واشنطن ـ وكالات
بالتزامن مع الذكرى العاشرة لحرب العراق، قرر أحد قدامى المحاربين الأمريكيين، والذي فقد القدرة على تحريك ساقيه في الحرب، أن ينهي حياته.
وبعث الجندي، ويدعى توماس يونغ، رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ونائبه آنذاك ديك تشيني، اتهمهما بالمسؤولية عما أصابه والآخرين من المصابين والقتلى في العراق.عندما وقف بوش في موقع انهيار مركز التجارة العالمي عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 متعهدا بملاحقة المسؤولين، لبّى يونغ النداء وانضم للجيش.لكن بدلا من إرساله إلى أفغانستان لمحاربة القاعدة وحلفائها، انتهى به المطاف في العراق عام 2004 بعد أن اعتقلت قوات التحالف الدولي الرئيس العراقي السابق صدام حسين.في اليوم الخامس له بالعراق، تعرضت وحدة يونغ لإطلاق نار من مسلحين في العاصمة بغداد. وأصيب يونغ في الهجوم إصابة بالغة في العمود الفقري، جعلت منه مقعدا يستخدم كرسيا متحركا.وبعد عودته إلى الولايات المتحدة، نشط في الحملات المناوئة للصراع. وفي عام 2007 أصبحت قصة يونغ مادة لفيلم وثائقي بعنوان "جسد الحرب".
لكن حالته الصحية تدهورت إلى الحد الذي دفعه إلى التفكير في إنهاء معاناته.
معاناة"تقبلنا مستوى معينا من المعاناة"، هكذا قالت كلوديا كولر، زوجة يونغ، لبي بي سي نيابة عنه، حيث يواجه صعوبة في التحدث ويصيبه التعب بسهولة.
لكن في العام الماضي زاد ألمه وإنزعاجه بدرجة كبيرة، وسأم الزيارات المتكررة للمستشفى لعلاج عدوى واعتلالات صحية.
وتقول كولر "لم يرغب في المزيد من الإجراءات أو العمليات الجراحية."وتضيف "شعرت أني كنت أفقده عاطفيا ونفسيا.. شعرتبأنه يعاني إلى درجة لم تكن جيدة بالنسبة لنا كزوجين. استطيع أن احافظ عليه من أجلي، لكن ذلك ليس منصفا لرحلته."
ومضت قائلة "الأمر ليس أنه يرغب في الموت.. وإنما ببساطة، أنه لا يريد أن يعاني أكثر من هذا."
"إنه أكثر شخص أحبه في العالم كله. سافتقده."في عام 2008، أصيب يونغ بانسداد في الشريان الرئوي وخلل في نسبة الأكسجين في المخ نتيجة نقص إمداد الاكسجين، وهو ما أضر بقدرته على الحديث وتحريك ذراعيه. وخضع العام الماضي لعملية جراحية في القولون لكنها لم تؤد إلا إلى راحة مؤقتة.ولا يستطيع يونغ حاليا تناول الطعام عن طريق الفم، ولذا يتلقى الغذاء من خلال أنبوب يصل إلى المعدة. وبدأت الطبقة الجلدية في منطقة الفخذين تتشقق حتى أصبح اللحم والعظام باديا للعيان.وتقول كولر "ربما يكون هذا هو أكثر الأمور مشقة لي، أن أرى هذا التدهور."وتذكر كولر أن الماريغوانا الطبية تخفف معاناته وتمنحه راحة ذهنية دون الآثار الجانبية المصاحبة للعقاقير الطبية.ويقول يونغ إنه بعث إلى بوش وتشيني بالنيابة عن الجرحى من قدامى المحاربين في العراق وأقارب من قتلوا أو أصيبوا هناك.وجاء في الخطاب "على الأصعدة كافة، الأخلاقية والاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، كانت (حرب) العراق فاشلة. وانتما.. من بدأ هذه الحرب. انتما من يجب أن يتحمل العواقب."ويضيف يونغ "يوم حسابي اقترب. وسيأتي يومكما. اتمنى أن تتم إحالتكما للمحاكمة. لكن جل ما اتمناه أن تجدا الشجاعة الأخلاقية لمواجهة ما فعلتما بحقي وحق الكثيرين ممن يستحقون الحياة. اتمنى قبل أن تنقضي ايامكما، كما تخبو أيامي الآن، أن تجدا قوة الشخصية لكي تقفا أمام الشعب الأمريكي والعالم، وخاصة الشعب العراقي، وتلتمسا العفو."وتوضح كولر عن الخطاب "نرغب فقط أن نشارك قصة معاناتنا، وهي قصة صراع ومعاناة الكثيرين، حتى يمكننا البدء في رؤية واقع تبعات الحرب."وانتقلت كولر إلى كنساس سيتي لتظل بجوار يونغ بعد أن التقيا أثناء فترة علاجه بالمستشفى عام 2008 في شيكاغو.
وتشير كولر إلى أن القانون في ولاية ميزوري يحول دون أن يساعد أحد زوجها على الانتحار، ولذا فإنه سيضطر للامتناع عن الأكل حتى يموت.
وسيظل يونغ يتناول الغذاء والسوائل حتى تحل الذكرى السنوية الأولى لزفافهما في العشرين من ابريل/ نيسان. بعد ذلك سيتوقفا عن الحديث علنا بشأن حالته الصحية وسيقضيان الوقت معا إلى أن يشعرا أن الوقت حان لينهي حياته.
أرسل تعليقك