مع مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري، كشفت غوغل عن تقرير جديد لمساعدة القائمين على أنظمة الرعاية الصحية وإجراءات الحظر الصحي، والعديد من متخذي القرار، من خلال مؤشرات توضح مدى التزام الناس بقواعد التباعد الاجتماعي والبقاء في المنازل، بناء على بيانات النشاط على خرائط غوغل، التي تبلغ دقته على الأرجح بين 2-5 أمتار.
أطلق على هذه الخدمة اسم "تقرير تنقلات المجتمع"، وسيتم إصداره أسبوعيا بصورة مؤقتة، وحاليا هناك تقارير لعشرات الدول، منها مصر، والعديد من دول الشرق الأوسط.
تم إعداد أول نسخة من التقرير قبل يوم 5 أبريل الحالى من 6 مؤشرات رئيسية، انطلاقا من نقطة مقارنة في الفترة من شهر يناير وحتى بداية فبراير، أي قبل أن ينتشر وباء فيروس Covid19 في العالم، وكانت المؤشرات وقتها تسير بصورة طبيعية، مع العلم أن هذا المؤشر لا يفرق بين طبيعة الأماكن، من حيث كونها حضرية أم ريفية، ولا يخترق بأي صورة الخصوصية الشخصية.
كيف يعمل هذا التقرير؟ يتم حصر بيانات فترة معينة، في مكان معين، مثال افتراضي: هناك 1000 شخص قاموا بزيارة القرية الذكية في الأسبوع الأول من يناير، وهو مسجل كمكان عمل بالأساس، وبعد جمع الأرقام المقاربة لوظيفة هذا المكان "أماكن العمل"، تتم المقارنة بنفس الاعتبارات المكانية، ولكن في إطار زماني مختلف، ولنقـُل الأيام الأولى من شهر أبريل- بعد دخول وقت الحظر- فإذا وصلت الأرقام الي 500 شخص مثلا، فهذا معناه أن لدينا انحفاض/التزام بالحظر بنسبة سالبة تمثل 50%، وهكذا في خمس مؤشرات، ماعدا مؤشر البقاء في المنزل الذي يحسب بالموجب.
الخمس مؤشرات السالبة، هي البقالة والصيداليات، والمتنزهات، وأماكن العمل، والمواصلات العامة، والمحلات التجارية والترفيه، ويبلغ مجموعها 500 درجة. وتم وضع مصر مع جدول لبعض الدول للمقارنة، وتم اختيار القائمة باعتبارات جغرافية في الأساس، وتضم السعودية والإمارات وإسرائيل (الأراضي الفلسطينية المحتلة)، مع ضم جنوب أفريقيا، ودولة من أوروبا، وهي إيطاليا لما تمثله من نموذج هام؛ ولاحقا ربما تتاح دول أخرى في جدول المقارنة مع مصر، إذا أتيحت بياناتها، مثل المغرب والجزائر.
مجموع درجات مصر في الأسبوع المنتهي يوم 11 أبريل، كانت 334 درجة، ورغم أنه الرقم الأقل مقارنة بدول جدول المقارنة، لكنها زادت بنسبة كبيرة في أسبوع واحد، حيث كانت 179 درجة في أول أسابيع التقارير، بتاريخ 5 أبريل.
أهمية هذا التقرير، أنه يمثل حصرًا دقيقًا يمكن أن يساعد كثيرا على فهم تأثير الإجراءات الاحترازية، خاصة وأن نسبة مستخدمي الإنترنت في مصر كبيرة، وتبلغ 54 مليونًا، وفقا لأرقام مؤسسة globalwebindex، ولدينا 91 مليون خط هاتف محمول، 90% منهم هواتف ذكية، وهي نسبة جيدة خاصة مع شعب أكثر من 30% من سكانه أقل من 15 عام، ومتوسط أعماره 24.5 عاما، وهذا يجعل الاعتماد على هذه المؤشرات الرقمية مفيدا للغاية، ومعبرا عن أغلب فئات المجتمع.
