القاهرة - مصر اليوم
قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة الغد، وذلك في قضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر.
وجاء قرار التأجيل للاستماع إلى أقوال اللواء محمد أحمد زكي قائد الحرس الجمهوري، والاستعلام حول ما إذا كان قد تم تحرير محاضر حول اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وإعادة استدعاء اللواء خالد ثروت رئيس قطاع الأمن الوطني السابق لاستكمال الاستماع إلى أقواله حول القضية.
استمعت المحكمة إلى اللواء عادل عزب الضابط بقطاع الأمن الوطني، والمكلف بمتابعة ملف جماعة الإخوان بإدارة النشاط المتطرف.. مشيرا إلى أن الطبيعة القانونية لجماعة الإخوان، أنها أسست على خلاف أحكام القانون، وصدر القرار الأول بحل الجماعة في عام 1948 ، ثم القرار الثاني بحلها في عام 1954 عقب محاولة اغتيال عناصرها للرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
واسترسل الشاهد في استعراض نشأة الجماعة وتأسيسها وأهدافها في السيطرة على مقاليد السلطة.. مشيرا إلى أن الجماعة تعمدت أن تظل دولة موازية للدولة والحكومة، في كافة تعاملاتها، حيث تتم مبايعة مرشد للجماعة على السمع وطاعة الأوامر، وأن يبذل أعضاء الجماعة أموالهم ودماءهم وجهدهم في سبيلها.
وأكد الشاهد أن الجماعة سعت دائما إلى إسقاط الدولة المصرية بمؤسساتها الموجودة، حتى تحل مكانها أقسام الجماعة، بحيث يحل قسم الطلبة محل وزارة التربية والتعليم، وقسم البر والخدمات الاجتماعية محل وزارة التضامن، ويحل كل قطاع بالجماعة محل وزارات الدولة الحكومية، في يعد دولة موازية للدولة المصرية.
وقال اللواء عادل عزب، إنه منذ تولي محمد مرسي الحكم، واستغل نفوذ منصبه في تمكين أعضاء جماعة الإخوان من تقلد المناصب القيادية في الدولة، حتى ولو لم يكن هؤلاء الأشخاص بالإمكانيات العلمية والثقافية المطلوبة، مثل تعيينه المهندس أيمن هدهد مستشارا أمنيا لرئيس الجمهورية، على الرغم من عدم وجود أي خلفية علمية أو عملية له في هذا المنصب.
وأضاف أن مرسي أبدى عدم معارضته في أن تنتقل منطقة حلايب وشلاتين من السيادة المصرية إلى السودان، كما أنه سعى مع قيادات جماعة الإخوان للتنازل عن جزء من أرض سيناء، لصالح حركة حماس والتي تمثل "الجناح العسكري للتنظيم الدولي للإخوان" للاعتماد عليهم كقوة مسلحة في أي مواجهة ضد الجيش المصري.
وأشار إلى أن محمد مرسي، عقب توليه رئاسة الجمهورية، أصدر تعليمات إلى أجهزة الأمن، بوقف إجراءات التفتيش للسيارات العابرة من قطاع غزة إلى مصر من خلال منفذ رفح البري، وإصداره لقرارات بالإفراج عن العديد من العناصر الإجرامية والإرهابية من المحكوم عليهم، بقصد استخدامهم كمليشيات عسكرية لحماية نظام حكم الجماعة، وقيامه بإصدار أوامر برفع أسماء عناصر التنظيم الإخواني من قوائم الترقب والوصول.
وقال إنه فور بدء حركة (تمرد) نشاطها بالدعوة إلى إسقاط محمد مرسي عن الحكم، دعا مرسي أنصاره للنزول بميدان رابعة العدوية، وصولا إلى تسريب وبيع المستندات المتعلقة بالأمن القومي المصري والقوات المسلحة إلى دولة قطر عبر سكرتيره المتهم أمين الصيرفي، والذي كان يعمل في الأساس "صاحب مكتبة" بعد تكليفه ابنته كريمة الصيرفي في تهريب تلك المستندات، إلتزاما بمبدأ السمع والطاعة المتبع داخل جماعة الإخوان.
واستعرض اللواء عادل عزب، علاقة محمد مرسي بجماعة الإخوان وانضمامه إليها، مؤكدا أنه تولى عدة مناصب قيادية داخل الهيكل التنظيمي للجماعة، حتى وصل إلى منصب عضو مكتب الإرشاد والمسئول السياسي في هيكل التنظيم، موضحا أن عضوية مكتب الإرشاد هي واحدة من أكبر المناصب في الجماعة، حيث يصدر المكتب التكليفات إلى الهيكل التنظيم كل في اختصاصه.
