أودعت محكمة النقض برئاسة المستشار أحمد عمر محمدين، حيثيات حكمها بإلغاء القرار الصادر في 12 يناير 2017، بإدارج لاعب منتخب مصر السابق لكرة القدم محمد أبو تريكة و1537 شخصًا على قوائم الإرهاب، من بينهم الرئيس الأسبق محمد مرسي وعدد من قيادات الإخوان ورجال الأعمال المتهمين بتمويل الجماعة.
وجاء الحكم موافقًا لما انتهى إليه رأي نيابة النقض في توصيتها، محققًا ما استندت إليه العشرات من مذكرات الطعن التي قدمها دفاع المتهمين، منها مذكرة المحامي محمد عثمان دفاع أبو تريكة، التي تضمنت مخالفة قرار الإدراج للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وعدم مشروعيته.
وتضمن حكم النقض الذي حصلت «الشروق» على نسخة منه، أسباب عدة لإلغاء قرار الجنايات، وهي:
- اعتبرت محكمة النقض أن قرار الجنايات بإدراج المتهمين صدر بلا تسبيب مخالفًا قانون الكيانات الإرهابية، قائلة: «وصل القرار من الجسامة حدًا تعتبر معه المحكمة صدوره بلا تسبيب».
- جاء القرار في عبارات معماة ومجهلة وردت في إسناد مُجمل دون بيان الأفعال والوقائع التي ارتكبها المتهمون.
- لم تعتد محكمة النقض بما ورد في قرار الجنايات من عبارات تأشير المحكمة بالنظر والتمحيص في أوراق القضية واستخلاص الأدلة والقرائن منها.
- وصفت النقض عبارة «اطمئنان المحكمة لما ساقته النيابة العامة»، بأنها «معنى مستور بداخل القضاة الذين أصدروا تلك القرارت لا يُدركه غيرهم».
• لماذا يطلب القانون تسبيب الأحكام وبعض القرارات؟
قالت محكمة النقض إن المادة الثالثة من قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015 نصت على أن «يقدم طلب الإدراج من النائب العام إلى الدائرة المختصة مشفوعًا بالتحقيقات والمستندات المؤيدة لهذا الطلب.. على أن تفصل الدائرة المختصة فيه بقرار مُسبب».
ولتحقيق ما نص عليه القانون في قرار الإدراج، ذكرت المحكمة أن بطلان الأحكام والقرارت يترتب على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلق بأي إجراء أو بيان جوهري، وإذا كان المشرع لم يورد معيارًا ضابطًا يميز به الإجراء أو البيان الجوهري من غيره، فإنه يتعين الرجوع إلى علة التشريع، فإذا كان الغرض من الإجراء أو البيان الجوهري مصلحة عامة أو مصلحة المتهم أو غيره من الخصوم كان الإجراء أو البيان جوهريًا يترتب البطلان على عدم مرعاته.
وأوضحت المحكمة أن تسبيب الأحكام والقرارت القضائية من البيانات الجوهرية التي يجب مرعاتها وعدم إغفالها أو القصور فيها، إذ أنها تمثل مصلحة المتهم وغيره من ذوي الشأن، وضمانات حق الدفاع التي تستوجب أن يقف ذوي الشأن على حقيقة ما قضى به الحكم أو القرار والأدلة والقرائن التي استند إليها في قضائه، وذلك حتى يأنسوا إلى مرعاة الحكم أو القرار عند صدوره لتلك الحقوق والضمانات المكفولة لهم.
وأضافت أن المراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسباب والحجج التي أنتجت الحكم أو القرار وأنبنى عليها سواء من حيث الواقع أو القانون، وكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب إتيانه في بيان جلي مفصل يتسير الوقوف على مبرارت ما انتهى إليه، أما إفراغ الحكم أو القرار في عبارات معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده المشرع من إيجاب تسبيب الأحكام وبعض القرارات، ولا يمّكن محكمة النقض من مراقبة صدوره.
• اكتفاء قرار الإدراج بعبارات مجهلة وغير واضحة
قالت المحكمة إن القرار المطعون فيه قد خلص إلى إدراج الطاعنين وبعض الكيانات على قوائم الإرهاب في إسناد واحد مجمل، دون بيان الأفعال والوقائع التي ارتكبوها وتستوجب ذلك والمحددة بالمادة الأولى من قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2018، والأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع التحقيقات والمستندات المعروضة عليها من النائب العام.
كما لم يحدد وجه الارتباط بين القضايا العديدة التي ساقها مع طلبه على الرغم من حملها تواريخ مختلفة ووقائع مستقلة كل منها عن الأخرى، رغم ما قد يكون فيها من اختلاف في مراكزهم القانونية، فاكتفى القرار المطعون فيه بعبارات عامة معماة مجهلة لا يتحقق بها الغرض الذي قصده المشرع من إيجاب تسبيب تلك القرارت من الوضوح والبيان.
