كشف عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، واستشاري الأطفال وزميل معهد الطفولة في جامعة عين شمس الدكتور مجدي بدران أن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية سبب الجراثيم الخارقة والحساسية ونقص المناعة، ويقول : "تحيي منظمة الصحة العالمية الأسبوع العالمي للتوعية بالمضادات الحيوية 2016 خلال الفترة من 14 - 20 نوفمبر/تشرين الثاني تحت شعار "المضادات الحيوية التعامل معها بحرص" بهدف زيادة الوعي بها والتشجيع على اتباع أفضل الممارسات فيما بين صفوف عامة الجمهور والعاملين الصحيين, تجنبا لظهور المزيد من حالات مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها.
و أضاف في حديث إلى "مصر اليوم" أن جمعية الصحة العالمية في دورتها الـ68 خلال مايو/أيار 2015 أقرّت خطة عمل عالمية لعلاج مشكلة مقاومة الأدوية المضادة للميكروبات. وفي عام 2016 تزايد خطر مقاومة مضادات الميكروبات مما يعني إطالة فترات الأمراض المعدية، وزيادة معدلات الإعاقات والوفيات نتيجة العدوى، وزياد مضاعفات العمليات الجراحية وعمليات زرع الأعضاء وبلغ عدد الحالات الجديدة للدرن المقاوم للأدوية نحو 480 ألف حالة في عام 2014 على الصعيد العالمي.
و أظهر مسح جديد في 12 بلدا هي( بربادوس، الصين، مصر، الهند، أندونيسيا، المكسيك، نيجيريا، روسيا ، صربيا، جنوب أفريقيا، السودان وفيتنام ) على 10 آلاف شخص إلى أنهم لا يعلمون على وجه التحديد كيف تؤثر عليهم هذه القضية, وما يمكنهم القيام به للتصدي لهذه المشكلة. ويعتقد 64% ممن شملهم المسح أن المضادات الحيوية قد تستخدم في علاج نزلات البرد والأنفلونزا على الرغم من أنها لا تؤثر على الفيروسات، ويعتقد 32% أنه يتعيّن عليهم التوقف عن تناول المضادات الحيوية عندما يشعرون بتحسن بدلا من استكمال العلاج.
فمن دون مضادات حيوية فعالة، يصبح نجاح العملية الجراحية الكبرى والعلاج الكيميائي للسرطان مهددا، كما أن تكلفة الرعاية الصحية للمرضى الذين يعانون من التهابات مقاومة أعلى من الرعاية للمرضى الذين يعانون من التهابات غير مقاومة بسبب زيادة طول فترات المرض، بالإضافة إلى أن الحاجة لاختبارات إضافية مكلفة واستخدام عقاقير أقوى جديدة أكثر تكلفة.
و مشكلة مقاومة المضادات الميكروبية تقوِّض أيضا جهود مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، وتم العثور على الميكروبات المقاومة لمضادات الميكروبات في الحيوانات، والغذاء، والبيئة ( في المياه والتربة والهواء). ويمكن أن تنتشر بين الناس والحيوانات، ومن شخص لآخر، بخاصة عند ضعف السيطرة على العدوى، وعدم التشبث بالعادات الصحية كتناول الأغذية السريعة الغربية النمط أو الغير معدة بطرق صحية.
و في الولايات المتحدة يتم سنويا تشخيص أكثر من 2 مليون شخص يعانون من التهابات نتيجة العدوى ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وأكثر من 23000 يموتون سنويا بسبب هذه الأنواع من البكتيريا. وظهور البكتيريا الفائقة (السوبر) القوية والشرسة بسبب الإكثار والعشوائية في وصف المضادات الحيوية للناس والحيونات، ما نجم عنه نشوء مناعة تدريجية لدى البكتيريا وأصبحت بالتالي قادرة على التغلب على تأثيرات المضادات الحيوية المتوفرة اليوم.
و في سنة 2000 حذّرت منظمة الصحة العالمية من ازدياد السلالات البكتيرية ذات المناعة ضد المضادات الحيوية. ونشأ ذلك من الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية بواسطة المرضى والصيادلة والأطباء حتى أصبح 60% من العدوى داخل المستشفيات نتيجة لهذه البكتيريا المستأسدة التي ربما تقاوم ثلاثين نوعاً مختلفاً من أقوى المضادات الحيوية.
