توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تدمير المسجد الأموي في حلب بسبب الحرب الدائرة في البلاد

المسجد الأموي في حلب يتحوّل من مكان فريد إلى دمار حقيقي

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - المسجد الأموي في حلب يتحوّل من مكان فريد إلى دمار حقيقي

المسجد الأموي في حلب
واشنطن - رولا عيسى

دُمّر المسجد الأموي في المدينة السورية حلب، إثر الحرب الدائرة في البلاد، بعد أن كانت أرضية فناءه مصقولة بشكل جميل، حيث اعتاد الأولاد على لعب كرة القدم بالجوار لكنهم حاليا يلتقطون أكياس الرمل المكدسة من المكان المدمر، وبالنسبة لهم فقد تحوّل المكان القديم من مكان للعبادة إلى ملعب في المكان، وأوضح يامن سعيد، 14 عامًا، أنّه "يبدو المكان أكبر الأن ربما لأنني لم أراه منذ فترة طويلة"، وكان الأولاد قبل الحرب يذهبون إلى المدرسة إلا أن معركة حلب جعلتهم يكبرون بين عشية وضحاها، وأشار محمد شيني "14 عامًا"، إلى أنّه "رأيت رأس إنسان ذات مرة، وذات مرة كنا نمشي ثم فوجئنا بصاروخ وقٌتل الناس، أحاول أن أنسى لكنك لا تستطيع نسيان شيء كهذا".

ويتّجه الأطفال إلى منازلهم في الأيام العاصفة عبر الشوارع الضيّقة ليتجنبوا الصلب العالق والمواد الخرسانية المتساقطة، وسيطر المتمردون على النصف الشرقي من حلب عام 2012 وسط انتفاضة على مستوى البلاد ضد حكومة بشار الأسد، وفي السنوات التالية سيطرت جماعات مختلفة  في حالة حرب مع بعضها البعض  ومع قوات الأسد على المدينة، وشنت موسكو في سبتمبر/ أيلول 2015 غارات جويّة في سورية بداية من حمص وحماة، وبعدها ساعدت القوات الجوية الروسية في القتال ضد مختلف الجماعات المناهضة للحكومة من خلال القصف المستمر على شرق حلب، وفي ظل العديد من الخسائر البشرية تم السماح بالهدنة في ديسمبر/ كانون الأول 2015 لإجلاء بعض المواطنين المحاصرين فيما ظل البعض مما ليس لديهم أي مكان للذهاب إليه ليقضوا حياتهم وسط الدمار.

ويصطف الرجال والنساء في طابو منذ العاشرة صباحا في حي الشعار الذي دمرته التفجيرات حاملين الأواني في إنتظار ممثل المؤسسة الخيرية التي تسلمهم الطعام، وبحلول نهاية حصار حلب كان هناك حوالي 40 ألف شخص من السكان يعيشون هناك بينما كان عدد السكان قبل الحرب نحو مليون شخص، وانتقل البعض إلى الغرب مبكرا أو إلى مكان آخر في سورية أو غادروا البلاد، ولا يعرف أحد عدد القتلى الفعلي، وتضيف أم أحمد "اعتاد الشوارع أن تكون مملوءة ولكن الأن ليس هناك سوانا وبعض العائلات القليلة، قُتل زوجي هنا، وقبل 4 سنوات أصيب بجروح عند مغادرة المسجد الذي يعاني من ثقب كبير في قبته"، ويعيش ابنها أحمد وأطفالها الخمسة مع جديه في شقة صغيرة أكثر سلامة لكنها تفتقر إلى النوافذ وأجزاء من الشرفة، بينما توضح "أم فاردل" إحدى الجيران القليلات الباقيات في المنطقة ضاحكة على حظها السيء "كل شيء بنيته مع زوجي منذ 20 عامًا ذهب في طرفة عين، لماذا يجب أن أحزن أنا لست الوحيدة، سرق أحدهم سيارة زوجي الأجرة لذلك فهو يظل في المنزل دائما ليعتني بي وأنا أستمر في اكتساب المزيد من الوزن"، وتضيف جارتها وصديقتها أم أحمد "نحن نضحك ونبكي في الوقت نفسه".

ويعد الفرق شاسعًا عندما تتحرّك من شرق سورية إلى غربها حيث تتحول البلاد إلى مدينة صاخبة سليمة، ويعتبر غرب سورية، العاصمة الاقتصادية للبلاد حيث يوجد مئات المتسوقين الذين يشترون من أكشاك السوق التي تبيع كل شيء، كما تزين الأضواء الأشجار خارج الحانات والمطاعم حيث يدخن الزبائن ويطلبون زجاجات من Jack Daniel، ويمكنك مشاهدة شجرة برتقال مثمرة تمتلئ فروعها بالفاكهة، ولكن في الحرب تم قطع معظم الأشجار في الشرق، وبعد انتهاء الحصار في حلب ذهب الفتيات المتجولون حول المسجد الأموي للنظر إلى الغرب فوجدوا الحياة في المدينة مستمرة من دونهم، ويضيف يامن " في شرق حلب لم يكن هناك معنى للحياة ولكن في الغرب كان هناك حياة، لكننا الأن نحاول استعادة حياتنا".

ولا تخلو الحياة في الغرب من المشاكل  حيث يحتاج السكان هناك إلى شراء المياة والكهرباء، ونظرا لانخفاض قيمة العملة السورية عما قبل الحرب فربما تستهلك هذه الاحتياجات ثلث الراتب بسهولة، وفي بازار في أحد الفنادق في غرب حلب يقف معلم الفن "عبيدة قدسي" ويعطي زوار معرضة ملصقات مضيئة في الظلام تساعدهم في العثور على الهاتف النقال في منتصف الليل عند توقف عمل المولدات، ويخبر قدسي المارة بفخر أنه صانع أكبر مشبك ورق في العالم، والذي تم الكشف عنه في مركز التسوق في دبي عام 2004، إلا أنه هناك مشبك ورق روسي بطول 9 أمتار  عام 2010 تجاوز مشبك قدسي الذي يبلغ طوله 3 أمتار فقط، ولم يتحمل قدسي الحياة في حلب وكان بإمكانه الذهاب إلى الإمارات العربية المتحدة لكنه قال " إنه وطني، إذا ذهب الجميع من سيبقى"، ولكن ربما كان سيختار خيارًا آخر إذا عاش في شرق حلب.

ويتم تعيين الصحافيين الذين يذهبون إلى المنطقة التي يسيطر عليها الأسد في سورية مع متابعة حكومية لعم، حيث يجرون المقابلات ويعدون التقارير ويقدمونها إلى وزارة الإعلام، وتم افتتاح مدرسة وسط هذا الدمار للأطفال الذين ظلوا مختبئين في المنازل لسنوات ، إلا أن المدرسة لا تحتوي على الماء، وتشكو المعلمة ريهام الحمود من تباين القدرات في صفها في عمر الثامنة، فالعديد من الأطفال في شرق حلب ذهبوا إلى المدرسة الدينية أو لم يذهبوا للمدارس على الإطلاق، مضيفة "هناك أطفال عدوانيون وليس لديهم رغبة في التعليم، لقد عاشوا في ظل الحرب، وقضوا حياتهم في مشاهدة الاشتباكات وقصف الطائرات ولم يكن لديهم فرصة للعب"، وتسعى حمود إلى تعليم الأطفال الألوان الحقيقية للعلم السوري ثم تعديل سلوكهم.

وتقول حمود إنّ "الأطفال مهملون للغاية ويلقون القمامة في الحديقة وعلمتهم آلا يفعلوا ذلك"، وترع حمود ذلك إلى الآباء المتأثرين بمن وصفتهم بأصحاب العقول السوداء، وأردفت حمود "ناقلات الأسلحة والمعارصة المسلحة وهؤلاء الناس  جميعها ألفاظ يستخدمها الناس للإشارة إلى الجماعات المتمردة، ولكن لم يتحدث أحد عن الفظائع التي تعرضوا لها خلال الحرب"، وتحاول جومان ماكي رئيسة منظمة Orphaned Girl في غرب حلب عدم تذكرة الطلاب بالقص المأساوية للحرب مضيفة " نحن لا نفتح القصص القديمة معهم، ولكن يجب علينا إغلاق ستائر الماضي وعدم النظر إلى الوراء، وينجح هذا النهج 90% من الوقت، ولكن بنسبة 10% نحن نثابر حتى ينسوا أو على الأقل آلا يذكروا الماضي"، ولا يعلم معظم سكان حلب ماذا يحمل لهم المستقبل، حيث أعربت أم محمد عن ارتياحها لأن عائلتها استطاعت تأمين غرفتين في مخيم جبرين للاجئين ويخططون للبقاء هناك حتى يروا ماذا يجب القيام به، إلا أن حياة العائلة لم تتوقف حيث تزوج الإبن "18 عامًا" من فتاة "13 عامًا"، وأوضحت أم محمد  عن سبب الزواج مبكرا أن ابنها الأكبر قتل لكونه جاسوسا حكوميا وأنها تأمل في أن يولد صبي جديد في العائلة، ومع اقتراب الغسق يصفر هواء حلب من غبار المباني المتساقطة حيث يعم الضباب على المسجد الأموي في الشرق بينما يسير السائقون في طريق عودتهم إلى المنزل في الغرب ويمسحون زجاج السيارة بالفرشاة توفيرا للمياة، بينما يغطي الغبار كل شيء في الشرق والغرب ما يوحد نصفي المدينة.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسجد الأموي في حلب يتحوّل من مكان فريد إلى دمار حقيقي المسجد الأموي في حلب يتحوّل من مكان فريد إلى دمار حقيقي



GMT 10:27 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

واشنطن ترفض بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية دائمة في غزة

GMT 20:22 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي أنشأ 19 قاعدة عسكرية في قطاع غزة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon