائم واستئصال طرقها في المجتمع؛ حفاظًا على الأمن القومي الاجتماعي المصري بكل صوره، وتحقيق الصحة والسكينة والسلامة العامة، فقد رُصِدَت إحدى الظواهر الجديدة التي استغلت الظروف العامة الراهنة التي أحدثتها جائحة فيروس "كورونا"، واستحدثت طرقًا جديدة للتسلل إلى المجتمع المصري إضرارًا به، والتغرير بالشباب فتيان وفتيات قُصَّر وبالغين، واستدراجهم ومنهم حسني النية إلى شرور الأفعال بدعاوى التسلية وكسب المال المزيفة، ليجدوا أنفسهم أمام جرائم حقيقية.
حيث كانت وحدة الرصد بمكتب النائب العام قد رصدت تفاعلًا واسعًا من مشاركي مواقع التواصل الاجتماعي، وورد إلى حسابها الرسمي بموقع "فيس بوك" مُطالبات عِدَّة بالتحقيق مع المتهمة المذكورة؛ لنشرها مقطع مُصوَّر أذاعته عبر حساب لها بتطبيقٍ للتواصل الاجتماعي؛ دعت خلاله الفتيات للمشاركة في مجموعة إلكترونية أسمتها "الوكالة" أسستها عبر التطبيق المذكور؛ لتذيع الفتيات فيها بثًا مباشرًا لهنَّ متاحًا للكافة مشاهدته، والتعارف والتحدث إلى متابعيه؛ مقابل حصولهنَّ على أجور بالدولار الأمريكي تزيد بزيادة عدد المتابعين والمشاركين بهذا البث، فأمر النائب العام بالتحقيق في الواقعة وضبط المتهمة واستجوابها.
ونفاذًا لذلك توصلت تحريات الإدارة العامة لحماية الآداب في وزارة الداخلية، بعد متابعتها مواقع التواصل الاجتماعي ورصدها المقطع المذكور وتَبَيُّنِها تداوله على نطاق واسع بين رواد تلك المواقع؛ إلى أن المتهمة المذكورة هي التي ظهرت فيه ونشرته لتدعو الفتيات – البالغات والقُصَّر على حدٍ سواء - للاشتراك في مجموعة أسمتها "الوكالة" ادعت تأسيسها عبر تطبيقٍ للتواصل الاجتماعي بالاتفاق مع القائمين عليه والذين تربطها علاقة بهم منذ عامين؛ لتظهر به الفتيات في بثٍ مرئي مباشر - "Live" - متاح لكافة المشاركين بالتطبيق متابعته، وإنشاء علاقات صداقة وتجاذب أطراف الحديث مع المتابعين له، مُستغلةً فترة حظر التنقل الحالي بالبلاد ومكوث الناس بمنازلهم؛ وذلك مقابل وعدهنَّ بالحصول على أجورٍ تزيد بزيادة اتساع المتابعين لهن.
وأكدت التحريات والمتابعة إحداث المقطع موضوع التحري صدمة عنيفة للمجتمع المصري، لِـمَا احتواه من دعوة مباشرة من المتهمة للفتيات بارتكاب أعمال مخالفة للآداب العامة وقيم ومبادئ المجتمع المصري، ومحاولتها التحايل على ذلك بادعائها عبر المقطع بشرعية ما تقوم به، وتحريض الفتيات على ما دعت إليه لتحقيق أعلى نسب ممكنة لمتابعة ما يَعرِضنَه عبر التطبيق المذكور سعيًا وراء الربح، وأن هذه المتابعات تُفضِي إلى أحاديث غير سويَّة بين الفتيات والرجال وعقد وترتيب لقاءات جنسية مؤثمة بينهم في غرف مغلقة للتحاور تنتهي إلى تحريض على الفسق، وأن الفتيات يُدْفَعنَ إلى إثارة الرجال بأفعال منافية للآداب سعيًا وراء رفع نسبة متابعي البث إلى حد معين اشترطته الشركة المالكة عليهنَّ لحصولهنَّ على المقابل المادي الذي وُعِدنَ به.
