توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"24 تشرين الأول 1973" السويس تقهر جنود شارون

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - 24 تشرين الأول 1973 السويس تقهر جنود شارون

أبطال أكتوبر
السويس- أشرف دياب

 لم يكن اختيار القيادة السياسية في مصر خلال حقبة السبعينات من القرن الماضي ليوم الرابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عيدًا قوميًا لمحافظة السويس، سوى ترجمة واقعية لتعلية شعار الاعتزاز بقيمة الفعل والفاعل معا فيما عبرت عنه جملة الأحداث التي شهدتها مصر عامة وأرض السويس خاصة في هذا اليوم التاريخي.

في الرابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 1973 سطرت السويس مجدًا تاريخيًا صدق عليه من قبل مقولة الرئيس جمال عبد الناصر ما من بلد ارتبط اسمها بالكفاح خلال التاريخ المصري القديم والمعاصر كما ارتبط أسم السويس ، حيث تصدى أهلها لقوات 6 لواءات عسكرية تابعة لفرقتان مدرعتان لجيش العدو الإسرائيليي بقيادة شارون لمحاولة احتلال مدينة السويس والبداية كانت في 17 تشرين الأول/ أكتوبر.

في المساء بدأت فرقة إيدن المدرعة عبور القناة إلى الضفة الغربية، عبر ثغرة الدفرسوار حيث تقدم منها لواءان مدرعين في الوقت الذي تقدم فيه اللواء الثالث في صباح 18 تشرين الأول/ أكتوبر بغرض الاستيلاء على السويس لخلق نصر معنوي للجانب الإسرائيلي بعد أن أذاعت جميع وكالات الأنباء نبأ التفوق المصري خلال الحرب.

في ظهر يوم التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر بدأت الفرقة الثانية "ماجن المدرعة" العبور للغرب دعمًا للفرقة الأولى.

واصلت فرقتا ماجن وادن المدرعتين تقدمهما نحو السويس صباح 20 تشرين الأول/ أكتوبر حيث وصلت مقدمة الفرقة الأولى إلى مدينة جنيفة  لتصبح على مشارف السويس رسميًا.

في ظهر يوم 21 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 اندفعت اللواءات الثلاثة من الفرقة الأولى التابعة لقوات العدو الإسرائيلي "فرقة إيدن" في اتجاه السويس في ظل عمليات تأمين خلفي من قبل الفرقة العسكرية الثانية التي قطعت حلقة الوصل بين مدن القناة والقاهرة، رغم صدور قرار وقف إطلاق النار رقم 338 برعاية روسيا وأميركا.

في عصر يوم  21 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 بدأت السويس تستعد للمواجهة حيث أشارات العيون العسكرية والمعلومات الواردة من العيون لبدأ الزحف الإسرائيلي تجاه السويس الذي كان متواجد بها في ذات التاريخ 5 آلاف من العاملين بشركات السماد والبترول وهيئة قناة السويس وأعضاء منظمات الدفاع الشعبي وبعض من الإداريين العاملين في الديوان العام للمحافظة.

رغم صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار خلال 12 ساعة  اعتبارا من صباح يوم 21 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 إلا أن القوات الإسرائيلية لم تتوقف و بادرت في صباح 22 تشرين الأول/ أكتوبر بسرعة  التقدم نحو الجنوب في اتجاه السويس حيث تمكن العدو من دخول مشارف المحافظة عند منطقة الجناين في الساعات الأولى من صباح يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر بغرض محاولة السيطرة الكاملة على السويس قبل تفعيل قرار وقوف إطلاق النار حيث شاء العدو السيطرة على جبل عتاقة غرب خليج السويس بغرض السيطرة العسكرية الكاملة على المنطقة الممتدة من الإسماعيلية إلى خليج السويس وعزل السويس نهائيا عن القاهرة واحتلالها  وهو ما حذا بالإسرائيليين بالدفع بفرقتين عسكريتين ضمت الأولى 3 لواءات مدرعة ولواء مشاة مكون من 5 كتائب  ومن خلفها الفرقة الثانية التي أرادت احتلال ميناء الأدبية جنوب السويس والاستيلاء عليه لمنع أي التفاف حول القوات الإسرائيلية غرب القناة وحماية ظهر فرقة إيدن.

في صباح يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر سار اللواءان المدرعان التابعان لفرقة إيدن العسكرية بصورة متوازية حيث سار الأول  بمحاذاة قناة السويس وسار اللواء الثاني غرب طريق المعاهدة (الإسماعيلية - السويس)  حيث تمكنا من شق طريقهما بسرعة ووصلا مع قرب المغرب وحلول الظلام إلى تقاطع طريق (السويس – القاهرة) منطقة المثلث.

