الجزائر ـ أ ف ب
وعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء في الجزائر التي وصلها الاربعاء في زيارة دولة تستمر 36 ساعة "قول الحقيقة" ولكن ليس الندم حول الاستعمال الفرنسي للجزائر من اجل فتح صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.
وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في استقبال الرئيس الفرنسي ورفيقته فاليري تريفيلير على ارض المطار.
وصرح رئيس فرنسا المستعمر السابق للجزائر "(...) لم آت الى هنا للتعبير عن الندم او الاعتذار، جئت لاقول ما هو حقيقة وما هو تاريخ".
وقال هولاند في الكلمة التمهيدية للمؤتمر الصحفي "هناك حقيقة يجب قولها حول الماضي وهناك خاصة ارادة للنطر للمستقبل، وزيارتي هي للمستقبل وهي من اجل تعبئة مجتمعينا".
واوضح في رد عن سؤال حول المطالب الجزائرية بالاعتذار والتعبير عن الندم "لقد كنت دوما واضحا بخصوص هذه المسالة، اي قول الحقيقة بخصوص الماضي وقول الحقيقة بخصوص الاستعمار وقول الحقيقة حول الحرب ومآسيها وقول الحقيقة حول الذاكرة المجروحة".
واضاف "في نفس الوقت، هناك ارادة لعدم جعل الماضي عقبة في العمل من اجل المستقبل، وبالتالي سيسمح لنا الماضي بمجرد الاعتراف به الذهاب ابعد و بسرعة اكبر لتحضير المستقبل. هذا ما ساقوله غدا لاعضاء البرلمان الجزائري ومن خلالهم الى الجزائريين والفرنسيين".
وكانت عشرة احزاب منها اربعة اسلامية نددت قبل بداية زيارة هولاند برفض فرنسا "الاعتراف والاعتذار والتعويض المادي والمعنوي لجرائمها في الجزائر خلال الاستعمار".
وينتطر ان يلقي فرنسوا هولاند خطابا الخميس امام نواب المجلس الشعبي الوطني واعضاء مجلس الامة المجتمعين في جلسة مشتركة.
ويرافق هولاند وفد هو الاكبر الذي يغادر معه الى الخارج منذ توليه مهامه في ايار/مايو ويضم حوالى 200 شخص بينهم تسعة وزراء و12 مسؤولا سياسيا واربعون من رجال الاعمال وكتاب وفنانون وحوالى مئة صحافي.
وقال الناطق باسم قصر الاليزيه رومان نادال تعليقا على هذا الوفد الكبير انه "يدل على الاهمية السياسية لكن ايضا الرمزية والاقتصادية التي يوليها رئيس الجمهورية لهذه الزيارة".
وتزينت شوارع العاصمة الجزائرية بالاعلام الفرنسية والجزائرية.
ولدى وصول موكبهما الى وسط العاصمة الجزائر ترجل الرئيسان مع الوفود المرافقة لتحية الحشود الغفيرة من المارة واطفال المدارس الذين اصطفوا على جانبي شارع زيغود يوسف المطل على البحر وحيث مقر البرلمان.
وافاد استطلاع للرأي اجري لحساب صحيفة "ليبرتي" نشرت نتائجه الاربعاء ان 57% من الجزائريين يؤيدون علاقات "نموذجية" مع فرنسا.
واعتبرت صحيفة "الوطن" الجزائرية الواسعة الانتشار الناطقة بالفرنسية ان "الاعتراف بالماضي الاستعماري وجرائم الاستعمار سيهدىء اخيرا الذكرى التي لا تزال مؤلمة وسيحقق العدالة للضحايا وسينهي ايضا الحسابات السياسية التي تجري لدى الجانبين".
وفي الضفة الاخرى من البحر المتوسط يبقى الانقسام سائدا، بحيث ان 35% من الفرنسيين يعتقدون ان فرنسوا هولاند لا يجب "في اي حال من الاحوال" تقديم اعتذار للجزائر بسبب الاستعمار، بينما يرى 13% انه يجب ان يعتذر و26% يشترطون ان تقدم الجزائر اعتذار بسبب ما حدث للحركيين والاقدام السوداء".
