بيروت -مصر اليوم
طرحت الخلافات والتباينات التي حصلت في جلستي مجلس الوزراء اللبناني الأخيرتين بشأن ملف النازحين السوريين و«الدرجات الست» التي أعطيت للأساتذة الثانويين المتمرنين، تساؤلات عن مدى عمر الحكومة الجديدة، وأعادت إلى الأذهان «حكاية» فترة الثلاثة أشهر (أو فترة السماح حسب ما سمّاها البعض) التي أعطتها كتل ونواب لهذه الحكومة عند منحها الثقة في مجلس النواب قبل نحو 3 أسابيع، لكي تنجز، حتى إذا فشلت يكون عندئذ حساب.
ودلّت الانطباعات التي سادت كل الأوساط الرسمية والسياسية، وحتى الشعبية منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة وصولا إلى يوم نَيل هذه الحكومة الثقة النيابية، إلى أنّ عمرها سيكون من عمر العهد الذي ينتهي في خريف 2022 أو بالحد الأدنى حتى نهاية مجلس النواب اللبناني في أيار من السنة نفسها في حال لم يحصل تمديد نيابي يومذاك لعلة ما. إلى درجة أنّ كثيرين ردوا تأخّر تأليف الحكومة نحو 9 أشهر لوجود هذا الانطباع، بل ربما الاتفاق الضمني بين أولياء الشأن، فراح كل فريق يرفع سقف مطالبه، وكان ما كان من تنازع على الحصص من مقاعد وحقائب وزارية لاقتناعه أنّ «الإقامة الحكومية» ستكون بطول ما بقي من ولاية رئيس الجمهورية، إلّا أنه في ضوء ما حصل من خلافات في أول جلستين لمجلس الوزراء غَيّر في الانطباعات والتوقعات، في ضوء مجموعة ملاحظات سجلتها أوساط سياسية معنية، وهي:
- الملاحظة الأولى: أنه لم يتوافر الانسجام بالحد الأدنى في حكومة اعتُبرت أنها تحمل أملاً للناس للخروج إلى آفاق الاستقرار وتحمل مسؤولية منع البلد من الانهيار، فلوحظ أنّ وزراء حزب «القوات اللبنانية» اشتبكوا مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول ملف النازحين، فما كان من الرئيس إلا أن استخدم موقعه على رأس طاولة مجلس الوزراء ليرسم حدودا في موضوع مصيري بحجم ملف النازحين السوريين.
- الملاحظة الثانية: الإحراج الذي أصاب رئيس الحكومة سعد الحريري إثر مداخلة عون، في وقت صمت وزيرا الحزب «التقدمي الاشتراكي»، ما تركَ وزراء «القوات» وحيدين في هذه المعركة.
- الملاحظة الثالثة: لم يتضح من جلستي مجلس الوزراء وحتى الآن ما يسمّى أولويات الحكومة للمرحلة المقبلة، فالحريري يستعجل ملف «الاتصالات» الذي يُعتبر من مصادر الدخل الأساسية لخزينة الدولة، بينما «حزب الله» وحلفاؤه يدعون إلى معالجة ملفات تشعر اللبنانيين بالإنجاز وعلى رأسها ملفا الكهرباء والنفايات.
- الملاحظة الرابعة: المعركة الموازية التي تخاض بالتزامن مع انطلاقة الحكومة وهي معركة «مكافحة الفساد» حيث لا يمكن أن تكون معزولة عن المسار الحكومي. وهذه المعركة بدأت تخلق شيئا اسمه أضرارا جانبية، إلى درجة انّ رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الموجود خارج السلطة حاليا استغل من جانبه هذه المعركة ليقول لمؤيديه ولخصومه في آن معا: «ما زلت هنا، وها أنا كطائر الفينيق أخرج من تحت الرماد».
وفي ضوء هذه الملاحظات، تطرح الأوساط نفسها السؤال الأكبر، وهو: إلى أي درجة ستصمد الحكومة أمام المعركة الشرسة التي تخاض تحت عنوان مكافحة الفساد؟ وهل يمكن أن تبقى الخيوط مفصولة بعضها عن بعض أم أنها ستتشابك وتتداخل وتتعقّد؟
وانطلاقا من هذا السؤال يطرح البعض سؤالاً عمّا دار في زيارة الحريري الأخيرة لرئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، والتي دامت ربع ساعة، وبخاصة أنّ هناك من يقول «إنّ «حزب الله» لا يستهدف في حملته على الفساد مدارس سياسية ولا يستهدف أحزابا بعينها ولا طوائف بل يستهدف أشخاصاً فاسدين»، بينما آخرون يقولون إنّ الحزب «يريد محاكمة حقبة معينة ومدرسة سياسية معينة».
وبناء على هذه التطورات والمعطيات يبدو أنّ مهلة المائة يوم أمام ما يسمّى فترة السماح للحكومة، التي تحدّث عنها كثيرون في مجلس النواب وخارجه، طارت منذ الجلسة الأولى لمجلس الوزراء.
وبالتالي، هل تستطيع الحكومة أن تحقق الإنجازات المأمولة منها في ظل هذا السقف العالي من المعارك السياسية الدائرة على جوانبها وفي داخلها والتي اندلعت باكراً؟ خصوصا أنّ هناك منطقا بدأ يتقدم على المسرح السياسي ويقول إنّ "هذه الحكومة لم تؤلف لتعيش طوال ما تبقى من عمر العهد، بل لتواكب مرحلة انتقالية من عمر المنطقة، وعمر هذه الحكومة سواء طال أم قصر مرتبط بعمر تلك المرحلة الانتقالية".
قد يهمك ايضا : "النواب اللبناني" يناقش البيان الوزاري ويصوت على منح الثقة لحكومة الحريري
بيان الحكومة اللبنانية يرحّب بالمبادرة الروسية لعودة النازحين
أرسل تعليقك