وعلى ضوء تلك المعلومات تمكنت الإدارة العامة للآداب، نفاذًا لقرار النيابة العامة، من ضبط المتهمة بمنطقة سكنها بدائرة قسم شرطة الساحل، وبحوزتها هاتفيْن محموليْن وحاسب آلي محمول استخدمتهم في نشاطها المذكور، وتَبَيَّنت الإدارة العامة للآداب من الفحص المبدئي لهاتف منهما احتواءه على العديد من المحادثات عبر تطبيق "واتس آب" المتضمنة اتفاقات بين المتهمة وآخرين من القائمين على تطبيق للتواصل الاجتماعي على إعلانها تأسيس الوكالة المذكورة لاستدراج الفتيات واستغلال ظروفهنَّ لإجراء البث المباشر لهنَّ عبر التطبيق وتكوينهنَّ صداقات مع متابعيه، وكذا عثر بالهاتف على بيان بالتحويلات البنكية الواردة إلى المتهمة من الشركة القائمة على التطبيق مقابل ما حققته المقاطع التي صورتها من نسب مشاهدة وتفاعل، والبالغ إجماليها نحو ثلاثة آلاف وستمائة دولار أمريكي، وكيفية تلقيها عن طريق حساب بنكي لها، كما تبين منه أن المتهمة عضوة بمجموعة على تطبيق "واتس آب" تضم القائمين على إدارة التطبيق موضوع التحقيق، وأنها تتلقى عَبْرَه تكليفات منهم والتي منها الإعلان عن الوكالة – موضوع التحقيق - استغلالًا لظروف الفتيات الاجتماعية والظروف التي تمر بها البلاد في ظل إجراءات مكافحة انتشار الفيروس المستجد، وكذا تبين أنها عضوة بمجموعة أخرى على تطبيق "واتس آب" تضم الفتيات اللاتي رَغِبنَ في الاشتراك بالوكالة التي أعلنت عنها؛ لتنتقي منهنَّ من يظهر في بث مباشر، وأنها تمتلك ثلاثة حسابات عبر ثلاثة تطبيقاتٍ مختلفة للتواصل الاجتماعي لخدمة هذا النشاط؛ جميعها تحتوي على صور ومقاطع عديدة لها، منها ما قامت فيه بالرقص والغناء بطريقة مثيرة تلفت الأنظار إليها من أجل تسجيل نسب مرتفعة للإعجاب بها والمتابعة لما تنشره، وأن من بين ما نشرته مقطع لمحادثة جنسية بين شاب وفتاة – طالعته النيابة العامة وواجهت المتهمة به وتَبَيَّنت تداوله بمواقع أخرى للتواصل الاجتماعي – وذلك لتنتقم منه لخلافات بينهما، وأكدت التحريات أن غرضها من وراء نشره تحقيق إثارة وزيادة في نسب المتابعين لها وتقاضيها من الشركة مالكة التطبيق أجر مقابل ذلك، وكذا تبين بالهاتف جدول صادر عن تطبيقٍ للتواصل الاجتماعي يوضِّح عدد الساعات التي خرجت فيها الفتيات في بث مباشر عبر التطبيق، ونسبة ربح المتهمة من ذلك.
وباستجواب النيابة العامة المتهمة أنكرت ما نسب إليها من اتهامات، وقررت بتعاقدها منذ عامين مع شركة صينية مالكة لتطبيقٍ للتواصل الاجتماعي ينشر المشاركين فيه مقاطع مصورة قصيرة فيما بينهم، حيث تواصلت إلكترونيًا مع مديرة الشركة – صينية الجنسية – والتي ضمتها إلى مجموعة عبر أحد تطبيقات التواصل، ثم أرسلت إليها تعاقدًا إلكترونيًا بينها والشركة على تصويرها شهريًا نحو عشرين مقطع مصور لنفسها حال أدائها بعض الأغاني ونشرها عبر التطبيق بعناوين مختارة (Hashtags) مقابل تقاضيها نحو أربعمائة دولار شهريًا بتحويلات بنكية، على أن يزيد أجرها بزيادة متابعيها عبر التطبيق، وأنها اعتادت خلال العامين على تصوير ونشر المقاطع التي حددتها الشركة لها وكان غالبية متابعيها من الأطفال والشباب، وتقاضت أجورها عنها والتي تحددت بأعداد المتابعين لها ولحساباتها بسائر تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى، وأضافت أنها ربطتها علاقة ببعض القائمين على إدارة الشركة المالكة للتطبيق المتعاقدة معه – من بينهم مصريون وصينيون – حيث اضطلع أحدهم – مصري الجنسية - بحمايتها إلكترونيًا من المضايقات أو محاولات حذف أو حجب مقاطعها المصورة المنشورة، كما ربطتها علاقة بآخريْن مصرييْن مسؤوليْن عن البث المباشر للتطبيق بالشرق الأوسط، واللذان طلبا منها في نهاية مارس الماضي الإعلان في منشور لها عبر تطبيق آخر - خلاف القائمين على إدارته - عن رغبة إدارة شركتهم في تأسيس مجموعة إلكترونية من الفتيات – البالغات والقُصَّر - ليَعمَلنَ كمذيعات بالتطبيق إدارتهم؛ مقابل تقديم أجور لهنَّ استغلالًا لمكوث الكافة بمساكنهم تطبيقًا لحظر التنقل لمكافحة انتشار فيروس "كورونا"، وتَوَقُف أعمال البعض منهنَّ وحاجتهنَّ للمال، وأنها قد وقع الاختيار عليها لأداء ذلك الإعلان استغلالًا لارتفاع عدد متابعيها وسهولة انتشار ما ستصوره بينهم، وكذا طلب المذكوريْن منها توجيه الدعوة في الإعلان إلى الفتيات دون الرجال لحاجة الشركة إليهنَّ وزيادة عدد الرجال العاملين لديها؛ فاستجابت لطلبهما وأذاعت للكافة من مسكنها المقطع المصور موضوع التحقيق، ثم أخذه بعض متابعيها وحذفوا منه بعض الكلمات وأعادوا نشره في صورة توحي بدعوتها إلى أمور تخالف الآداب العامة، متمسكة بأن صحيح ما أذاعته هو إعلان الشركة المتعاقدة معها عن حاجتها لفتيات يَعمَلنَ كمذيعات عبر تطبيق الشركة، وعن الشروط التي حددتها لتلك الفتيات والتي تمثلت في أن تكون أعمارهنَّ أكثر من ثمانية عشر عامًا وأن يكنَّ لديهنَّ مواهب في تجميل النساء أو الطبخ أو العزف أو الغناء على أن يُـجِدنَ التحاور مع متابعيهنَّ، أو أطفال ممن يَتمَتَّعنَ بأي من هذه المواهب شريطة موافقة ذويهنَّ على ذلك لتتعاقد الشركة معهم، وأنهنَّ سيتقاضيْن أجورهنَّ عما يَقُمنَ ببثه بالتطبيق لأي من هذه المواهب من مساكنهنَّ، على أن تحدد تلك الأجور بمدى التزامهنَّ بما يُكَلَّفنَ به، وأضافت أن من بين إجراءات إلحاق الفتيات بهذه الشركة تقدمهنَّ ببطاقات تحقيق شخصياتهنَّ لتسجيل بياناتها بالشركة المالكة للتطبيق تمهيدًا لدفع أجورهنَّ عما يَقُمنَ بتصويره من مقاطع بحساباتهنَّ البنكية أو عن طريق البريد، وأنها علمت أن المطلوب منهنَّ لقبولهنَّ بالشركة أن يُذِعنَ عبر التطبيق في ساعات تختارها الشركة بثًا مباشرًا لهنَّ يُقَدِّمنَ فيه أنفسهنَّ وما يَمتَلِكنَ من مواهب مع متابعيهنَّ، وفي حالة قبول الشركة أي منهنَّ؛ يُـحَدَّد للفتاة المقبولة رقم تعريفي مُفعَّل، ثم تنضم إلى مجموعة للتواصل تديرها الشركة لنقل تكليفاتها إليهنَّ، وأن الشركة تحدد أجورهنَّ وفقًا لمدى تنفيذهنَّ ما تطلبه منهنَّ.