وأكد الشاهد، أن لمحمد مرسي سيطرة فاعلة باعتباره عضوا بمكتب الإرشاد - على باقي أنصار التنظيم الاخواني المحظور حيث انه من المعهود عليه والمتبع في حالة صدور تكليف لجهة ما داخل الجماعة من مكتب الارشاد تلتزم تلك الجهة بتنفيذه على الفور وفقا لمبدأ السمع والطاعة دون مناقشة طالما أن القرار صادر من مكتب الارشاد .
وقال الشاهد، إن المتهم أحمد عبد العاطي، وهو أحد القيادات داخل جماعة الإخوان، كان يتولى مهمة التنسيق مع الهيئات الأجنبية وأجهزة المخابرات الدولية، ونقل كل ما يدور في لقاءات محمد مرسي خلال توليه منصب الرئيس.. مشيرا إلى أن أحمد عبد العاطي كان ينقل أيضا تكليفات مكتب إرشاد الجماعة إلى محمد مرسي خلال توليه منصب رئيس الجمهورية، مؤكدا أن تلك المعلومات كشفت عنها تحريات أعدها ضباط بجهاز الأمن الوطني، وأنه أطلع عليها بصورة شخصية، باعتباره مسئول ملف جماعة الإخوان.
وكان المستشار الشهيد هشام بركات النائب العام قد وافق على إحالة المتهمين إلى المحاكمة، في شهر سبتمبر 2014، وذلك في ختام التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا بالقضية.. حيث جاء بأمر الإحالة "قرار الاتهام" أن محمد مرسي وعددا من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية - والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة - بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
والمتهمون في القضية هم كل من: محمد محمد مرسي عيسى العياط (محبوس - رئيس الجمهورية الأسبق) - أحمد محمد محمد عبد العاطي (محبوس - مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق – صيدلي) - أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (محبوس - سكرتير سابق برئاسة الجمهورية) - أحمد علي عبده عفيفي (محبوس - منتج أفلام وثائقية) - خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان (محبوس - مدير إنتاج بقناة مصر 25 ) - محمد عادل حامد كيلاني (محبوس - مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية) - أحمد إسماعيل ثابت إسماعيل (محبوس - معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) - كريمة أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (طالبة) - أسماء محمد الخطيب (هاربة - مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) - علاء عمر محمد سبلان (هارب – أردني الجنسية - معد برامج بقناة الجزيرة القطرية) - إبراهيم محمد هلال (هارب - رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية).
وأشارت التحقيقات التي أشرف عليها المستشار تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، إلى أن مرسي استغل منصبه كرئيس للدولة، وقام بتعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف بالغة الحساسية بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص.. وبعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس (الأسبق) بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري، ومسئولي قناة الجزيرة، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية وأماكن تمركزها وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي.
وأظهرت التحقيقات أن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي وعلاء سبلان، عن طريق المتهمة أسماء الخطيب، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط إلكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل، ثم سافر المتهم علاء سبلان إلى قطر، والتقى بالمتهم إبراهيم هلال رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق - رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) في حضور ضابط بجهاز المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وتم الاتفاق على تسليمهم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار، تسلم (سبلان) جزءا منه عبر إحدى شركات تحويل الأموال بعد أن تم تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني بمطار الدوحة.
وتبين من التحقيقات أن 7 من المتهمين ( من العاملين بقناتي الجزيرة ومصر 25 وشبكة رصد) قد ارتكبوا جريمة التخابر بصورة مباشرة وصريحة، باتفاقهم مع ضابط جهاز المخابرات القطري على العمل لصالح دولة قطر، وإمداد المخابرات القطرية بالوثائق السرية الصادرة عن الجهات السيادية المسلمة إلى مؤسسة الرئاسة، والتي تم اختلاسها بمعرفة الرئيس الأسبق ومدير مكتبه، وتم تهريبها بمعرفة سكرتيره الخاص ومتهمين آخرين.
وأكدت التحقيقات واعترافات عدد من المتهمين المحبوسين احتياطيا، أن المتهمين أمين الصيرفي ونجلته كريمة الصيرفي، هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بمعرفته.
وأسندت النيابة إلى محمد مرسي وبقية المتهمين ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها، بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
كما نسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
أرسل تعليقك