رصد تقرير أمريكي معاناة الآلاف من جنود الجيش الإسرائيلي العائدين من غزة، وإصابتهم بصدمات نفسية، وخلل في الصحة العقلية، واضطرابات ما بعد الصدمة؛ أدت في حالات عدة إلى الانتحار.
وتفصيلاً، أشار التقرير الذي نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية إلى أن الآلاف من الجنود الإسرائيليين يعانون اضطرابات نفسية شديدة، أو أمراضًا عقلية ناجمة عن الصدمات التي تعرضوا لها أثناء الحرب، وأدت في حالات عدة إلى الانتحار، فيما لم يوضح التقرير عدد الجنود الإسرائيليين الذين انتحروا غداة عودتهم من خطوط القتال في غزة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023م.
ونقلت الشبكة عن جنود قولهم إنهم شهدوا "أهوالاً لا يمكن للعالم الخارجي فهمها بشكل كامل". ويقدم التقرير لمحات نادرة عن وحشية الحرب، التي يقول منتقدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يريدها "بلا نهاية". ويقدم كذلك لمحات عن الثمن غير المباشر الذي يدفعه الجنود المشاركون.
وتعد الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على غزة أطول حرب تخوضها إسرائيل منذ إنشائها عام 1948. ومع توسع الحرب الآن إلى لبنان يقول بعض الجنود إنهم يخشون أن يتم تجنيدهم في صراع آخر.
ويقول أحد الأطباء في الجيش بعد خدمته أربعة أشهر في غزة لـ"سي إن إن"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "الكثير منا خائفون للغاية من التجنيد مرة أخرى للمشاركة في حرب بلبنان. كثيرون منا لا يثقون بالحكومة في الوقت الحالي".
وتقول عائلة جندي الاحتياط، إيليران مزراحي، إنه شارك في القتال داخل غزة لمدة ستة أشهر، وعاد إلى منزله شخصًا مختلفًا؛ إذ كان يعاني اضطراب ما بعد الصدمة، وقبل أن يعاد إرساله للجبهة من جديد انتحر.
وتقول والدته للشبكة الأمريكية: "لقد خرج من غزة، لكن غزة لم تخرج منه. ومات بعد ذلك بسبب الصدمة التي تعرض لها".
وتحدث جندي الاحتياط جاي زاكين، صديق مزراحي ومساعده في قيادة الجرافة، عن ارتكاب الجيش فظائع لا يمكن وصفها في غزة، ويلفت إلى أنه لم يعد يستطيع أكل اللحوم؛ لأنها تُذكِّره بالمشاهد المروعة التي شهدها من جرافته، ويعاني صعوبة في النوم في الليل، بينما يدوي صوت الانفجارات في رأسه.
وكان زاكين قد تحدَّث علنًا عن الصدمة النفسية التي تلقاها الجنود الإسرائيليون في غزة في شهادة أدلى بها أمام الكنيست الإسرائيلي في يونيو الماضي، واعترف بأن الجنود لجؤوا في العديد من المناسبات إلى دهس المواطنين في غزة "أحياء وأمواتًا، بالمئات".
ويقول طبيب من الجيش للشبكة الأمريكية إن الجنود يواجهون معضلات أخلاقية حين يلتقون المدنيين في غزة؛ إذ إن هناك فكرة مسبقة عند الجنود بأن سكان غزة "سيئون، وأنهم يدعمون حماس، وأنهم يساعدون حماس، وأنهم يخبئون الذخيرة"، ولكن في الميدان تغيرت بعض هذه المواقف "عندما ترى المدنيين في غزة أمام عينيك بالفعل".
من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية في كينغز كوليدج لندن، أهرون بريغمان، الذي خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة ست سنوات، بما في ذلك خلال حرب لبنان عام 1982، إن حرب غزة لا تشبه أي حرب أخرى خاضتها إسرائيل.
ويضيف بريغمان لشبكة "سي إن إن": "الحرب طويلة جدًّا، ويقاتل الجنود في منطقة حضرية بين العديد من الناس، والغالبية العظمى منهم من المدنيين". لافتًا إلى أن سائقي الجرافات هم من بين أولئك الأكثر تعرضًا لوحشية الحرب.
ويتابع: "ما يرونه هو جثث، ويقومون بجرفها مع الحطام. إنهم يمرون فوقها". مشيرًا إلى أن الانتقال من ساحة المعركة إلى الحياة المدنية "أمر مرهق بالنسبة للعديد من الأشخاص، خاصة بعد الحرب في المدن التي تنطوي على مقتل النساء والأطفال". متسائلاً: "كيف يمكنك أن تضع أطفالك في الفراش بعد أن رأيت أطفالا ًيُقتلون في غزة؟".
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد ذكرت أن 10 جنود انتحروا في الفترة ما بين 7 أكتوبر و11 مايو الماضيَيْن، بحسب بيانات عسكرية حصلت عليها.
ووفق معطيات نشرتها إدارة إعادة التأهيل في الجيش الإسرائيلي، تبيَّن أن أكثر من ثُلث الجنود الذين تم إبعادهم من القتال يعانون مشاكل تتعلق بالصحة العقلية؛ إذ أوضحت في بيان صدر في أغسطس الماضي أنه في كل شهر يتم إبعاد أكثر من ألف جندي جريح جديد من القتال لتلقِّي العلاج، وفقًا لـ"روسيا اليوم".
وتقول المعطيات إن 35% من الجنود يعانون مشاكل في الصحة العقلية، بينما يعاني 27% منهم رد فعل عقليًّا أو اضطراب ما بعد الصدمة.. مضيفة بأنه بحلول نهاية العام من المرجح أن يتم قبول 14 ألف مقاتل جريح لتلقِّي العلاج، ومن المتوقع أن يواجه نحو 40% منهم مشاكل في الصحة العقلية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
حزب الله يعلن استهداف قوة إسرائيلية في بلدة كفركلا بالقنابل والرشاشات والصواريخ
«حزب الله» يعلن استهداف تجمع لقوات الاحتلال الإسرائيلي برشقة صاروخية كبيرة
أرسل تعليقك