صرَّح رئيس هيئة سلامة الغذاء حسين منصور، بأنَّ حالات التسمم الغذائي تزايدت في مصر خلال الفترة الماضية بسبب أغذية الشوارع ومحالات الوجبات السريعة، ما أدى إلى تراجع صحة المواطنين وغياب الوفود السياحية وهروب الاستثمارات الأجنبية بدعوى أنَّ الدولة غير قادرة على حماية مواطنيها، مشيرًا إلى أنَّ 80% من الأغذية المتداولة في الشوارع والأسواق لا تخضع للرقابة.
وطالب منصور في حوار مع "مصر اليوم"، الحكومة بوضع خطة عاجلة لإنقاذ أغذية الشوارع؛ كونها موردًا وعاملًا اقتصاديًا مهمًا يعمل به عدد كبير من الشباب العاطل عن العمل من خلال التدريب ومنحهم التراخيص في أماكن محددة لسهولة الوصول إليهم.
ودعا إلى ضرورة فصل الرقابة عن أماكن الغذاء عن الترخيص والضرائب, موضحًا "لا بد من التعامل مع هذه الفئة الموجودة في الواقع من خلال إنشاء مراكز السوق الصحية للباعة الجائلين وتقنين أوضاعهم وتصحيحها، فالمشكلة ليست في سن قوانين جديدة, كما أنَّ سياسة العقاب وحدها لن تجدي، بل لابد من توفير بيئة مناسبة لهم أولًا ثم نحاسبهم"، مشيرًا إلى وضع إستراتيجية لرفع مستوى الباعة الجائلين والمنشآت غير المرخصة العاملة في مجال الغذاء.
وأوضح أنَّ الدراسات أظهرت أنَّ نحو 20 أو 25 في المائة من إنفاق الأسرة على الأغذية يحدث خارج المنزل، وأنَّ بعض قطاعات السكان تعتمد اعتمادًا كاملًا على أغذية الشوارع.
وأضاف منصور: "جاء ذلك نتيجة لسرعة نمو المدن وعدم توافر مطبخ أو تسهيلات الطبخ لملايين من الناس، وهناك ملايين من العاملين الذين لا يعيشون في أسرة، كما أن هناك نسبة كبيرة من السكان تتنقل إلى المدن وخارجها من أجل العمل، وهؤلاء جميعًا يعتمدون اعتمادًا كبيرًا على أغذية الشوارع في طعامهم اليومي".
وتابع: "في كثير من الأحيان يكون باعة هذه الأغذية عنصرًا مهمًا من مكونات سلسلة عرض الأغذية، ونظرًا إلى أن أغذية الشوارع تكون أسعارها معقولة وتكون متوافرة بسهولة فإنها تلبي حاجة حيوية لدى سكان المدن، وهذه المأكولات والمشروبات تكون جاهزة للأكل من إعداد بائعين أو متجولين يبيعونها أساسًا في الشوارع أو في أي أماكن عامة أخرى يسهل الوصول إليها، مثل الأماكن القريبة من أماكن العمل أو المدارس أو المستشفيات أو محطات السكك الحديد ومحطات الحافلات".
وأشار إلى أنَّ أغذية الشوارع تثير قلقًا كبيرًا؛ لأن سلامتها وإعدادها وبيعها يجري بصفة عامة في ظروف غير صحية، حيث لا تتوافر المياه النظيفة ولا الخدمات الصحية ولا تسهيلات التخلص من النفايات.
واستدرك منصور: "على ذلك فإنَّ أغذية الشوارع تُثير أخطار تسمم كبيرة بسبب التلوث بالميكروبات وبسبب استخدام الإضافات الغذائية استخدامًا غير سليم وبسبب الغش والتلوث البيئي، علمًا أنَّها تستحوذ على نصيب الأسد من موازنة وزارة الصحة التي تنفق مبالغ طائلة بسبب أدوية التسمم والتي يبلغ العقار الخاص بإحدى هذه الحالات 98 ألف جنيه".
وأبرز أنَّ القوانين الحالية غير مناسبة لمتابعة الغذاء في مصر؛ كونها أعدت منذ خمسين عامًا، موضحًا: "أما الآن فمع اختلاف وتطور تكنولوجيا صناعة وتداول الغذاء وتغليفه نتحدث عن تطبيقات النانو تكنولوجي في سلامة الغذاء".
وتساءل: "أين نحن منه الآن؟، إنَّ أبرز العيوب الرئيسية في التشريعات الحالية هي عدم تحديد المهام لكل وزارة بعينها مع وجود تضارب في الاختصاصات، فهناك أحد المتهمين في قضية أغذية استفاد من تضارب مواد القانون رقم (10) للغذاء الذي عرف فساد الطعام متى يكون ملوثا وأفرج عنه برغم أنَّه مدان؛ لأن الحكم غير دستوري, وهناك قوانين أخرى من القدم لو طبقت فعلًا لأضرت بصحة المواطنين مثل قانون (132) لتداول الألبان".
وأفاد رئيس هيئة سلامة الغذاء بأنَّ الهيئة حصرت جميع التشريعات الخاصة بالغذاء، موضحًا: "وجدناها تصل إلى أكثر من 2500 تشريع موزعة بين وزارات الصحة والزراعة والإسكان والتجارة والبيئة والسياحة, بعضها يعود إلى مراسيم ملكية, ومعظمها غير محددة وعامة وقد تتضارب في كثير من الأحيان وتتسم بشيوع المسؤولية".
وتابع: "بالفعل مع إصدار القانون الجديد لن يكون هناك تشابك، حيث ينص على أنَّ يحل الجهاز محل الجهات المنوط بها إجراءات الرقابة على الأغذية في الوزارات والهيئات العامة والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية أينما وردت في القوانين والقرارات التنظيمية في هذا الشأن ويتولى جهاز سلامة الغذاء دون غيره إجراءات الرقابة على الغذاء في مجال التداول والاستيراد والتصدير".
وشدَّد منصور على أنَّ " هذه الجهات ستستمر في ممارسة اختصاصاتها إلى حين استكمال الهيكل التنظيمي للجهاز ومباشرته اختصاصاته خلال فترة عام من صدور القانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص".
واختتم: "لا نملك ولم يوجد أصلا نظام لتقييم مخاطر الغذاء في مصر, وجود هذا النظام يعتمد بشكل كبير جدًا على المعلومات والبيانات وهذا ما تفتقده الأنظمة الرقابية الحالية, ومن أولويات الجهاز أن يتم إنشاؤه من خلال التكامل مع مختلف الجهات المعنية وهذا ما هو معكوس في تشكيل مجلس أمناء ومجلس إدارة الجهاز المزمع إنشاؤه".
أرسل تعليقك