والحركيون هم الجزائريون الذين قاتلوا الى جانب فرنسا خلال حرب الجزائر لنيل استقلالها، اما الاقدام السوداء فهم الفرنسيون المولودون بالجزائر خلال فترة الاستعمار (1832-1962).
ومن اجل فتح "صفحة جديدة" وكذلك "عصر جديد" في العلاقات بين البلدين، وقع هولاند وبوتفليقة مساء الاربعاء "اعلان الجزائر العاصمة حول الصداقة والتعاون بين فرنسا والجزائر".
وشدد هولاند على ان فرنسا تريد "شراكة استراتجية من الند للند" بين العاصمتين. وسوف يتم توضيح هذه الشراكة في اتفاق اطار حول "برنامج عمل على خمس سنوات في المجالات الاقتصادية والمالية والثقافية والزراعية وحتعى الدفاعية".
كما شارك الرئيسان في التوقيع على ستة اتفاقات من بينها انشاء مصنع بالقرب من مدينة وهران (غرب) لتجميع سيارات رينو حيث من المتوقع ان ينتج ابتداء من العام 2014 ما لا يقل عن 25 الف سيارة سنويا الامر الذي اعتبره الرئيس الفرنسي "اعلانا قويا جدا".
واشار هولاند من جهة اخرى، الى "تطابق" وجهات النظر مع الجزائر حول مالي معربا عن امله في ان "يستعيد هذا البلد سيادته ووحدته الترابية" من خلال تفاوض لا يشمل الحركات الارهابية.
وكان الرئيس السابق جاك شيراك استقبل بحفاوة في الجزائر في 2003 و 2004 لكن في السنة التالية ادى قانون يهدف الى ادراج "الدور الايجابي" للاستعمار في المناهج المدرسية الفرنسية الى فتور العلاقات الفرنسية-الجزائرية لفترة طويلة.
اما نيكولا ساركوزي فقد اثار اعجاب الجزائريين في كانون الاول/ديسمبر 2007 لكن زيارته لجمعيات من الحركيين قطعت مسار التحسن.
وقال الرئيس الجزائري في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان الجزائر تريد "علاقة قوية وحيوية مع فرنسا" فيما ترغب باريس في هذه المناسبة في استئناف "حوار سياسي حول التحديات الدولية الكبرى" بدءا بمالي.
وامام غرفتي البرلمان الجزائري، يعتزم الرئيس هولاند الذي يعرف جيدا الجزائر حيث امضى فترة تدرب حين كان في "معهد الادارة العليا" عام 1978 الخميس التطرق الى ماضي العلاقات، 132 عاما من الاستيطان الفرنسي وحرب الاستقلال الدموية.
وكان هولاند قام باولى خطواته في هذا المجال في الخريف حين اعترف ب"القمع الدموي" الذي قامت به الشرطة الفرنسية لتظاهرة 17 تشرين الاول/اكتوبر 1961 والذي اوقع عشرات القتلى في باريس في صفوف المتظاهرين الجزائريين. وقال "التاريخ يجب ان يستخدم لبناء المستقبل وليس لوقفه".
من جهته قال رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال ان "الجزائر وفرنسا ستوقعان 7 الى 8 اتفاقات تطال عدة قطاعات بينها الدفاع والصناعة والزراعة والثقافة والتعليم والتدريب".
والخميس في اليوم الثاني والاخير لزيارته، سيتوجه الرئيس الفرنسي بكلمة الى الشباب الجزائري الذي يلتقيه في جامعة تلمسان. وقال رومان نادال "سيؤكد في هذه المناسبة ان مسائل التعليم والتبادل الجامعي والتدريب ستكون في صلب جدول اعمال العلاقات الثنائية".
أرسل تعليقك