ونفت المتهمة ما أعلنته صراحة بالمقطع موضوع التحقيق من امتلاكها أو تأسيسها ما أسمته "بالوكالة" عبر التطبيق المتعاقدة مع شركته، دافعة ذلك عنها بعدم تحريرها سجلًا تجاريًا أو ضريبيًا لهذه الوكالة، وأنها قالت ذلك على سبيل الدعاية وتنفيذًا لما كُلِّفت به من الشركة لاستغلال الفتيات من متابعيها لكثرة عددهنَّ، وأنها عقب نشر الإعلان تلقت ثناءً من الشركة عليه ووُعِدَت بتقاضيها عنه نحو ثلاثة آلاف جنيه تحول إلى حسابها البنكي.
وأوضحت المتهمة أنها عضوة بمجموعتيْن على تطبيق "واتس آب"، واحدة تضم ثلاثة عشر عضوًا من بينهم صينيون ومصريون، والثانية تضم ما يربو عن مائة عضو من جنسيات مختلفة، وأن كلاهما خُصِّصَتا لنقل تكليفات الشركة إليها حول مضمون المقاطع التي تصورها وتنشرها والعناوين التي ترفقها بها، والتي كان منها عنوان "سريرك مَسْرَحَك"، كما قررت بعضويتها في مجموعتين أخريين للتواصل مع الفتيات اللاتي استجبنَ إلى دعوة الاشتراك للوكالة التي أعلنت عنها لإعلامهنَّ بالخطوات والإجراءات اللازمة لالتحاقهنَّ بها، والوقوف على أعدادهنَّ ومدى نجاح الأمر.
وبمواجهة النيابة العامة المتهمة بمقطع سبق أن نشرته بأحد حساباتها تضمن محادثة جنسية بين رجل وفتاة، أقرت بنشره مدعية أنه كان يخلو من المحادثة الجنسية المشار إليها، وأن أحدًا أضافه إليه عقب نشره؛ بينما تبين للنيابة العامة من مطالعة المقطع إعلان المتهمة فيه اعتذارها للمشاهدين والمستمعين عن المحتوى الإباحي الذي سيتضمنه المقطع.
وطالعت النيابة العامة مجموعات التواصل الإلكترونية التي انضمت إليها المتهمة عبر هاتفيها المضبوطيْن؛ فتبينت إحداهم مكونة من ثلاثة عشر عضوًا تضم عدد ممن أسموا أنفسهم "مديري وكالات" بالتطبيق الذي تعاقدت معه المتهمة، واحتوائه على محادثات توضح نظام العمل وكيفية اختيار العاملين بالتطبيق، والآليات الواجب عليهم اتباعها لاختيار المشارِكات به، وتوضيح عدد ساعات العمل والآليات الفنية الواجب اتباعها، وكيفية احتساب المستحقات المالية للمتهمة كمالكة لوكالة بالتطبيق تسمى "وكالة الهرم"، وكذا المستحقات الخاصة بالفتيات اللاتي تمكنت من تشغيلهنَّ عقب إحاطتهنَّ بالقواعد والآليات المنظِّمة للاشتغال والالتحاق بذلك التطبيق، وكذا جدول مبين به الحد الأقصى للساعات المحتسبة لليوم الواحد المطلوب من المشاركات تحقيقها كشرط للحصول على المبالغ المالية التي وُعِدنَ بها، ونسبة الوكالة والـمُلقَّبات بالمذيعات منها، وكذا شروط وضعتها الشركة لصانعي المقاطع المصورة، وشرط لالتحاقهنَّ بالشركة تـَمَثَّل في ضرورة اجتيازهنَّ تجربة للبث المباشر وتصوير ونشر ثلاثة مقاطع على الأقل.
وتبينت النيابة العامة مجموعة أخرى تكونت من نحو مائة وثلاثة وخمسين عضوًا ضمت محادثات عن كيفية اختيار الموضوعات الصالحة للنشر عبر التطبيق، والتي كان من بينها موضوع بعنوان "اجعل سريرك مكانًا مشرقًا، المطلوب: اضبط سريرك يمكنك الرقص، الغناء، التمثيل، أو يمكنكم القيام بشيء مضحك على السرير، على أن يظهر الفيديو بصورة واضحة، سريرك مَسْرَحَك".
