القاهرة ـ سهام أحمد
كشف أستاذ تخطيط البنية الأساسية والبيئة في كلية التخطيط الإقليمي في جامعة القاهرة، وخبير المرور العالمي، الدكتور رضا حجاج، أنّ الخسائر الاقتصادية المباشرة لحوادث الطرق في مصر تتخطى الـ 20 مليار جنيه سنويًا، في الوقت الذي قدّر فيه البنك الدولي خسائر حوادث الطرق عالميًا بنحو 500 مليار دولار سنويًا، مشيرًا إلى أنّ مصر أحتلّت المركز الأول عالميًا في عدد قتلى حوادث الطرق، والذي بلغ 15 ألف قتيل سنويًا، وموضحًا أنّ عدد قتلي حوادث الطرق لكل 100 كم في مصر بلغ 131 قتيلًا.
وأفادت إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن هناك ارتفاع ملحوظ في حوادث الطرق، إذ بلغت 15 ألف و578 حادثة نتج عنها 6716 قتيلا و22411 مصابا عام 2013، بعد أن كانت 15 ألفا و516 حادثة تسببت في 6424 قتيلا و21608 مصابين عام 2012.
وأوضح تقرير الجهاز المركزي، أن 50% من قتلى حوادث الطرق من الشباب، مضيفا أن العامل البشري هو أكبر أسباب حوادث الطرق، يليه الحالة الفنية للسيارة، لافتًا إلى أن التعويضات التي يتم صرفها إلى ضحايا حوادث الطرق لا تتناسب مع قيمة الإنسان، وهو أمر أقرب لـ"الموت الرخيص"، ومشيرًا إلى أنه من غير المعقول أن يتم تعويض أسرة فقدت عائلها بـ5 آلاف أو 10 آلاف جنيه فقط، وذلك بعد سلسلة طويلة من الإجراءات التي قد تنتهي بعدم الحصول على المبلغ، في الوقت الذي تلزم فيه دولة مثل المملكة العربية السعودية شركات التأمين بسداد مبلغ التأمين أو ما يسمى بـ"الدية" الذي يقدر بـ 300 ألف ريال سعودي فقط خلال 15 يومًا.
وانتقد رضا حجاج، في مقابلة خاصّة مع "مصر اليوم"، عدم وجود صيانة للطرق، مؤكدًا أن ما يتم فقط هي عمليات إصلاح فقط، ومشيرًا إلى أن الجسور تعاني من مشكلات عديدة نتيجة إهمال الحكومة لها، مشددًا على "ضرورة مرور أي مشروع هندسي مثل الجسور أو الطرق بأربعة مراحل رئيسية هي: مرحلة التخطيط، ثم مرحلة التصميم، ثم التنفيذ، والرابعة هي الخدمة، أما ما يحدث علي أرض الواقع في مصر أن هذه العوامل الأربعة لا توجد مكتملة مع بعضها، فنحن ننشئ طرقًا ولكننا لا نخطّط لها قبل إنشائها، وهناك فرق بين الأمرين، فالتخطيط يعني ما الفائدة من الطريق، أما الإنشاء فهو كيف سيتم العمل فيه، وأكبر الأمثلة الموجودة على غياب التخطيط هو "محور المنيب"، فبعد البدء في إنشائه توقف بسبب وجود الأهرامات في مساره، مما كلّفنا 2.25 مليار جنيه لإنشاء مجموعة الجسور العلوية الموجودة حالياً للخروج من المأزق، وهو أمر يثير الدهشة، ألم يعلم منفذ المشروع بوجود الأهرامات من البداية، كذلك عند إنشاء كوبري الجلاء، وجد بعد بداية العمل أن "منزل" الكوبري نهايته المترو، مما اضطرّ القائمين على المشروع تغيير مسار المترو، وأيضاً ميدان نهضة مصر الذي قامت شركة المقاولون العرب بتطويره تكلف أكثر من 170 مليون جنيه، لكنها لم تراعي عند التطوير تخصيص أماكن انتظار الميكرو باصات والنقل العام، ولا أماكن لعبور المشاة، وكانت النتيجة تعطيل المرور، وتعرض المارة للحوادث المرورية".
وأضاف حجاج أنّ "الطريق الدائري تحوّل إلى طريق الموت، خاصةً بعدما أصبح مشاعاً لكل من يريد أن يقوم بعمل فتحات عشوائية "نزلات" للسيارات لتسهيل وتقصير الطريق، وهذا أيضا ناتج عن سوء تخطيط من البداية، وكان من الأولى على الحكومة أن تأخذ في الاعتبار زيادة عدد النزلات على الدائري بحيث يتم تنفيذها بشكل علمي وليس عشوائي كما هو الوضع الآن، وأيضاً إنشاء طرق موازية للدائري بحيث يتم التغلب على الإعاقة المرورية على الطريق... والسؤال الأهم هل تم تلافي هذه العيوب في الطرق الجديدة التي يتم إنشاؤها حالياً، أم تكرّر نفس الأمر".
وصنّف حجاج مصر إلى 3 بيئات، البيئة النهرية، والبيئة الصحراوية، والبيئة الساحلية، موضحًا أن كلاً منها يحتاج إلى مواصفات معينة عند رصف الطرق، وطرح عدة أمثلة لذلك "البيئة الصحراوية تحتاج لنوعية من معينة من الأسفل المقاوم للحرارة بشكل كبير نظرًا لارتفاعها في هذه البيئة، أما البيئة الساحلية فتحتاج طرقاً ذات معامل احتكاك أكبر بسبب سقوط الأمطار بشكل مستمر، ولعل ما فعلته إسرائيل أثناء فترة احتلالها لسيناء على الرغم من أنها العدو الأول لنا، إلا أنه يستحق الدراسة، ففي الفترات التي تحدث فيها السيول سواء في سيناء أو صعيد مصر تقوم الدولة بإنشاء فتحات مرور لمياه السيول أسفل الطرق تسمى بـالبربخ، وهي لا تحل المشكلة نظرًا لتدافع المياه بغزارة فيها ومن حولها، فنصبح أمام مشكلتين، الأولى هي قطع الطريق وتعطله، والثانية تلفه واحتياجه إلى عمليات صيانة مستمرة مكلّفة، أما إسرائيل فتعاملت مع الأمر وفقاً للتخطيطات البيئية السليمة، فقامت بإنشاء الطريق في مخارج السيل، وهو الأمر الذي يجعل الطريق يتوقف لدقائق دون تعرضه لأي تلف، وهنا يتضح الفرق بين التصميم والتخطيط".
أرسل تعليقك