في مقابل الشعور بالإحباط من جمود قضية الأسرى الإسرائيليين والأجانب، رغم مرور 44 يوماً على خطفهم إلى أسر حركة «حماس»، كثفت بعض عائلاتهم جهودها لتحقيق صفقة تبادل الأسرى، وطالبت الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت، عضوي مجلس إدارة الحرب، بمضاعفة جهودهما لإقناع الحكومة بضرورة التوجه إلى صفقة تبادل، ووضعها على رأس سلم الأولويات. وقال أحدهم إنه يجب عليهما الانسحاب من الحكومة في حال رفضها.
وقد كشف عن هذا المطلب، في أعقاب الاجتماع الذي عقده وفد كبير من عائلات الأسرى، الذين احتجوا على إهمال قضيتهم. وقالوا إن الحكومة لا تشعر بمعاناتهم، وتعرقل مسار إنجاز صفقة تفك أسرهم. وأكدوا أن هناك من لا يدرك خطورة المسالة؛ فالأسرى هذه المرة ليسوا جنوداً وقعوا في الأسر خلال حرب، وتجوز المناورة على مصيرهم، بل هم مواطنون أبرياء وقعوا في الأسر؛ لأن الحكومة قصرت في واجبها لحمايتهم. ولا يعقل أن يعاقبوا مرتين، مرة عندما تركوهم فريسة لرجال «حماس»، ومرة عندما تقاعسوا عن إنقاذهم من الأسر باتفاق سريع.
دعم جماهيري
وكانت عائلات الأسرى قد أحيطت بدعم جماهيري واسع، ليلة السبت - الأحد، حيث شارك أكثر من 25 ألف مواطن في المهرجان الذي اختتمت به مسيرتها مشياً من تل أبيب إلى القدس طيلة 5 أيام، ثم عادوا إلى تل أبيب لإقامة مهرجان آخر. وأقيمت وقفات احتجاج في 20 موقعاً في مختلف أنحاء البلاد تضامناً. وفي بعض هذه المظاهرات ارتفعت المطالبة بإقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتهمونه بالمماطلة في الصفقة لغرض إطالة الحرب، والبقاء في الحكم.
وأشارت مصادر سياسية في تل أبيب إلى أن صياغة اتفاقية لصفقة التبادل أُنجزت منذ يوم الثلاثاء الفائت، لكن الحكومة الإسرائيلية بضغط من الجيش لم تصادق عليها. ومنذ ذلك الحين يسود العائلات شعور بأن الحكومة لا تسعى إليها، بل تعلق آمالاً على أن يتمكن الجيش من الوصول إلى الأسرى وتحيرهم بالقوة. ويخيف هذا التوجه أعالي الأسرى، الذين يتحسبون من الخطر على حياة أولادهم.
الصفقة «عالقة»
ووفق المصادر، فإن الصفقة «عالقة». بينما قال ناطق بلسان حكومة قطر، التي تتوسط بين الجانبين، إن هناك خلافات تقنية ولوجيستية بسيطة تمنع إنجاز الصفقة؛ فـ«حماس» تطلب وقف طيران طائرات إسرائيل المسيرة في الجو طيلة 5 أيام الهدنة، وذلك لمنعها من رصد المكان الذي يجري فيه إخلاء الأسرى لتحريرهم، في حال التوصل إلى صفقة، وإسرائيل ترفض وتزعم أن هذه الطائرات جاءت لترصد كيفية إجهاض عمليات حربية. لكن المصادر تحدثت عن خلافات في الحكومة وفي الجيش حول بنود الصفقة؛ فالجميع لا يطيق مشاهدة أسرى فلسطينيين يخرجون إلى الحرية من السجون الإسرائيلية وهم يرفعون شارة النصر، لكن الوزراء المعتدلين يقولون إن حياة الأسرى أهم من هذه المشاعر، ووقف معاناة العائلات يستحق أن يكبت القادة مشاعرهم ويفكروا بعقولهم. لكن اليمين المتطرف يرى أنه لا يجوز الخنوع لـ«حماس»، ومواصلة الحرب حتى يقرر الجيش ذلك، حتى لو أدى الأمر إلى مقتل أسرى.
ووفق المصادر، فإن موقف «حماس» يطالب أولاً بإطلاق سراح 87 أسيراً، بينهم 53 أماً وأسيراً أجنبياً و34 طفلاً مقابل هدنة من 5 أيام وإطلاق سراح نحو 200 شخص من الأسرى الفلسطينيين من الأطفال والنساء والمرضى المزمنين، في السجون الإسرائيلية. ومع أن الدعاية الإسرائيلية تتحدث عن رفض الصفقة لأن هناك مطالب جديدة من «حماس»، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تؤكد أنها تتأخر بسبب خلافات بشأنها داخل «كابينت» الحرب الإسرائيلي.
الوقت ليس في صالح إسرائيل
وأشار المحلل العسكري في صحيفة «معاريف»، طال ليف رام، الأحد، إلى أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى أن تتقدم قواته باتجاه أطراف أخرى في مدينة غزة، في الوقت الذي أصبحت فيه «قيادة الجيش مطالبة بإدارة الأزمة ما بين الرغبة في استمرار التقدم، إلى جنوب مدينة غزة، وبين التقدم في المفاوضات حول تحرير المخطوفين». وأضاف: «الوقت الذي يمر ليس في صالح إسرائيل، ولا يتلاءم مع الإنجازات العسكرية مقابل (حماس) في شمال القطاع، وبشكل خاص في مدينة غزة». ويقول إن الجيش يريد أن يضمن أنه سيتمكن من استئناف الحرب بعد الهدنة.
وأما المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، فقد تبنى موقف وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، اللذين يدعيان أنه من أجل تحسين شروط صفقة تبادل أسرى وزيادة عدد الأسرى الإسرائيليين، ينبغي تشديد هجوم إسرائيل في القطاع، وممارسة الضغط بشكل أكبر على رئيس «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، إلا أن يهوشواع اعترف بأن «السنوار هو الذي يقرر في هذه المفاوضات».
خلافات في «كابينت»
وأشار المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أن الخلافات في «كابينت» الحرب حول صفقة تبادل الأسرى، تتمثل في أن غانتس وآيزنكوت، يقولان إن إسرائيل ملزمة باستغلال الفرصة من أجل إنقاذ من يمكن إنقاذهم بين الأسرى، وبشكل فوري، لأنه بخلاف ذلك سيكون هناك خطر واضح على حياتهم، بينما يدعي غالانت وهليفي وقياديون في الجيش الإسرائيلي و«الشاباك» أنه يحظر التوقف الآن لهدنة، ويجب تشديد الضغط العسكري على (حماس)، لأنه بهذه الطريقة فقط سيكون بالإمكان جعل السنوار يقدم تنازلات أخرى. ولفت هرئيل إلى أن نتنياهو، «لم يبلور موقفاً نهائياً في هذا الخلاف؛ فهو منشغل باعتبارات سياسية داخلية، ويخشى تطويقه من جانب الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
قطر تكشف آخر تطورات صفقة رهائن تحتجزهم حماس منذ هجومها على إسرائيل
"حماس" تقر بمقتل القيادي أحمد بحر بقصف إسرائيلي في غزة
أرسل تعليقك