وعثرت النيابة العامة بهاتف للمتهمة على محادثتين عبر تطبيق "واتس آب"؛ الأولى كانت بينها وآخر حول نسبتها المستحقة لها من أرباح الوكالة التي أعلنت عنها؛ حيث أعلمها محدِّثها بكيفية تحقيقها تلك الأرباح، وحاجة الشركة إلى مزيد من المذيعات، بينما أفصحت له عن تمكنها من جمع ما لا يقل عن مائة فتاة يوميًا طالبة تحديد المقابل المادي لذلك، فوعدها بأجر مجزي إن جمعت ذلك العدد من الفتيات المستعدات للعمل وأفهمتهنَّ طريقته، وأوضح لها طريقة احتساب أجرها وأجور الفتيات العاملات معها، فأبدت استعدادها وانتظارها توجيهاته لها ومن يساعدها على جمع الفتيات، كما تبين للنيابة العامة من محادثتهما طلبها منه مساعدتها للرد على ما تداوَل بوسائل الإعلام حول المقطع الذي صورته – موضوع التحقيق - ومطالبة المجتمع بمسائلتها والتحقيق معها، موضحة لمحدِّثها عدم تقاضيها أي مبالغ مقابل نشرها المقطع المذكور، فأجابها بضرورة نشرها مقطع آخر للرد على تلك المطالبات محذرًا إياها من تصويره ونشره إلا بعد موافقة الشركة عليه، ثم أعلمها بفحص الشركة ما تداوَل بالمواقع حولها لإعداد رد عليه، وترتيب عقد اجتماع لها مع مسؤولين بالشركة لتوجيهها بكيفية الرد، ثم أرسل لها لاحقًا عدة بنود لتتحدث منها في مقطع تصوره ردًا على ما أثير بشأنها.
وبفحص النيابة العامة هاتف آخر للمتهمة تبين مسؤوليتها عن إدارة مجموعة عبر تطبيق "واتس آب" ضمت مائة وسبعة وسبعين عضوًا تدور محادثاتهم بها حول شرح كيفية التقدم للعمل لدى الشركة مالكة التطبيق المتعاقدة المتهمة معها، ومدى إمكانية القبول بها وتقاضي مبالغ مالية منها، وأن المتهمة أجابت عدد منهم واعدةً إياهم بإرسال المبالغ المالية إليهم، وأعلمتهم بعملها لدى الشركة منذ عامين تقريبًا لطمأنتهم، كما أرسلت إليهم مقاطع صوتية تتضمن إعلامهم بشروط المتقدمين للالتحاق للعمل بالشركة والتي منها قبول من هم دون الثمانية عشر عامًا متى ثبت تقديمهنَّ مَوهبة محددة، وأفصحت خلال تلك المقاطع عن وعدها إليهم بإرسال أجورهم عبر تحويلات بنكية والتي تتراوح ما بين ستة وثلاثين إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي؛ مقابل تحاورهم مع من يتابع ما يذيعونه من بث مباشر عبر التطبيق.
وقررت النيابة العامة استكمالًا للتحقيقات طلب تحريات قطاع الجريمة المنظمة والإتجار بالبشر بوزارة الداخلية حول الواقعة، والاستعلام من البنك المركزي عن حسابات المتهمة البنكية في ضوء تصريح مقدم منها بذلك، وندب مختص بالجهاز القومي للاتصالات لفحص حسابها عبر التطبيق الذي تعاقدت عليه لبيان مُنشِأه وكيفية إدارته والمسؤول عنه وكيفية التعامل عليه وإنشاء الحسابات به، وبيان محتوى حساب المتهمة وما تم نشره وحذفه به إن وجد، وعما إذا جرى العبث بأي من محتوياته، ومدى إمكانية استرجاع المحذوف منه، وعما إذا كان الحساب غطاء لغرف مغلقة تدار بمعرفة المتهمة تحوي مواد غير مشروعة أو منافية للآداب العامة، وعما إذا كان متاح للكافة الاطلاع عليه ونسب مشاهدته، وفحص هاتفي المتهمة وحاسبها الآلي ومحتواهم المتعلق بالجريمة موضوع التحقيق، وإخطار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لاتخاذ الإجراء المناسب نحو حجب حساب المتهمة وفقًا لنص المادة ١٩ من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وعرضت النيابة العامة النظر في أمر تجديد حبس المتهمة على قاضي المعارضات اليوم الخميس الموافق ٢٣ أبريل ٢٠٢٠، وأمر باستمرار حبسها خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات.
وتشير النيابة العامة إلى أن الواقعة المطروحة قد أكدت أنه استُحدِث لبلادنا حدود رابعة خلاف البرية والجوية والبحرية تؤدي بنا حتمًا إلى تغييرات جذرية في سياسة التشريع والضبطيات الإدارية والقضائية، حيث أصبحنا أمام حدود جديدة سيبرانية مجالها المواقع الإلكترونية، مما يحتاج إلى ردع واحتراز تام لحراستها كغيرها من الحدود.
وتهيب النيابة العامة بمستخدمي تلك المواقع من الشباب والبالغين، أن يسهموا بدورهم الفاعل في معاونة أجهزة الضبطية القضائية والإدارية لحراسة تلك الحدود المستحدثة والتي تضم ملايين المواقع، مما لا يتسنى حصر الضار منها وما فيه من شرور، ورفع للقيود، وتستر وراء شخوص مستعارة وحقائق مزيفة؛ إلا بوعي شامل وتفاعل متكامل من كافة طوائف المجتمع.
وتؤكد النيابة العامة أن تلك الحراسة ليست دعوة لتتبع الناس أو حرماتهم الخاصة، ولا استطالة على الحريات أو تقييدًا لها، ولا دعوة إلى الرجعية ورفض التطور؛ إنما هي تصدٍ لظواهر من ورائها قوى للشر تسعى لإفساد مجتمعنا وقيمه ومبادئه، وسرقة براءته وطهارته، فتتسلل إليه مستغلة ظروفه وضائقته؛ لتدفع شبابه وبالغيه إلى الهلاك بجرائم تكتمل أركانها في فلك عالم إلكتروني افتراضي جديد، فهكذا يُسْتَغَل الناس عامة والشباب خاصة، فهل يروَّج للفسق إلا في دعوات للترفيه والتسلية، وهل يوقَع بالفتيات في فخاخ ممارسة الدعارة إلا باستغلال ضعفهن وضائقاتهن الاجتماعية.
وعليه فإن النيابة العامة تؤكد على التزامها بدورها في حراسة تلك الحدود المستحدثة، وتصديها الحازم لمثل هذه الجرائم ومرتكبيها الهادفين للتغرير بشباب هذه الأمة، وتبديل مبادئها وقيمها الراسخة؛ ذلك باتخاذ كافة الإجراءات القانونية المقررة لملاحقتهم وتتبعهم وتقديمهم إلى محاكمات جنائية ناجزة.
وتهيب النيابة العامة بالجميع حكومة ومؤسسات ومجتمع آباء وأبناء، الحذر والتصدي لمستحدثات أمور في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، شرور غايتها تبديد القيم وتزيين الفواحش وجعل السيئات من الـمُسَلَّمات، حافظوا على قيم هذا البلد العريق ومبادئه، وكافحوا الفساد بشتى صوره وأشكاله، واصبروا وصابروا، واعلموا أنه إذا حُمِل الحق على الناس جُملة دفعوه جملة، ويكون من ذلك فتنة، فالصرح العظيم يبنى لبنة لبنة، وما الإصلاح إلا تَدَرُّج وتَؤدَة، وإنه لخير أن يأتي علينا كل يوم من أيام الدنيا فنُمِيت فيه بدعة، ونحيي فيه سُنة حسنة.
قد يهمك أيضا :
النائب العام المصري يأمر بحبس حنين حسام صاحبة فيديو "افتحي الكاميرا"
راندا البحيري تُواجه حملة هجوم شرسة بعد دفاعها عن الطالبة "حنين حسام"
أرسل تعليقك