1-البقالة والصيدليات 18%
يعد أقل مؤشر حدث فيه انخفاض بسيط عن المعتاد في الفترة قبل اكتشاف حالات Covid19 في مصر، وهذا المؤشر يشمل اتجاهات التنقل إلى/حول هذه الأماكن مثل أسواق البقالة، ومستودعات المواد الغذائية، ومحلات الخضار والفاكهة، وأسواق المزارعين في الريف، وهذا يشمل كل متاجر المواد الغذائية المتخصصة، بالإضافة الى مخازن الأدوية والصيدليات.
الأسبوع الماضي، كانت هذه النسبة 11%، أي أنه في أسبوع واحد شهد تناقصًا بنسبة 30% تقريبا، وهذا في حد ذاته جيد، ولكن لا زالت النسبة بعيدة عن منطقة الأمان، وتمثل أقل من نصف معظم دول المقارنة، في السعودية مثلا 36%، في الإمارات 32%، وفي إيطاليا 42% وكانت الأسبوع الماضي ضعف هذه النسبة، لكن ربما تراجعت أعداد الوفيات واتجاه إيطاليا لمنحنى الهبوط، شجع على زيارة هذه الأماكن الحيوية.
- ماذا يعنى هذا؟ لا شك أن هذه الأماكن تندرج تحت بند الاحتياجات الضرورية، والصيدليات تمثل احتياجًا حيويا لا يمكن الاستغناء عنه أو تأجيله، ولكن كان المنتظر مع إجراءات الحظر المتصاعدة، وتقليص ساعات اليوم، وتثبيت ساعات غلق أغلب المحلات حتى الساعة 5 مساءً، أن يكون الانخفاض أكبر من ذلك، غير أن تحقيق هذه الأرقام في عدد ساعات أقل، معناه زحام أكثر.
وهذا يدلل أن نصائح الشراء على فترات متباعدة، وبأقل عدد من أفراد الأسر، لا تنفذ بنسبة كبيرة، ولعل العادات الغذائية في الأكل "الطازج" لدي كثير من الناس لازالت سائدة، هذا غير أن زيارة الصيدليات يجب أن تكون بحذر شديد، ويفضل استخدام خاصية التوصيل للمنازل عند الضرورة، خاصة وأنها أماكن معرضة للتأثير والتأثر بالعدوي بصورة أكبر.
2- المتنزهات 42%
وتشمل اتجاهات التنقل الى/حول الحدائق، والشواطئ العامة والخاصة، والكورنيش، والمراسي، والساحات الشعبية، والأندية، حتى ممرات الجري والعجل، إلخ. تعد هذه نسبة كبيرة، وتحتل المرتبة الثانية مع كونها تضم أماكن كلها تقريبا تندرج تحت بند أمور ثانوية يمكن الاستغناء عنها مؤقتا، غير أن معدل الانخفاض في مصر في هذا المؤشر مقارنة بالأسبوع الماضي ليست كبيرة، حيث بلغت 36%.
ومقارنة بكل دول جدول المقارنة، تأتي مصر متأخرة، وبفجوة كبيرة، في إيطاليا مثلا 17% فقط من الناس ارتادت هذه الأماكن في الفترة محل الحصر، وذلك بعد أسبوعين عصيبين كانت النسبة تصل فيه لأقل من 10%، وفي الإمارات نسبة الالتزام كبيرة وتصل الي 77%، وإسرائيل تقترب من ذلك بنسبة 74%، والدولة الوحيدة القريبة من مصر هي جنوب أفريقيا 58%، وإن كانت أفضل بـ 18%.
ماذا يعنى هذا ؟ المؤشر، يعني أن أغلب الناس يمارسون حياتهم "الترفيهية" بشكل طبيعي ولو بصورة متقطعة، بالذهاب لأماكن ليست أبدًا من ضروريات للحياة أو العمل، ولو أضفنا معلومة أن هناك حظرًا شاملًا لهذه الأماكن يومي الجمعة والسبت، وهم يومان كانا يمثلان -في الظروف الطبيعية- ما يقرب من ثلث نشاط هذه الأماكن، فنجد نفسنا أمام حقيقة صادمة!
والحل قد يكون بالتشديد على تنفيذ العقوبات الفورية المالية، وربما مضاعفتها، بعيدا عن "معلش" "وماكنتش أعرف"، وغيرها من العبارات المعتادة في مثل هذه الظروف، مع تكثيف التوعية المباشرة، وقد تكون عن طريق لافتات ثابتة، أو برسائل نصية تستهدف رواد هذه الأماكن تحديدا.
أو ربما بفرق متطوعة بأقنعة وقفازات، تقوم بالتجول للتوعية الشخصية وتوزيع مطبوعات، مع التشديد على منظومة المراقبة والمحاسبة في كل الأحوال، ولا ننسي أن هذه الأماكن، غالبا ستظل مغلقة كليا أو جزئيا لشهور طويلة.
3- أماكن العمل 45%
وهذا يشمل المصانع والشركات بالأساس، وما بداية تطبيق الحظر كانت النسبة أقل وبلغت 35% في الأسبوع المنتهي في 5 أبريل، ولكن مع تطبيق قواعد العمل الجديدة، وتشديد الاجراءات الحكومية تحسنت وزادت بعشر نقاط دفعة واحدة، أرقام هذا المؤشر قريبة من دول المقارنة، ومماثلة للإمارات وإسرائيل، والسعودية أقل قليلًا بنسبة 49%، وعلى مسافة جيدة جنوب أفريقيا، ويظل أقل معدل هي إيطاليا بنسبة 62%.
ماذا يعنى هذا: أرقام هذه المؤشر جيدة، مقارنة بالمرحلة التي تمر بها مصر من الوباء، وتؤكد على أن تطبيق إجراءات الحظر تكون أفضل عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة، والتي أظهرت استجابة جيدة، لتحقيق التوازن الذكي بين تطبيق إجراءات الحظر وعدم الإخلال بمنظومة الإنتاج والخدمات، مع الاعتراف بصعوبة تطبيق ذلك، فضلا عن استمراره لفترة طويلة، وهذا تحدي العالم الآن، جنبنا الى جنب مع تحدي تسطيح مؤشر الإصابات الجديدة، وإيجاد علاج فعال في توقيت مناسب.
ولعل دَفعة التصريحات والزيارات الرسمية لمواقع العمل ساهمت في تحقيق التوازن في هذا المؤشر، والتأكيد على أن وتيرة الأعمال، خاصة في جوانب التصنيع والإنتاج، أمرٌ لا يمكن تعطيلـُه، ويجب أن يستمر، مع تطبيق أقصى ما يمكن من الإجراءات الاحترازية، مثل تقليل عدد ساعات العمل، أو فرض راحة للوظائف الإدارية، أو النزول بعدد العمال في الورديات، لتحقيق مبدأ التباعد الاجتماعي قدر المستطاع.
وهنا يجب أن نذكر أن واحدة من نقاط قوة الاقتصاد المصري، أن هناك منظومة صناعة وزراعة قوية، يمكنها أن تستوعب مثل هذه الأزمات لفترات طويلة، غير أن ارتفاع أسعار الدولار، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي ساهما بصورة كبيرة في وجود بدائل محلية معقولة للكثير من المنتجات.
4- المواصلات الجماعية 51%
وهذا يشمل مختلف محطات النقل، والمواقف، ومحطات المتر، والقطار، والأتوبيسات، وأرقام مصر في هذا المؤشر تعد جيدة، رغم أن المواصلات العامة شريان حيوي لحياة المصريين وعملهم، والأسبوع الماضي حسب تصريحات وزير النقل، تم خدمة 1 مليون راكب عبر خطوط المترو فقط، والتي تعبر أماكن مختلفة من القاهرة الكبرى.
ما يميز هذه النسبة في مصر أنها جاءت إثر انخفاض كبير عن الأسبوع السابق، والتي كانت 62%، وهي ليست نسبة سيئة أبدا مقارنة بوضع انتشار الفيروس في مصر، وبالنظر لحال دول جدول المقارنة، حيث نسبق إسرائيل التي سجلت نسبة 59%.
مع الأخذ في الاعتبار أن دولًا مثل السعودية والإمارات لا تعتمد بنسبة كبيرة على حركة المواصلات العامة في تنقلات مواطنيها أو القاطنين، بخلاف الحال في مصر وإسرائيل وجنوب أفريقيا وأغلب دول أوروبا، وهذه ميزة نسبية جيدة على المستوى البيئي والاقتصادي، ولكن في أزمة مثل كوفيد19 قد لا تعد ميزة.
