أنقرة ـ وكالات
"غير مسموح باستخدام الهواتف!!"،كانت تلك تعليمات أحد قادة حزب العمال الكردستاني لأكثر من مئة صحفي كانوا ينتظرون لقاء نائب زعيم الحركة والزعيم العسكري لها، مراد كرايلان.ووقع نقاش بسيط حول إمكانية استخدام أجهزة الكومبيوتر المحمول، قبل السماح باستخدامها.وكانت الحركة قد دعت الصحفيين إلى جبل قنديل، شمالي العراق، لتدلي لهم بتصريح حول الجدول الزمني لانسحاب قواتها من الأراضي التركية.ولا يزال لدى الحركة قدر كبير من الحساسية تجاه وضعها الأمني، حيث لم تكن تريد الإفصاح عن مكان قياداتها الكبيرة.وخلال فترة انتظار استمرت لخمس ساعات، تمكن الصحفيون من اقتناص الفرصة التي قلما وجدت للحديث مع بعض مقاتلي الحزب.
وعلى الرغم من أن أحدا منهم لم يذكر اسمه، إلا أنهم أعطوا معلومات جيدة عن حياتهم في الجبال.وقال أحد المقاتلين لبي بي سي إنه ولد في شمال كردستان، التي كان يَقصد بها تركيا، وأنه التحق بمقاتلي الحزب وهو في الخامسة عشرة من عمره.وبعد عدة أعوام، عبرت والدته الحدود إلى جبل قنديل مصطحبة أخيه وأخته اللذين يصغرانه لزيارته، إلا أنه وجد ملامحهما تغيرت لدرجة أنه لم يكن قادرا على التعرف عليهما.وذكر المقاتل أنه في الليلة التي وصلوا فيها إلى جبل قنديل، شنت القوات التركية غارة جوية على بعض الأهداف التابعة لمقاتلي الحزب، لتقضي والدته مستيقظة خلال تلك الليلة في خوف وقلق شديدين.لذا، أعاد المقاتل عائلته صباح اليوم التالي من حيث جاؤوا. ومنذ ذلك الحين، لا يكتب إليهم خوفا من أن يواجهوا مشكلات مع السلطات التركية. وتقتصر طريقته للاتصال بهم على رسائل صوتية من حين لآخر عن طريق شبكات موثوق بها.ويعتبر جبل قنديل بمثابة نقطة استراحة يلجأ إليها المقاتلون الذين يحتاجون لبعض الراحة من القتال في الجبهة.ويستخدم مقاتلو الحزب في منطقة جبل قنديل طريقة خاصة لقياس المسافات، فهم لا يقيسون المسافة بعدد الساعات التي يقطعونها بالسيارة بل بعدد أيام المسير على الأقدام.وقال أحد المقاتلين إن الحدود مع تركيا تبعد لمسافة تتراوح ما بين ثمانية إلى عشرة أيام داخل الجبل.كما أنهم ألفوا حياتهم لدرجة أنه يبدو أن بعضهم قد يرفض العودة إلى الحياة الطبيعية. وقد يمثل ذلك عقبة أمام تركيا إذا ما أرادت إقناع مقاتلي حزب العمال الكردستاني بتسليم أسلحتهم والحصول على وظائف عادية.وقال أحد المقاتلين: "إذا ما ذهبتَ للعيش في الجبال، فإنك لا تعود مرة أخرى."وقال آخر: "هذا هو الشرق الأوسط، سنكون دائما في حاجة للدفاع عن أنفسنا."ولا يعد حزب العمال الكردستاني الحركة الوحيدة المسلحة في المنطقة، إذ يوجد أيضا حزب الحياة الحرة الكردستاني هو منظمة كردية تقاتل ضد إيران وتتفق أهدافها مع أهداف حزب العمال.وقال شمال بشير، مدير الشؤون الخارجية لحزب الحياة الحرة: "لا أعتقد أن حزب العمال سيتخلى عن سلاحه. فعملية السلام تلك ستأخذ وقتا طويلا، وسيكون إلقاء السلاح آخر خطوة في هذه العملية."وتابع بشير قائلا: "يحتاج الأكراد لأن يكون أمامهم ضمان للحصول على حقوقهم الديمقراطية التي يقاتلون من أجلها. وحتى نحصل على تلك الضمانات، فإن الحديث عن إلقاء السلاح سيكون دون طائل."ومع حلول عصر ذلك اليوم، أعلن الحزب أخيرا عن استعداد مراد كرايلان لاستقبال الصحفيين، لذا حزمنا أمتعتنا واستقللنا سيارات الجيب البيضاء متجهين إلى إحدى المزارع.وظهر كرايلان وسط مجموعة من مقاتلي الحزب، وجلس داخل إحدى الخيمات أمام صورة زعيم حزب العمال المسجون، عبد الله أوغلان.ثم قامت واحدة من القادة العسكريين في الحزب بتلاوة بيان إعلان الانسحاب باللغة الكردية، وكان كرايلان يردد ما تقوله باللغة التركية.وبدا من البيان أن الحزب يريد التأكيد على جديته إزاء عملية السلام مع تركيا.كما سعى أيضا إلى إظهار أن الحزب لم يهزم، حيث سيقوم الحزب بسحب مقاتليه من تركيا، لكنه لن يعمد إلى التخلي عن السلاح.
أرسل تعليقك