مع الساعات الأولى من ليل يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 وبعد الغروب  مباشرة قامت عناصر من الفرقة  المدرعة الثانية من قوات العدو بقيادة  ماجن  بالتقدم بمحاذاة جبل عتاقة وقامت بالاستيلاء على  شركة السماد ثم تقدمت إلى ميناء الأدبية الذي يبعد عن قلب السويس 17 كيلو متر جنوبا حيث دخلت قوات العدو الميناء بعد استسلام القوة العسكرية المصرية التي كانت قليلة العدد في ذلك الوقت فيما قامت الزوارق المصرية بترك القاعدة والذهاب إلى الزعفرانة والسخنة والبعض اتجه للغردقة.

وفي  الساعة الثامنة والنصف مساء رصدت عناصر من فرق حماية الشعب التي تم وضعها في مداخل المدينة ناحية المثلث  تواجد قوات العدو ودبابته حيث أبلغت غرفة العمليات بالمحافظة في الوقت الذي أبلغ فيع عمال النصر للبترول بتواجد دبابات تابعة للعدو  بطريق ( ناصر حاليا ).

في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 وبعد دخول العدو الإسرائيلي لمحاور المدينة الرئيسية  عملت كل القيادات العسكرية والمدنية والشعبية المتواجدة بالسويس حينئذ على تنظيم الدفاعات وتوزيع القوات على محاور الهجوم المتوقع وترتيب حاجات المعيشة للتصدي للهجوم الذي أصبح وشيكًا و لم يكن بالسويس في هذا التوقيت وحدات عسكرية  بصورة مباشرة ولكن تواجد بها  بعض الجنود الشاردين  الذي اشتبكوا مع العدو بطريق الأدبية حيث توافدوا إلى المدينة وبحوزتهم الأسلحة الشخصية  وبمبادرة من العميد يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 التي كانت تتمركز في  شرق القناة وبالتعاون مع محافظ السويس قام الطرفان بتجهيز المدينة للمقاومة خلال يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر  من خلال تجميع الجنود الشاردين وتنظيمهم في مجموعات صغيرة إلى جانب توزيع السلاح على الأهالي من المدنيين وقبل فجر 24 تشرين الأول/ أكتوبر كانت المدينة قد جهزت نفسها للقاء العدو و ظلت السويس ليلة 24 تشرين الأول/ أكتوبر ساهرة في انتظار توقيت تحديد المصير  فقد كان كل من في المدينة يتوقع بدأ الهجوم بين لحظة وأخرى.

في الوقت الذي أيقن الجميع في مصر وليس السويس وحدها أن ذروة الصدام الحاسم في حرب تشرين الأول/ أكتوبر في مسيرة الحرب مع العدو قد قبعت داخل حدود السويس التي تحولت إلى  لموقع والمعركة  وأنظار العالم أجمع.

وفي وسط الاستعدادات الإسرائيلية يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 لاقتحام السويس وجهود الشعب والجيش والشرطة للدفاع عنها أصدر مجلس الأمن مساء  23 تشرين الأول/ أكتوبر قرارا ثانيا بوقف إطلاق النار وحدده بالساعة السابعة صباح يوم 24 تشرين الأول/ أكتوبر.

مع أول ضوء من يوم 24 تشرين الأول/ أكتوبر بدأ العدو الإسرائيلي  في دك المدينة بالطيران ثم اشتركت المدفعية في القصف في الوقت الذي بدأ الفدائيين في تنظيم أنفسهم، ولاحظوا أن القصف يتحاشى مداخل المدينة فأدركوا أن العدو سيستخدم هذه المداخل في اقتحام المدينة وعلى الفور تم تعديل أماكن الكمائن، وكما توقعوا بدأت الدبابات الإسرائيلية التقدم على ثلاث محاور:

- محور المثلث وهو المدخل الغربي للمدينة ناحية الطريق الرئيسي القادم من القاهرة إلى السويس وامتداده بشارع الجيش وميدان الأربعين.

- محور الجناين عبر الطريق القادم من الإسماعيلية حيث المدخل الشمالي للسويس حتى منطقة الهويس ثم شارع صدقي ومنه إلى ميدان الأربعين.

- محور الزيتيات وهو المدخل الجنوبي للمدينة من ناحية ميناء الأدبية وعتاقة بمحاذاة الشاطئ بامتداده حتى مبنى محافظة السويس والطريق المؤدي إلى بورتوفيق.

