عمان - أ ب
فى الأردن، حيث التدخين له شعبية كبيرة لدرجة أنه بالإمكان رؤية سائقين يدخنون النرجيلة أثناء قيادة السيارات، تريد الحكومة الآن فرض منع التدخين على النمط الغربى فى المطاعم والمقاهى وغيرها من الأماكن العامة.
هذا المنع، الذى يأتى بقانون مرر عام 2008 لكنه لم يدخل حيز التنفيذ بالكامل، يعطى الحكومة حق إلغاء تراخيص كل المقاهى الستة آلاف التى تقدم النرجيلة، وذلك بحلول نهاية العام الجارى.
لكن أصحاب المقاهى والمدخنين ينتقدون هذا المنع، ويعتبرون أنه يأتى ضد ثقافة بلد يعتبر فيه التدخين علامة للرجولة ويقوم البدو المسنون بلف سجائرهم فى الأماكن العامة.
مازن الصالح، يملك أربعة عشر مقهى تقدم النرجيلة فى أنحاء البلاد، قال "نحن عالقون بين مطرقة وسندان حيث تحاول الحكومة فرض إغلاق أعمالنا.. أنا لا أدافع عن النرجيلة أو التدخين، لكننا ينبغى أن ندافع عن استثماراتنا."
يشار إلى أن التسلية بتدخين النرجيلة تعد تقليدا راسخا فى الثقافة الأردنية منذ عصر الإمبراطورية العثمانية. فالمعزون يدخنون السجائر فى مناسبات العزاء، حتى أن شركات توصيل الطلبات للمنازل التى تقدم النرجيلة فقط قد انتشرت فى جميع أنحاء البلاد.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد قدرت العام الماضى أن نصف الرجال الأردنيين تقريبا يدخنون التبغ بمعدل يومى، بينما ثلث الشباب يفعلون ذلك، لكن النساء يدخن بمعدل أقل بكثير.
وبخلاف أن التدخين يمثل ثقافة راسخة، فإن ما ساعد على ذلك هو انخفاض تكلفة السجائر. فحزمة السجائر المحلية تباع بدولارين فقط، بينما التبغ الأجنبى يباع بتكلفة أكثر قليلا. والعام الماضى، قام صانعو التبغ المحليون بتقليل أسعارهم بأكثر من خمسة عشر بالمائة لمنافسة السجائر رخيصة الثمن التى تهرب من الجارة سوريا.
وتظهر إحصاءات وزارة الصحة أن الأردنيين ينفقون ما يعادل مليار دولار سنويا على التبغ.
وقال وزير الصحة على حياصات، الذى يقود جهود فرض منع التدخين، إن الإجراء يهدف إلى "إنقاذ الأروح وليس الشركات".
وفى تصريحات للأسوشيتد برس، قال حياصات "(التدخين) يكلفنا أرواحا، فسجلاتنا تظهر أن الكثير من الأردنيين يموتون من سرطان يرتبط مباشرة بالتدخين كل عام، و(يكلفنا أيضا) أكثر من مليار دولار سنويا على برامج الرعاية الصحية لعلاج المدخنين."
وبدأ فرض القانون تدريجيا عام 2009، بمراكز التسوق الكبرى، وكان مطار الملكة علياء الدولى بعمان أول من طبق المنع، وأعقبته مطاعم الوجبات السريعة.
ويمنع القانون أيضا التدخين فى المستشفيات والمدارس ودور السينما والمكتبات والمتاحف والمبانى الحكومية ووسائل النقل العام وغيرها من الأماكن التى يحددها وزير الصحة.
كما يحظر القانون بيع التبغ لأولئك الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما، لكن أصحاب المتاجر نادرا ما يلتزمون بذلك. ويخضع المخالفون بحسب القانون لعقوبة تصل إلى الحبس لمدة شهر أو غرامة تصل إلى 35 دولارا.
فى أنحاء الشرق الأوسط، هناك دول تطبق أيضا منع التدخين داخل الأماكن المغلقة مثل لبنان وبعض دول الخليج العربى. فدولة الإمارات العربية المتحدة شددت من منع التدخين فى وقت سابق من الأسبوع الجارى. كما تفرض إسرائيل مثل هذا المنع أيضا. لكن هذه القواعد عادة ما تقابل بالتجاهل.
الدفعة الجديدة لفرض القانون الأردنى بالكامل بحلول ديسمبر قد أثارت غضب الكثيرين.
حنين رماحى، الموظف بالشؤون الاجتماعية (34 عاما) تساءل قائلا "لماذا تتعدى الحكومة على خصوصياتنا؟"، وأضاف "التدخين مسألة اختيار شخصى. لو قررت قتل نفسى، فأنا حر فى ذلك."
وقال الطالب الجامعى محمد الصغير (21 عاما) إنه لن يلتزم بالقانون. وأردف "سأواصل التدخين فى المطاعم والمقاهى ويمكن للشرطة أن تعتقلنى.. لا أبالى".
فارس الهوارى، الإخصائى فى مركز رئيسى لعلاج السرطان بالأردن، قال إن الأطباء رصدوا زيارة فى كل من عدد المدخنين والأمراض الناجمة عن التدخين خلال السنوات الماضية، مضيفا أن التدخين هو المسئول عن خمسة وعشرين بالمائة من حالات السرطان بين الرجال فى الأردن، بما فى ذلك سرطان الرئة والرأس والعنق والمثانة، فضلا عن غالبية الأمراض المزمنة وأمراض ضغط الدم المرتفع.
ومع ذلك، فالسجائر متاحة فى محلات البقالة والمقاهى وأكشاك الشوارع. وفى المقاهى التى تقدم النرجيلة، عادة ما يكون القصر جزءا من الزبائن ويتقاسمون النرجيلة مع بعضهم البعض. وفى بعض المنازل، يكون من المقبول اجتماعيا أن يقوم القصر بإشعال النرجيلة لآبائهم.
وقال الصالح، مالك المقاهى، إنه يفكر فى إقامة دعوى قضائية لمحاولة وقف العمل بالقانون. ويقول آخرون إنهم سيتجاهلون المنع.
فى الوقت نفسه، يمكن رؤية أشد عتاة التدخين يدخنون تحت قبة البرلمان الأردنى، وهم أنفسهم النواب الذين مرروا القانون فى المقام الأول.
أرسل تعليقك