انتهت عملية فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي شهدتها موريتانيا، على أن تبدأ النتائج الجزئية في الظهور، وفق ما أكدته مصادر من داخل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. وفرضت السلطات في محيط المقر المركزي للجنة الموجود في قلب العاصمة نواكشوط طوقًا من رجال الأمن تحسبًا لوقوع أي حوادث، فيما شهد المقر حالة استنفار كبير، فمنذ الساعات الأولى من الأحد، بدأت اللجنة تستقبل صناديق الاقتراع ومحاضر التصويت.
وفي قاعة كبيرة يجلس عشرات المهندسين الشباب أمام شاشات كومبيوتر، مهمتهم هي إدخال النتائج التي ترد بشكل آني في تطبيق إلكتروني سيتولى مهمة تجميع وإصدار النتائج المؤقتة، وهي عملية يبدو أن اللجنة تختبرها للمرة الأولى في موريتانيا، وتراهن عليها لتسريع إعلان النتائج.
قال محمد ولد فاروق، وهو مدير المعلوماتية في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، في تصريح لـ"الشرق الأوسط": "نحن الآن في مرحلة جمع ومركزة النتائج، وذلك بعد أن انتهينا من مرحلة فرز الأصوات، وقد استخدمنا تطبيقاً إلكترونياً موجوداً على هواتف رؤساء مكاتب التصويت، ساعد في جمع ومركزة هذه النتائج".
وأضاف ولد فاروق أنه على الرغم من محاولة تطوير أساليب عمل اللجنة المشرفة على الانتخابات، فإنه في قسم المعلوماتية لجأوا إلى "إجراء اتصالات هاتفية بالمناطق النائية التي توجد خارج تغطية الإنترنت"، وفق تعبيره.
وأكد ولد فاروق أن الانتخابات "جرت في ظروف طبيعية، ولم تسجل فيها أي خروقات مؤثرة، كما لم تشهد أي حوادث"، وأشار إلى أن هناك "إشاعات متكررة، ولكن فِرقنا لم تشاهد أي خروقات تؤثر على سير العملية أو مصداقية نتيجتها".
ويبدو الجو في الطابق الثاني من مقر لجنة الانتخابات أكثر هدوءًا، فهنا توجد الإدارة التي ستتولى إعلان النتائج النهائية. أكد المصطفى ولد سيدي المختار، مدير الاتصال والعلاقات العامة في اللجنة، من أحد المكاتب أن "النتائج الجزئية سيتم الإعلان في وقت لاحق من صباح الاثنين"، قبل أن يشير إلى أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات تجاوزت 60 في المائة، وهي مرشحة للزيادة مع تقدم معالجة النتائج.
وإن كانت اللجنة ترفض الإفصاح عن مؤشرات النتائج بشكل عام، إلا أن بعض المصادر تتحدث عن تقدم كاسح لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، في عموم التراب الموريتاني وفي انتخابات مجلس النواب والمجالس الجهوية والمحلية.
ونظم الحزب الحاكم الساعي بقوة نحو تحقيق "أغلبية ساحقة" في البرلمان بعد هذه الانتخابات، ليل السبت - الأحد، "سهرة انتخابية" في مقره بنواكشوط استمرت حتى وقت مبكر من فجر الأحد، وحضرها وزراء في الحكومة لمتابعة عملية فرز النتائج بشكل آني. وعبرت قيادات الحزب لـ"الشرق الأوسط" عن ثقتها في تحقيق "نصر كاسح" في هذه الانتخابات، مشيرة إلى أن حزب "تواصل" الإسلامي الذي يقدم نفسه كمنافس لهم "سيمنى بهزيمة قاسية تظهر حجم شعبيته الحقيقي".
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد حذّر الموريتانيين من التصويت للحزب الإسلامي، لأنه يشكِّل خطرًا حقيقيًا على أمن واستقرار موريتانيا، وأن قياداته مجموعة من المتطرفين والإرهابيين، يرتدون بدلات عنق، ولكنهم مرشحون لأن يحملوا السلاح في حالة لم تتحقق أهدافهم.
من جهتها، تحدّثت أحزاب المعارضة التي تشارك في هذه الانتخابات بعد 12 عامًا من المقاطعة عما سمّته "عمليات تزوير"، يقف وراءها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بالتواطؤ مع جهات داخل اللجنة المشرفة على الانتخابات. وقال الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة، محمد ولد مولود، إن بحوزتهم "أدلة" على وقوع تزوير في الانتخابات. ولكن المعارضة التي نددت بالظروف "السيئة" التي جرت فيها الانتخابات، عبرت عن ثقتها في تحقيق "النصر"، وقالت إن الحزب الحاكم "فشل رغم التزوير في تغيير إرادة الشعب الموريتاني وتطلعه نحو التغيير"، إلا أن مصادر رفيعة في لجنة الانتخابات قالت إنهم لم يتلقوا أي ملاحظات أو شكاوى من طرف المعارضة.
وفي الشارع، يترقب الموريتانيون باهتمام كبير نتائج هذه الانتخابات، لأنها تعدّ بالنسبة لهم اختبارا لكثير من الكتل السياسية قبل الانتخابات الرئاسية التي ستنظم في شهر يونيو/حزيران من العام المقبل، أي بعد أقل من عام.
أرسل تعليقك