توقيت القاهرة المحلي 21:08:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزو أم تحرير - عشر سنوات على سقوط صدام

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - غزو أم تحرير - عشر سنوات على سقوط صدام

بغداد ـ وكالات

قبل عشر سنوات سقط صدام حسين، صحيح أن العراق تخلص بذلك من دكتاتوره، غير أنه واجه مشاكل أخرى. ومع حلول الذكرى العاشرة لسقوط صدام تتباين آراء العراقيين حول العهد الجديد. المنصة التي تتوسط ساحة الفردوس في بغداد لا تزال فارغة. هنا وفي 9 أبريل/ نيسان عام 2003 تم إسقاط التمثال البرونزي الكبير لصدام حسين وإنهاء سيطرته على العراق – على الأقل بشكل رمزي. لم يبق من التمثال سوى ركيزة من الإسمنت المسلح. بعدها بفترة قصيرة تم وضع تمثال سوريالي صغير لأحد الفنانين المشهورين، لكن بدلا من الإعجاب، حصد العمل الفني انتقادات. وعندما وصل الإرهاب إلى العراق وسقطت القنابل على هذه الساحة سرعان ما اختفى النحت عن الأنظار. وطالما أن العراقيين لم يتفقوا على تسمية محددة بشأن الاجتياح الأمريكي للعراق، كان "غزوا" أو "تحريرا" أم "احتلالا" لبلادهم، فإن الركيزة ستظل خالية من أي تمثال أو نصب تذكاري. مل إبراهيم، سيدة شيعية في الثالثة والأربعين من عمرها، تقول: "بالنسبة لي كان ذلك اجتياحا بنوايا طيبة". وعلى الرغم من أنها استفادت من التغييرات بشكل كبير، فإنها ترى أيضا بأنه "كان اجتياحا بكل معنى الكلمة". أمل التي كان والدها طبيبا قبل أن يقتل من قبل أزلام صدام حسين بعد مقاومته له ولأتباعه، لم يكن لها أي فرصة في تسلق سلم الوظيفة في عهد نظام صدام. وهاهي اليوم تشغل منصبا قياديا في سكرتارية مجلس الوزراء. وبالرغم من ذلك، فهي لا ترى في العملية العسكرية الأمريكية "الحرية للعراق" تحريرا لبلادها، لافتة إلى أنه من الضروري تقييم الاجتياح الأمريكي للعراق انطلاقا من نتائجه. "التحرير أمر مختلف" عما حصل. تعزو أمل سبب المشاكل الحالية في العراق إلى القرارات والقوانين التي أصدرها الحاكم المدني للعراق آنذاك بول بريمر خلال الاحتلال الأمريكي. وتوضح أن تعيين أول مجلس وزراء كرّس انفصال النخبة السياسية وانعزالها عن الشعب، لافتة إلى أن السياسيين كانوا يحصلون على رواتب مرتفعة وامتيازات كثيرة أخرى. وتضيف أن أهداف هؤلاء قد تغيرت ولم تعد خدمة البلاد، وإنما خدمة أهدافهم الشخصية. على أية حال فإن البلاد تعيش منذ انسحاب القوات الأمريكية من العراق نهاية عام 2011 أزمة سياسية مزمنة. عكفت أعداد كبيرة من السنة في العراق على الخروج في مظاهرات كل يوم جمعة منذ أربعة أشهر لدفع حكومة المالكي على تنفيذ مطالبهم... مر العراق بأزمات عسيرة: حكم ديكتاتوري شمولي على مدى ثلاثين عاما، ثلاثة حروب، انتفاضات لا تحصى، ثم حصار اقتصادي استمر عشر سنوات تقريبا أسقط البلاد في عزلة وأزمات اقتصادية. ومع الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 سقط الديكتاتور صدام حسين ونظامه، ولكن الفوضى وأعمال النهب والاقتتال والتناحر على السلطة حل محلها. وهو الأمر الذي سهل على تنظيم القاعدة الإرهابي الدخول والتوغل في مناطق متفرقة من العراق. ومنذ منتصف عام 2006 أدخلت عناصر متطرفة البلاد في دوامة من العنف استمرت حتى بداية عام 2009، شيعة يقتلون سنة وسنة يقتلون شيعة ومسيحيون يتعرضون للقتل وكنائسهم للحرق. عمليات خطف وقتل واغتيالات وتفجيرات حولت العراق إلى جهنم ليس للعراقيين فحسب، بل أيضا للقوات العسكرية الأجنبية ولموظفي منظمات الإغاثة الدولية على غرار تلك التابعة للأمم المتحدة. وفي ذروة أعمال العنف سقط ما يصل إلى 3000 عراقي شهريا، وفق تقديرات للأمم المتحدة. وقد أدت أعمال العنف إلى انفصال السنة والشيعة عن بعضهما البعض. وهكذا تحولت الكثير من الأحياء والضواحي المختلطة عرقيا ودينيا في بغداد وعدد من المدن العراقية إلى مناطق خاصة بطائفة أو عرق معين. بعدها شهدت أعمال العنف تراجعا وكذلك تراجع عدد التفجيرات الإرهابية. عندما تغادر أمل ابراهيم، أم لأربعة أطفال، بعد انتهاء دوامها المنطقة الخضراء ذات الإجراءات الأمنية المشددة لا تعرف كم ستطول سفرتها قبل الوصول إلى بيتها. يتعين عليها كل مرة المرور عبر جسر فوق نهر دجلة للوصول إلى شارع فلسطين. أحيانا لا يستغرق ذلك أكثر من بضعة دقائق، ولكن في الوقت الحالي أكثر من ساعة، نظرا لتشديد الإجراءات الأمنية. وأحيانا يتم إجراء عمليات تفتيش على السيارات دون سابق إنذار وبشكل تعسفي. كل ذلك يظهر مدى قلق السلطة في وقت يواجه فيه رئيس الحكومة نوري المالكي الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع ووزير الداخلية ضغوطا من كل الجهات. يتم الإعلان يوميا تقريبا عن استقالات جديدة، وحكومته مهددة بالتفكك. وفي الوقت نفسه عاد تنظيم القاعدة من خلال عمليات منسقة ليضرب بقوة، الأمر الذي دفع المعلقين إلى الحديث عن حرب أهلية جديدة. ستنظم في العاصمة بغداد وبقية المحافظات الثلاثة عشر الأخرى الانتخابات المحلية في العشرين من أبريل/نيسان. كما أن بغداد، ذات الست ملايين نسمة، هي عاصمة الثقافة الإسلامية خلال هذا العام، ويرى البعض أن ذلك يمثل أفضل فرصة للإرهابيين ذوي المرجعية الدينية المتشددة لجذب الاهتمام إليهم.  يبدو أن سكان بغداد لا يعيلون الأمر أي اهتمام ويحافظون على برودة أعصابهم، حيث يتحلون بالصبر إزاء الازدحام على جسر دجلة. وفيما كانت الشوارع في السنوات الأولى للإرهاب بدءا من فترة بعد الظهر تقريبا خالية، ذلك أن الناس كانوا يلوذون إلى بيوتهم خوفا من أعمال العنف، أصبحت مناطق عدة في بغداد مكتظة بالناس حتى ساعات متأخرة من الليل على غرار الكرادة حيث ساحة فردوس، وفي حديقة شارع ابو نواس على ضفة نهر دجلة تتنزه عائلات حتى منتصف الليل. كما تزايد الإقبال على دور السينما والمسرح والمطاعم وغيرها من الوجهات الترفيهية. تقول أمل ابراهيم إن " يمكن للناس التعود على الإرهاب أو على الأقل يمكنهم تعلم كيفية التعامل معه". وتضيف بأنها تعرف من ابنها البالغ 22 عاما أن الشباب العراقي يعطي للحرية قيمة أكبر بكثير من الأمن. كما ترى بأن "للشباب إمكانيات أخرى لتحقيق الذات"، لافتة إلى أن الانترنت تشكل لهم نافذة على العالم، في الوقت الذي كانت فيه أجهزة صحون استقبال البث التلفزيوني ممنوعة في عهد صدام حسين. "يمكننا أن نقول ما نشاء وملاقاة من نشاء" كما تقول، وهذا الأمر يؤكده استطلاع للرأي أجري بتكليف من مجلس الوزراء، رب عمل أمل، الذي يؤكد أن شبانا عراقيين دون سن 25 يرون في الاجتياح الأمريكي والبريطاني للعراق قبل عشر سنوات تحريرا لبلادهم.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزو أم تحرير  عشر سنوات على سقوط صدام غزو أم تحرير  عشر سنوات على سقوط صدام



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon