تجري أحزاب سياسية ومنظمات في تونس نقاشات معمقة بهدف ما اعتبرته "محاولة لكسر الجمود الاقتصادي في البلاد"، ومحادثات ستنتهي بتعديل حكومي، أو بتغيير واسع قد يشمل رئيس الوزراء يوسف الشاهد.
وتعيش تونس أزمة اقتصادية منذ ثورة العام 2011. التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين، وتحت ضغط مقرضين دوليين لتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
ورغم الانتقال السياسي السلس في تونس، الذي ينظر إليه البعض على أنه قصة نجاح في المنطقة.
إلا أن الوضع الاقتصادي الصعب جعل التونسيين يشعرون بالضيق مع وصول التضخم لمستويات قياسية، واستمرار تفشي البطالة.
وهذا الأسبوع توصل خبراء عدد من الأحزاب إلى اتفاق بخصوص إيجاد حل للوضع الاقتصادي الصعب، يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية، ودفع التنمية في جهات البلاد.
وقالت مصادر سياسية إن الأحزاب سوف تجتمع من جديد ,الجمعة، أو السبت مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لتحديد كيف، ومن سينفذ الاتفاق الجديد. وتطرح الأحزاب السياسية خيارين: إما إجراء تعديل وزاري محدد، أو تغيير الحكومة برمتها.
و بدأت حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها يوسف الشاهد منذ 2016,أمام ثلاثة سيناريوهات، وقد تلقى حسب مراقبين نفس مصير حكومة سلفه الحبيب الصيد، الذي أطاح به البرلمان وحجب ثقته عنه.
ويكون في حال حصول اتفاق بشأن إنهاء مهام الشاهد على رأس الحكومة، فإن السيناريو الأبرز يتمثل في تقديم استقالته بصفة اختيارية، وهو احتمال ضعيف حسب بعض المحللين السياسيين، بسبب الدعم الذي يلقاه من قبل أطراف سياسية واجتماعية لها وزنها داخل الساحة السياسية، مثل حركة النهضة ومجمع رجال الأعمال، ومن ثم يمكن أن يتم تغيير تركيبة الحكومة دون اللجوء إلى البرلمان، واختيار "ربان جديد للسفينة"، كما عبر عن ذلك نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال.
ويتمثل السيناريو الثاني في تجديد الثقة في الحكومة أمام البرلمان، بدعوة من رئيس الجمهورية، أو رئيس الحكومة، وهو نفس الخيار الذي فضله الحبيب الصيد رئيس الحكومة السابق، وانتهى إلى إقالته من منصبه ليتولى الشاهد هذه المهمة.
وعمليًا لا يبدو أن هذا الخيار سيقوي من حظوظ الشاهد بسبب انقسام المشهد السياسي المتأزم، وتزايد المعارضين لسياسته الاجتماعية والاقتصادية، بخاصة من قبل أحزاب المعارضة التي يقودها تحالف الجبهة الشعبية اليساري.
ويتمثل السيناريو الثالث المطروح أمام الحكومة في توقيع عريضة لوم من قبل أعضاء البرلمان (73 نائبا)، وعرضها على الجلسة العامة، التي ستصوت لفائدة الحكومة، أو ضد بقائها بالأغلبية المطلقة.
وسيكشف الاجتماع، الذي يشرف عليه الرئيس قائد السبسي عن مصير حكومة الشاهد، ومصير رئيس الحكومة نفسه، وذلك بعد أن انتهت الاجتماعات السابقة إلى تقسيم الأطراف السياسية والاجتماعية المشاركة في اجتماعات وثيقة "قرطاج 2" إلى مخيمين: مخيم يضم حركة النهضة وحزب المبادرة، و"المسار الاجتماعي الديمقراطي"، و"الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة" (مجمع رجال الأعمال)، والاتحاد التونسي للفلاحين، وهي كلها أطراف تدعم بقاء الشاهد، وتصر على ضرورة بقائه رئيسا للحكومة بغية الحفاظ على الاستقرار السياسي قبل موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبرمجة خلال السنة المقبلة.
ويضم المخيم الثاني المؤيد لرحيل الشاهد، حركة نداء تونس، وحزب الاتحاد الوطني الحر، والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، واتحاد المرأة، وهذه الأحزاب مجتمعة ترى أن وثيقة "قرطاج 2"، التي تزخر بتوجهات اقتصادية واجتماعية جديدة، لا بد من رئيس حكومة جديد لتنفيذها.
وأكدت مصادر من رئاسة الجمهورية، أن مهمة الرئيس في الفصل بين المخيمين تبدو صعبة للغاية، وقد استبقت سعيدة قراش، المتحدثة باسم رئاسة الجمهورية، اجتماع اليوم بتأكيدها على أن حسم الخلاف حول حكومة الشاهد من مهام اللجنة العليا لوثيقة قرطاج 2. التي يشرف عليها الباجي، موضحة أن هذا الأخير أكد على ضرورة الاتفاق حول السياسة الاجتماعية والاقتصادية الواجب تنفيذها قبل التفكير في رئيس الحكومة.
و شددت قراش على أن تغيير الشاهد بشخص آخر لن يمثل الحل الأمثل لمشاكل التونسيين، وقالت إن الأولوية يجب أن تكون لدعم الاستقرار السياسي، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل.
وأوضحت مصادر قريبة من الأطراف المتفاوضة، أن ممثلي لجنة وثيقة قرطاج 2 قد حسموا موقفهم، حيث من المنتظر تشكيل حكومة حزبية مصغّرة ذات تمثيلية برلمانية برئاسة يوسف الشاهد، تنفّذ خريطة طريق قرطاج 2، ولا تشارك في الانتخابات المبرمجة لسنة 2019.
أرسل تعليقك