تتصاعد حدة التوترات في العديد من المناطق في العالم، وتزايدت احتمالات انجراف العالم إلى حرب عالمية ثالثة بسبب التطورات الإقليمية والدولية التي تشهدها عدة صراعات دولية.
وقالت مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية إن عام 2017 مرّ دون وقوع صراع كارثي، خاصة مع الهدوء الذي بدأ يسود الحرب الأهلية في سورية، ولكن ما تزال هناك صراعات تواجه صعوبة في إيجاد مخرج سلمي لها، وبالتالي يمكن لـ"خمسة مناطق حول العالم" أن تشكل نواة لانطلاق شرارة الحرب العالمية الثالثة.
وكشف التقرير، الذي نُشر السبت، أن الارتباك الدبلوماسي في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلق حالة من عدم اليقين حول العالم فيما يتعلق بنوايا الولايات المتحدة وقدراتها، متوقعاً أن تؤدي سوء التقدير في الأزمات الدولية إلى نشوب صراع عالمي تتعارض فيه مصالح القوى الغربية برمتها.
وتقول المجلة إن كوريا الشمالية تمثل أخطر أزمة في السياسة الخارجية تواجه العالم اليوم بعد نجاح برامجها الصاروخية والبالسيتية، فضلاً عن افتقار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخبرة الدبلوماسية الكافية في كبح قدرات بيونغ يانغ النووية، مما ترتب عليه خلق وضع دقيق للغاية.
ووفق التقرير، لا تشير الدلائل إلى استجابة الزعيم الكوري كيم يونج أون إلى الضغط الأميركي، بعد إجراء بلاده تجارب صاروخية ونووية على نحو متكرر على مدى العقد الماضي، وعلى النقيض من ذلك، حدث انقسام داخل الإدارة الأميركية، حيث تباينت وجهات النظر بين دوائر صنع القرار الأميركية للتعامل مع الأزمة في شبه الجزيرة الكورية.
ونظراً لتعقيد القضية؛ فإن كوريا الشمالية والولايات المتحدة لديهما دوافع قوية للمبادرة في الحرب؛ ومن ثم فعلى الولايات المتحدة الأميركية الاستباق بتدمير مراكز الاتصالات ومنصات الصواريخ، حسبما أفادت المجلة الأميركية، ومن غير المستبعد أن تنجرف اليابان أو الصين بسهولة إلى دائرة المعركة، ويُشار إلى أن بيونغ يانغ أطلقت خلال الأشهر الماضية عدداً من الصواريخ الباليستية، وأجرت تجارب نووية أثارت قلق واشنطن وحلفائها في آسيا وقوبلت باستنكار دولي واسع.
وأشارت المجلة الأميركية إلى أن الأزمة بين تايوان والصين يمكن أن تقود إلى حرب طويلة الأمد، وتشير التصريحات العدوانية الأخيرة الصادرة عن القادة العسكريين والدبلوماسيين الصينيين إلى أن القيادة الصينية باتت تعتقد أن التوازن العسكري قد تحول لصالحهم.
وأعلنت الصين، الخميس الماضي، عن احتجاجها بعد أن وقّع الرئيس دونالد ترامب موازنة دفاعية تمهد الطريق أمام إمكانية زيارة سفن حربية أميركية إلى تايوان ذات الحكم ذاتى، ونقلت وسائل إعلام صينية الأسبوع الماضي أن دبلوماسياً من السفارة الصينية في الولايات المتحدة حذر من أن بكين ستستعيد تايوان بالقوة في اليوم الذي تدخل فيه سفينة حربية أميركية ميناء تايوان الرئيسي، ومن المعروف أن تايوان انفصلت عن الصين عام 1949، ولكنها تتمتع بالحكم الذاتي فقط، ولم تعلن استقلالها حتى اللحظة رغم تصريحات الصين التي تعتبر تايوان جزءاً من الأراضى الصينية.
وبحسب "ناشونال إنترست"، فعلى الرغم من إدانة الولايات المتحدة للتحركات الصينية وإعلانها بيع مجموعة كبيرة من الأسلحة إلى تايوان، إلا أن مساعي ترامب للتواصل مع السلطات الصينية عن تشديد العقوبات ضد كوريا الشمالية، خلق قنوات دبلوماسية بين بكين وواشنطن في الآونة الأخيرة، ولكن يظل هناك تشكك في نوايا الجانبين مما قد يؤدي إلى نزاع مدمر، ولا يزال الصراع في أوكرانيا يُمثل بؤرة حساسة من احتمالات تصاعد التوتر بين الغرب من جانب وروسيا الاتحادية من جانب آخر في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الهش بسبب العنف بين الميليشيات المحلية التي تدعمها موسكو في مواجهة الحكومة المركزية بكييف، ولذا أثارت الاحتجاجات والمظاهرات ضد الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي أسئلة حول استقرار الحكومة، حسب المجلة الأميركية.
وذكر التقرير أن انهيار الحكومة المركزية في كييف قد يعود على روسيا بمكاسب عديدة، والتي أبرزها تزايد فرص استيلاء موسكو على مقاليد الحكم عبر وكلائها، ولكن في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي انهيار حكومة كييف إلى صعود المتشددين اليمينيين على السلطة، الأمر الذى من شأنه أن يشعل فتيل صراع بالمقاطعات الشرقية.
وعلى الرغم من أن إدارة ترامب قد تراجعت عن الدعم الفاتر الذي قدمه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى كييف، فإن التوغل العسكري الروسي الخطير في أوكرانيا، قد يُهدد بوضع أوروبا برُمتِها والولايات المتحدة في صراع عنيف ضد موسكو، ويشار إلى أن أوكرانيا كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق حتى العام 1991، وظلت بعدها خاضعة للسيطرة الفعلية لموسكو.
وأدت الجهود التي جرت على مدار الأعوام القليلة الماضية لاجتذاب أوكرانيا نحو الغرب إلى حدوث انقسامات في البلاد، وهو ما اتهمت أوكرانيا ومعظم الدول الغربية روسيا بالوقوف وراءه، وكانت العقوبات على موسكو قد أقرت بعد إعلان روسيا ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014.
وألمح التقرير إلى أن انهيار العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، خلال العام الماضي، وهو ما ساهم في تقارب أنقرة وموسكو مؤخراً. ونوه التقرير إلى أن امتلاك تركيا، معدات وأسلحة روسية قد يُشير إلى تحول كبير في التوازن الإقليمي والدولي.
ولفتت المجلة الأميركية إلى أن كل من تركيا وروسيا والولايات المتحدة لا يعتقد أن الحرب ستكون وسيلة معقولة لحل الوضع الدبلوماسي الجديد، خاصة وأن تزايد التوتر في علاقاتهم قد يؤدي إلى التصعيد في العديد من صراعات المنطقة مثل سورية والعراق وإيران.
وتتفاوض تركيا مع روسيا لشراء منظومة صاروخية "إس - 400" منذ أكثر من عام. وتُعد واشنطن وبعض حلفائها في حلف شمال الأطلسي القرار تجاهلاً من جانب تركيا، إذ لا يمكن دمج هذه الصواريخ في دفاعات حلف "الناتو".
وأفاد التقرير، بأن الصراع في الخليج العربي، يتمثل في المواجهة بين السعودية وإيران، فـ "الرياض" تُلقي باللوم في كل نزاع إقليمي دائر على الأطماع الإيرانية، الأمر الذي يجعل القيادة السعودية في انتظار اللحظة لضغط الزناد.
وقالت المجلة الأميركية إن: "إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبلت إلى حد كبير انتصار نظام الأسد في سورية بدعم روسيا، ولكنها تعيد بوصلة جهودها في وضع حد للتوسع الإيراني".
وأظهرت السعودية استعداداً قوياً لبناء تحالف عسكري ضد الكتلة الشيعية، التي تتزعمها إيران، في حين لم تستبعد المجلة الأميركية أن تقبل الرياض بإسرائيل كعضو في تكتلها الذي يضم في أغلبيته دول سنية، يُشار إلى أن السعودية تدعم المعارضة في سورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية وتقود في نفس الوقت تحالفاً عربياً في الحرب في اليمن ضد جماعة الحوثيين المحسوبة على المذهب الشيعي، فيما تدعم إيران نظام بشار الأسد في سورية وتقدم المساعدات العسكرية للحوثيين في اليمن، وتُشرف على الميليشيات الشيعية في العراق إلى جانب دعم حزب الله اللبناني الذي تعتبره السعودية منظمة إرهابية. كما تعتبر إيران المذهب الوهابي السلفي المهين في السعودية توجهاً تكفيرياً وتصفه بالإرهابي.
أرسل تعليقك