• وصف النقض لعبارة «اطمئنان المحكمة لما ساقته النيابة»
وعما ورد من عبارات الاطمئنان والتمحيص في قرار محكمة الجنايات المُسبب بإدراج المتهمين، قالت محكمة النقض إنه لا يعتد في هذا الخصوص بما ورد بتلك القرارات من تأشير محكمة الجنايات بالنظر على كافة الأوراق والمستندات المقدمة وتمحيصها لها، أو أنها استخلصت منها الأدلة أو القرائن التي استندت إليها، ووجه استدلالها بها في قضائها، ولا حتى عبارة اطمئنان المحكمة لما ساقته النيابة العامة، إذا أن تلك العبارة إن كان لها معنى فهو مستور بداخل القضاة الذين أصدروا تلك القرارت لا يُدركه غيرهم.
• سريان الحكم على جميع المتهمين المدرجين
وانتهت المحكمة إلى أن القرارات المطعون فيها اتسمت بالجسامة حدًا تعتبر معه محكمة النقض أنها صدرت بلا تسبيب، وهو ما يتعين معه نقض القرارت محل الطعن جميعها والإعادة لجميع المتهمين المدرجين، حتى تراعي المحكمة تسبيب ما تصدره من قرارات نص عليها قانون الكيانات الإرهابية ولتتمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون في هذا الخصوص.
ونشرت " الشروق" أن المحكمة أشارت إلى أن أثر الطعن يمتد كذلك على من قضي بعدم قبول طعنهم شكلا من الطاعنين ولمن لم يطعن على تلك القرارات، وذلك لاتصال وجه الطعن بهم ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
• النقض ترد.. لماذا تُعيد قضية الإدراج للجنايات حال نقض القرار؟
انتهت محكمة النقض إلى أن دخول قضية الإدراج في حوزتها يمنع النيابة العامة أو النائب العام من تمديده أو رفعه وفق نص القانون.
وأوضحت المحكمة أن الخصومة القضائية لطلب الإدراج المقدم من النائب العام الذي تنظره المحكمة المختصة، ذات طبيعة خاصة، هذه الخصومة لا تنتهي بصدور قرار الإدراج وإنما هي محددة المدة بخمس سنوات بموجب القانون وقد تطول أو تقصر، إذ جاز هذا القانون للنيابة العامة طلب تمديد المدة بأخرى عقب انتهائها كما للنائب العام طلب رفع الإدراج خلال سريان تلك المدة إذا كان لديه مبرر لذلك.
وتابعت المحكمة: «القانون جعل ذلك من المحكمة المختصة بنظر طلب الإدراج دون غيرها، ومن ثم يقتصر دور محكمة النقض على ذلك القرار إما بتأييده أو إلغائه أو نقضه وإعادته إلى المحكمة المختصة حسب مقتضى الأحوال وليس لها نظر موضوع الطلب عند نقض القرار.. إذ بذلك تخرج الدعوى من حوزة المحكمة المختصة بإصداره وتدخل فى حوزه محكمة النقض، فلا يكون للنيابة العامة أو النائب العام طلب تمديد قرار الإدراج أو رفعه من محكمة النقض».
• 3 قرارت أخرى ألغتها النقض في حكمها
ألغت محكمة النقض 3 قرارات أخرى، اثنين منهما متعلقين بتعيين جهات إدارة الأموال، والثالث خاص بإدراج 4 متهمين صدر لهم قرار منفصل، ذلك على الرغم من صدورهم بعد تعديل إجراءات الطعن بمحكمة النقض بالقانون 11 لسنة 2017 الصادر فى 27 أبريل 2017، وهو ما كان يعنى فى الأوضاع العادية أن توصى نيابة النقض بأن تلغى محكمة النقض القرارين وتتصدى لهما موضوعيا مباشرة.
• سبب عدم تطبيق تعديلات إجراءات الطعن على القرارات الثلاث
وأشارت المحكمة إلى أنها تُعمل –في هذه القرارات الثلاث- القانون 11 لسنة 2017 بشأن تعديل حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، والتي تسري منذ من 28 أبريل 2014، والذي يتطلب عدم إعادة القضية للجنايات وتحديد جلسة لنظر الطعن بعد نقضه، ذلك لأن قوام تلك القرارات هو القرار المطعون فيه الصادر بتاريخ 1 يناير 2017 قبل العمل بهذه التعديلات.
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد عمر محمدين، وناجي عز الدين، وأشرف فريح، وياسر جميل، وخالد الوكيل، وبحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمد العدروسي، وأمانة سر حاتم عبد الفضيل.
وجدير بالذكر أن محكمة جنايات القاهرة أصدرت قرارًا ثانيًا في 30 إبريل الماضي بإعادة إدراج نفس المتهمين على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات، على قضية جديدة رقم 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، التي يتم التحقيق فيها بناء على بلاغ مقدم من لجنة أموال الإخوان، وجرى الطعن على القرار أمام محكمة النقض أيضًا.
أرسل تعليقك