وقد وجد حديثاً أنه حتى الإنسان الذى يعيش مع أفراد آخرين يتناولون المضادات الحيوية باستمرار يجعل منهم أيضاً حاملين لهذا النوع من البكتيريا العاصية وهذا موجود في أطقم التمريض في المستشفيات الكبرى والأغرب من ذلك أن حتى المزارعين الذين يستخدمون المضادات الحيوية في تربية الحيوانات هم أيضاً حاملين للعديد من البكتيريا العاصية.
والمضاد الحيوي يقتل بلا تمييز فهو يقتل البكتيريا الضارة ولكنه في الوقت نفسه يقتل الملايين من البكتيريا النافعة للإنسان التي خلقها الله لحمايتنا من البكتيريا الضارة، وبالتالي يصبح الإنسان بعد تناول المضاد الحيوي محروماً من البكتيريا النافعة ويصبح بذلك مرتعاً للبكتيريا الضارة الوافدة. والبكتيريا العنقودية الذهبيّة الشائعة تستطيع أن تسبب أنواعاً خطيرة من العدوى مثل الالتهاب الرئوي القاتل.
وتمكّنت البكتيريا العنقودية الذهبيّة من تطوير ذاتها وأجيالها وأصبحت لديها مناعة مقاومة للعديد من المضادات الحيوية المعروفة . وتفرز هذه البكتيريا سموما تمكنها من التغلب على المضادات الحيوية، وتُسبّب احتجاز 400 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة حيث تسبّب تسمُّم الدم والالتهاب الرئوي، ووفاة 19 ألف سنويا بسببها، ولا مانع من استخدام المضادات الحيوية الآمنة بالجرعات المناسبة التي يحددها الطبيب البيطري عندما يكون الحيوان مريضا.
و تنتقل البكتيريا المقاومه للمضادات الحيوية للحيوانات الأخرى والبشر قبل أن يتم ذبحها، وبعد الذبح أيضا، وهي سبب رئيسي أيضا وراء مقاومة المضادات الحيوية في البشر، كما أن 13 مجموعة من المضادات الحيوية عند الإفراط في إستخدامها تزيد من أوزان الأبقار والدجاج ! و80 في المئة من المضادات الحيوية التي تباع في الولايات المتحدة تستخدم في مزارع في الأبقار والدواجن لمنع الأمراض ولزيادة الأوزان .
و بدأ العالم في معرفه المضادات الحيوية منذ 1928 وفي أوائل الخمسينات بدأ استخدامها في علاج الالتهابات الناشئة عن البكتيريا الضارة وأدى ذلك إلى ثورة في الطب وأصبحت الأمراض الفتاكة قابلة للعلاج والشفاء للمرة الأولى في تاريخ البشرية، ولكن ذكاء البكتيريا يتحدى ذكاء البشر، والبكتيريا تطور من نفسها من أجل البقاء فهي تغيّر من طبيعة الجدار الخلوي فلا يستطيع المضاد الحيوي العمل على هذه النوعيات من الجدران.
لذا لا يجب التسرُّع في استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى البسيطة واستشارة الطبيب قبل التفكير في ذلك ولتدع جهازك المناعة فرصة حتى يختبر ويكتسب مناعة، ولا يجب تناوُل المضادات الحيوية إلا بمشورة الطبيب، ولا تستخدم المضادات الحيوية مع الحيوانات الأليفة أو حيوانات المزارع إلا بأمر الطبيب البيطري، وضرورة تذكُّر أن هناك العديد من الآثار الجانبية للمضادات الحيوية مثل ألام البطن، والغثيان، والتقيؤ والإسهالات والحساسية
كما يجب استكمال المضاد الحيوي حتى لو شعرت بتحسن، وإذا توقف العلاج قبل الفترة المحددة تبقى بعض البكتيريا وتتكاثر بسرعة وتصل إلى أعداد مهولة وربما تزيد من الأعراض أو المضاعفات وعدم استكمال فترة العلاج من أسباب اكتساب البكتيريا مقاومة للعلاج، ولا تخزّن عبوات من المضادات الحيوية ولا يتم تكرارها من دون مشورة الطبيب.
أرسل تعليقك