وقبيل بزوغ صباح 24 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 وسريان وقف إطلاق النار بدأت القوات المعادية التقدم ودخلت المدينة دون مقاومة، وكانت خطة الفدائيين هي إدخال القوات الإسرائيلية قلب المدينة  ثم محاصرتها وبدأت الدبابات الإسرائيلية في السير بما يشبه النزهة داخل المدينة التي بدت خالية على عروشها حتى أن بعض الجنود الإسرائيليين نزلوا لالتقاط بعض التذكارات من الشوارع.

وفجأة فتحت السويس أبواب الجحيم في وجه العدوان الإسرائيلي ودارت معركة طاحنة بين الفدائيين وقوات العدو، وكانت أشرس المواجهات في ميدان الأربعين  الذي قدر له التاريخ فيما بعد أن يكون السبب الرئيسي في اندلاع ثورة 25 يناير 2011 ، حيث واجه كمين محمود عواد ومجموعته رهط  من الدبابات، وقام عواد بإطلاق ثلاث قذائف أر بي جي لم تكن مؤثرة، حتى جاءه المدد من كمين  سينما رويال (بنك الإسكندرية الحالي ) لمساندة محمود عواد ومجموعته وفي الوقت الذي كانت تتقدم فيه دبابة من طراز سنتوريون العملاقة أعد البطل إبراهيم سليمان سلاحه وأطلق مباشرة ليخترق برج الدبابة وتطيح برأس قائدها الذي سقطت جثته داخل الدبابة ليطلق طاقمها صرخات مرعبة ويفروا مذعورين ومن خلفهم طواقم جميع الدبابات خلفها وبعدها فتح الفدائيين النيران على جنود العدو من كل شبر في ميدان الأربعين فأصيبت القوات الإسرائيلية  بالذعر والهلع وتركوا الدبابات للبحث عن سواتر يجعلونها حوائط صد حيث لم يجدوا أمامهم سوى قسم شرطة الأربعين ، أما دبابات الموجة الثانية فقد أصابها الرعب هي الأخرى واستدارت عائدة في اتجاه المثلث حيث تصادمت مع بعضها البعض وأندفع أبطال السويس يصطادون الدبابات المذعورة.

في ذلك اليوم سقط أول شهداء السويس وهو البطل أحمد أبو هاشم شقيق الشهيد مصطفي أبو هاشم الذي استشهد في 8 شباط/ فبراير 1970.

وبعد تدمير معظم المدرعات الإسرائيلية التي دخلت المدينة تركزت المعركة فيما بعد داخل مبنى قسم شرطة الأربعين بعد أن فر إليه الجنود الإسرائيليين في الوقت الذي تحركت كل الكمائن لمحاصرة القسم وإطلاق النيران عليه من كل جانب، وظل العناد الإسرائيلي قائما ولم يعد أمام أبطال السويس إلا اقتحام القسم وجاءت المبادرة من الشهيد البطل إبراهيم سليمان بطل الجمباز المعروف  ومعه  مجموعة الفدائيون أشرف عبد الدايم وفايز حافظ أمين وإبراهيم يوسف وتم وضع الخطة بحيث يستغل إبراهيم سليمان قدراته ولياقته البدنية في القفز فوق سور القسم لكن رصاصة غادرة من العدو أسقطته شهيدًا فوق سور القسم حيث ظل جثمانه معلقًا يومًا كاملًا حتى تمكن الفدائيون من استعادته تحت القصف الشديد. وكانت له وصية شهيرة بأن يقوم الشيخ حافظ سلامة بدفنه في حالة استشهاده إلا أن الظروف حالت يومها دون ذلك وقام بدفنه البطل محمود عواد وبعد انتهاء حصار السويس أخرج الشيخ حافظ سلامه جثمانه لينفذ وصيته ويعيد دفنه بنفسه.

وجاءت المحاولة الثانية  في 24 أكوبر 1973 لاقتحام قسم الأربعين من الفدائيين أشرف عبدالدايم وفايز حافظ أمين اللذان قررا اقتحام القسم من الأمام وبعد أن تحركا تحت ساتر من النيران فتح قناة العدو النيران عليهما ليسقط أشرف شهيدا على سلم القسم ويسقط زميله فايز شهيدا بجوار الخندق داخل القسم.

ومع  حلول ليلة 24 تشرين الأول/ أكتوبر كانت قوات العدو قد انسحبت بالكامل خارج السويس بعد أن تركت قتلاها ومدرعاتها سليمة عدا المحاصرين في القسم، وأحرق البطلان محمود عواد ومحمود طه المدرعات الإسرائيلية خشية أن يتسلل إليها العدو، وانتصرت السويس في هذا اليوم انتصارًا باهرًا.


 

 

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

24 تشرين الأول 1973 السويس تقهر جنود شارون 24 تشرين الأول 1973 السويس تقهر جنود شارون



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon