دخل الهجوم الذي تشنه مجموعات مسلحة في العراق اسبوعه الاول الاثنين وسط معارك ضارية مع القوات الحكومية للسيطرة
على قضاء استراتيجي شمالي، في وقت اعلنت واشنطن انها تبحث توجيه ضربات بطائرات من دون طيار لوقف زحف
المسلحين.
في موازاة ذلك، ادرجت الاثنين امكانية تعاون ايران والولايات المتحدة لمواجهة المسلحين في العراق على جدول اعمال
مفاوضات الملف النووي الايراني في فيينا حيث اكدت واشنطن انها منفتحة بازاء تعاون مع طهران حليفة بغداد حيال التطورات
العراقية.
ومنذ مساء الاحد تدور اشتباكات بين المسلحين الذي ينتمون الى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" الجهادي المتطرف
وتنظيمات اخرى من جهة، والقوات العراقية من جهة ثانية، في قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) وسط نزوح الاف العائلات.
وقال عبد العال عباس قائممقام تلعفر، اكبر اقضية العراق والقريب من الحدود مع سوريا وتركيا، في تصريح لوكالة فرانس برس
اليوم "هناك 200 الف نازح والاشتباكات مستمرة داخل تلعفر (...) لدينا شهداء وجرحى وفوضى ونزوح".
من جهته ذكر مصدر مسؤول رفيع المستوى في محافظة نينوى حيث يقع القضاء والتي خرجت معظم مناطقها عن سيطرة
الدولة منذ اسبوع، ان المسلحين تمكنوا بعد هجوم شنوه في ساعة متاخرة من الليل من السيطرة اليوم على بعض احياء القضاء.
واضاف ان "قضاء تلعفر يشهد حاليا سيطرة المسلحين على ابنية حكومية (...) ما عدا الاحياء الشمالية التي لا تزال تشهد
اشتباكات".
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن لفرانس برس ان "الجيش صد هجوما على المدينة، وارسلنا
تعزيزات الى المدينة وقد كبدنا العدو خسائر جسيمة، ولم يستطيعوا السيطرة على شبر واحد منها".
وكانت القوات الحكومية نجحت صباح السبت في صد هجوم اولي للمسلحين قبل ان يتمكن هؤلاء من دخوله مع شنهم الهجوم
الثاني الذي بدا قبيل منتصف الليل.
ورغم ان المسلحين يسيطرون منذ اسبوع على مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) مركز محافظة نينوى، وعلى معظم مناطق
هذه المحافظة التي تملك حدودا تمتد لنحو 300 كلم مع سوريا، الا انهم لم يبداوا مهاجمة تلعفر سوى الاحد.
ويقع تلعفر وهو اكبر اقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا،
ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة.
وفي محافظة الانبار غرب العراق، قال ضابط في الجيش ان المسلحين الذي باتوا يسيطرون ايضا على مناطق واسعة من
محافظة صلاح الدين وخصوصا مركزها مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) هاجموا اليوم نواحي الرمانة والكرابلة والعبيدي
الواقعة على الحدود العراقية السورية.
واوضح ان "المسلحين وصلوا على متن رتل يضم سيارات عسكرية عبر الصحراء من مدينة الموصل، لكنهم واجهوا مقاومة
شديدة (...) وقد قتلنا اربعة من المسلحين في الرمانة و13 مسلحا في الكرابلة واربعة مسلحين في العبيدي".
ويسيطر مسلحون من تنظيم "الدولة الاسلامية" وتنظيمات اخرى منذ بداية العام على مدينة الفلوجة الواقعة على بعد 60 كلم فقط
غرب بغداد، وحيث قتل الاثنين سبعة اشخاص من عائلة واحدة بينهم طفلان جراء قصف اصاب منزلا في المدينة.
وكانت التطورات الامنية المتسارعة في العراق دفعت الولايات المتحدة الى الاعلان عن ارسال تعزيزات امنية الى محيط
سفارتها في بغداد ونقل موظفين الى مواقع اخرى، فيما عمدت سفارات اخرى الى الطلب من موظفين غير اساسيين فيها مغادرة
العراق.
في هذا الوقت، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه منفتح ازاء تعاون محتمل بين واشنطن وطهران حول العراق
وحذر من ان توجيه ضربات من طائرات بدون طيار قد يكون احد الخيارات لوقف تقدم الجهاديين.
وقال كيري ردا على سؤال من "ياهو نيوز" حول احتمال تعاون الولايات المتحدة عسكريا مع ايران "لا استبعد اي شيء يمكن
ان يكون بناء".
واضاف ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يدرس "كل الخيارات المطروحة بامعان" بما يشمل استخدام الطائرات بدون طيار،
مشيرا الى ان الولايات المتحدة التي انسحبت عسكريا من العراق في نهاية 2011 "متمسكة جدا بوحدة" اراضي البلاد.
لكن المتحدث باسم البنتاغون الاميرال جون كيربي اعلن لاحقا ان واشنطن لا تنوي اجراء مشاورات مع ايران قبل القيام بعمل
عسكري محتمل في العراق.
من جانبها، دعت الخارجية الاميركية الاثنين ايران الى عدم التعامل "باسلوب طائفي" مع الازمة العراقية في محاولة لحل هذه
الازمة بين المتطرفين السنة والحكومة العراقية الشيعية.
واذ كررت استعداد واشنطن لبحث الملف العراقي في شكل مباشر مع طهران، استبعدت على غرار البنتاغون اي تعاون
عسكري في هذا الاطار.
وايران والولايات المتحدة حليفتان لنظام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، لكن لا توجد بينهما علاقات دبلوماسية منذ 34
سنة.
وكان مسؤول اميركي اعلن في وقت سابق الاثنين في فيينا ان طهران وواشنطن قد تجريان محادثات حول العراق على هامش
المفاوضات النووية.
وكانت ايران اعربت عن استعدادها لتوفير مساعدة عسكرية من اجل التصدي لهجوم الجهاديين في العراق، من دون ان تستبعد
التعاون مع الولايات المتحدة، لكنها في الوقت الراهن ترفض التدخل في المعارك، بينما ذكرت واشنطن انها تدرس خيارات
مساعدة العراق، معلنة عن ارسال حاملة طائرات الى الخليج.
في نيويورك، اعلنت الامم المتحدة الاثنين ان قسما من طاقمها في بغداد غادر العاصمة العراقية "كاجراء وقائي" وسينتقل الى
مناطق اخرى في العراق.
ودانت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي من جنيف بعمليات الاعدام الوحشية لمئات من الجنود العراقيين
غير المقاتلين وللمدنيين.
ويعقد وزراء خارجية دول الجامعة العربية اجتماعا الاربعاء والخميس في جدة لمناقشة "الخطوات المطلوب اتخاذها" في
مواجهة "الاوضاع الخطيرة" في العراق، على ما اعلنت المنظمة في بيان.
وفي اول رد فعل رسمي سعودي على ما يجري في العراق، اكدت الرياض اليوم ضرورة "تجنب السياسات القائمة على التأجيج
المذهبي والطائفية التي مورست في العراق"، وشددت على "رفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية" في اشارة الى تدخل
الايراني او الاميركي المحتمل.
ودعت الى اتخاذ الإجراءات التي "تكفل المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب (...) والمساواة بينها في تولي السلطات
والمسؤوليات في تسيير شؤون الدولة وإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة" كحل وحيد للخروج من الازمة.
يشار الى ان العلاقات سيئة بين المملكة ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي وصل الى السلطة العام 2006 وقد رفضت
استقباله مرارا متهمة اياه بتهميش العرب السنة.
أ ف ب
أرسل تعليقك