نشر موقع تقريرًا مطولًا عن اللحظات الأخيرة في حياة محمد عبد الحكيم محمود "عفروتو" الذي لقي حفته تحت وطأة التعذيب بقسم المقطم . وقال الموقع في تقريره : "كان محمد عبد الحكيم محمود -الشهير بـ عفروتو- يجلس أمام مدخل مسكنه برفقة اثنين من أصدقائه في حوالي الثامنة من مساء الجمعة الماضي، حين ظهرت قوة من أفراد مباحث قسم المقطم يستقلون فوجًا من الـ "تكاتك" في إحدى حملاتهم المعتادة على منطقة الونش بحي الزلزال في المقطم.
بعد ساعتين من هذه اللحظة ستنتهي حياة عفروتو، عامل دهان المنازل، البالغ من العمر 22 عامًا عند وفاته. وكان صابر، أحد شهود العيان على واقعة القبض، قال "كنت واقف في بلكونة بيتي، شُفت قوة القسم بيفتشوا عفروتو وأصحابه، مالقوش معاهم حاجة، ومع ذلك قرروا يسحبوهم على القسم. بدأت المشادات بينهم لما حاولوا يركّبوا عفروتو في التوك توك بالإكراه فحاول يجري منهم". أكمل صابر أن أحد أمناء شرطة القوة المعروفين في المنطقة باسم أبو أدهم مد رجله وقتها ليعرقل عفروتو، فسقط الأخير على الأرض، وارتطم صدره بالرصيف ليصرخ بصوت مرتفع بأن صدره يؤلمه.
لكن لماذا حاول عفروتو الهرب طالما لم تُضبط معه أي ممنوعات؟ يجيب مصطفى، الشاب الذي شهد أيضًا واقعة القبض: "إحنا لما بنشوف المباحث لازم نجري. ضباط المباحث في القسم بيقولوا لنا: بعد الساعة 9 ما نشُفش حد منكم في الشارع، ولما تشوفنا ياض لازم تجري، لو اتمسكت فانت بتاعنا وهيتعملك قضية".
وعندما صرخ عفروتو على الرصيف حاول جاره الكهربائي الستيني، عم إسماعيل، التدخل للدفاع عنه، إلا أنه يقول إن أحد أفراد قوة المباحث دفعه ليسقط بدوره على ظهره: "لما وقعت على ظهري خدوا شبشبي ونزلوا بيه ضرب على وش عفروتو وبعدها جروه من شعره في الأرض لغاية ما ركبوه التوك توك".
أمام نفس المنزل، وجد شاب -سنسميه عزيز- ألقي القبض عليه في نفس الحملة مساء الجمعة قبل أن يطلق سراحه بعد إعلان مقتل عفروتو. يروي عزيز: "امبارح اتقبض عليا، فتشوني ما لقوش معايا حاجة. مع ذلك أحد الضباط قال لي: هتيجي معانا ونشوف إذا كان عليك قضايا ولا لا. رُحت القسم وحجزوني في الثلاجة [زنزانة احتجاز في القسم]. كان عددنا أربعة اتقبض علينا في نفس الحملة. بعد ساعة فتحوا الباب ورموا شاب كأنه شوال بطاطس، غرقان مية من ساسه لرأسه، وجسمه متلج. كان فيه بطانية مرمية في الأوضة، قمت أغطيه بيها اكتشفت أنه عفروتو. كان بيقول: أنا تعبان، أنا حاسس إني باموت، عاوز أعمل حمام. نادينا على الأمناء وقلنا لهم: عفروتو بيموت، قالوا لنا: سيبوه يموت
"صدري واجعني قوي يا [عزيز] مش قادر أتنفس"، كانت آخر جملة قالها عفروتو. صرخ عزيز مجددًا "
"إلحقونا فيه واحد بيموت". انفتح باب "التلاجة" ليظهر مرة أخرى أمين الشرطة "أبو ادهم" ليسأل عفروتو "ايه.. وجعك صدرك؟" وعندما هز عفروتو رأسه بالإيجاب، يقول عزيز إن أمين الشرطة وجه ركله قوية إلى صدر عفروتو ليموت في الحال.
في بلاغ الوفاة الصادر عن مديرية الشؤون الصحية بتاريخ 6 يناير/كانون الثاني سجل الطبيب الشرعي د. أيمن أحمد حسان سبب الوفاة كالتالي: "الإصابة وما صاحبها من تهتك في الطحال ونزيف دموي بالبطن، أدى وفاة عفروتو.
وسحب الأمين أبو أدهم الجثة الهامدة إلى خارج الثلاجة، وبعد ساعات بدأت الأحداث أمام القسم. يقول عزيز: "سمعنا أصوات بتهتف من الخارج (يا حكومة وسخة) وأصوات تانية عمالة تقول: يا عفروتو يا عفروتو. سمعنا بعدها صوت ضرب نار استمر ساعات. بعد هدوء الدنيا نسبيًا فتحوا لنا كلنا وسابونا نمشي".
في حوالي العاشرة من مساء الجمعة توجه أفراد أسرة عفروتو إلى مستشفى المقطم التخصصي المجاور لمنزلهم بعدما أبلغهم أحد الجيران بأن ابنهم توفي في القسم وأن جثته في المستشفى. اتهمتا شقيقته ووالدته قوات القسم بالاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه حتى الموت.
والدة عفروتو تجلس على الأرض بجوار مبنى المشرحة، قالت: "ابني محبوب من كل الناس، من كل جيرانه، وكل أصحابه"، مؤكدة أنه لم تكن له أي سوابق جنائية. وتكمل شقيقته: "أصحاب أخويا المقبوض عليهم مع محمد قالوا إنه اتعذب في القسم" عن طريق تغطيسه في برميل مياه، لافتة إلى أن جسد أخيها عند استلامه كان مبتلًا وكذلك شعره، وأنهم استلموا جثمانه بملابس غير ملابسه التي كان يرتديها عند القبض عليه أمام منزلهم.
وفاة عفروتو بعد إلقاء القبض عليه بساعتين أثارت غضب جيرانه وأصدقائه ليتوجهوا مباشرة إلى قسم المقطم. وكان شوقي أحد هؤلاء الجيران، وتحدث بينما كان مشغولًا برصّ المقاعد في صفوف أمام منزل أسرة عفروتو استعدادًا لاستقبال المعزّين.
و"في المستشفى بالليل طلع لنا ضابط قال لنا: اتحركوا على القسم لأن النيابة هناك وهتفتح تحقيق في الحادثة وهياخدوا أقوالكم. عددنا كان كبيرًا جدًا والكل غضبان. قررنا نروح القسم في ساعتها عشان نحكي اللي حصل من قوات المباحث أمام منزل عفروتو، لكن رفضوا يدخلونا. قعدنا نهتف ونقول (يا عفروتو)». يضيف شوقي أن أفرادًا من قوة القسم خرجوا وقتها ليطلقوا وابلًا من الأعيرة النارية بكثافة لتفريق المحتجين، وأنهم ردوا بإلقاء الحجارة عليهم لتندلع الاشتباكات التي استمرت لساعات حتى صباح السبت وأدت لسقوط عشرات المصابين.
أرسل تعليقك