ماذا يعنى هذا؟ هذا يتماشى كثيرا مع مؤشر سوق العمل الذي سجل 45%، ويمثل مؤشر على أن الوعي لدي الكثير من فئات الطبقات محدودة الدخل أكبر مما نعتقد، ومن ناحية أخرى يبدو أن التزام قائدي السيارات الخاصة أقل مقارنة برواد المواصلات العامة. وتحقيق انخفاض بنسبة 11% في أسبوع واحد، دليل أن حملات النقد والتوعية الكبيرة التي قادتها وسائل الإعلام حول مشاهد الزحام في المواصلات العامة جاءت بنتيجة إيجابية.
ويمكن التعلم من هذا المؤشر الكثير من النقاط، منها أن منظومة التوعية لدينا تعمل، ولكن ربما ليست بالسرعة الكافية، ولعلها تحتاج لصيانة وتطوير وتحسين قدراتها على توجيه رسائل متنوعة القوالب والأساليب، لشرائح جماهير مختلفة، على منصات متنوعة، بصورة علمية قابلة للقياس.
5- محلات التجزئة والترفيه 67%
وهذا المؤشر يشمل المطاعم والمقاهي، ومراكز التسوق، والمتاحف، والمكتبات، ودور السينما، وهي كما نرى كلها أماكن يمكن الاستغناء عنها لأسابيع وليس لأيام، وهي ليست تضحية كبيرة أمام ما يمثله خطر الفيروس.
مقارنة بالأسبوع السابق على هذه الإحصائية، شهدت مصر انخفاضا كبيرا، حيث كان 46%، أي أن معدلات تردد الناس على هذه الأماكن تناقصت بنسبة 21 نقطة، وهو أعلى انخفاض في أسبوع واحد في مصر، وهذا أفضل من الإمارات التي سجلت تناقص وصل بها الي 64%، والسعودية أفضل قليلا حيث سجلت 72%، بينما أفضل مؤشرات كان في إسرائيل بنسبة 89%.
ماذا يعنى هذا؟ ثلاثة نقاط على الأرجح: أ- هذه الأماكن طبيعتها مسائية بنسبة كبيرة، خاصة مع الأجواء المصرية في هذا التوقيت من العام، وتحقيق هذه النسبة في توقيت ما قبل الحظر، يعني أن هناك الكثير من العمل يمكن أنجازه.
ب- مرة أخرى، دليل على أن حالة الوعي تتزايد، وقفزت بصورة كبيرة في أسبوع واحد فقط، ولكن الأمر لا يجب أن يتوقف عند ذلك، فتحتاج جهدا أكبر، بتشجيع حملات "منظمة" على الأرض.
ت: مع كون الكثير من هذه الأماكن مغلقة وفقا لإجراءات الحظر، فعلى الأرجح أن هناك بعض الخروقات خاصة في الأماكن الشعبية والأقاليم، وهو ما تؤكد عليه الخريطة التفصيلية للمحافظات، حيث تقل نسبة الالتزام مقارنة مثلا بالمحافظات ذات الطبيعية السياحية الغالبة.
6- أماكن السكن 16%+:
هذا هو الرقم الوحيد في القائمة الذي يظهر بصورة موجبة، بمعني أن كلما زادت النسبة كان ذلك أفضل، خاصة مع الحملات المحلية والعالمية التي تطلب بالجلوس في المنازل #خليك_في_البيت .
الطبيعي هنا أن يكون التحرك الى/حول أو داخل أماكن الإقامة هو الرقم الأكبر في نطاق ضيق، خاصة مع ساعات الحظر التي تصل الي 10 ساعات كاملة، ولكن المؤشر يقول إن نسبة الزيادة عن المعتادة طفيفة، ولكن يبدو أنها تتزايد، فكانت الأسبوع الماضي في مصر 13%، وتعد جنوب أفريقيا الأفضل، وتأتي إسرائيل بنسبة مماثلة لمصر.
ماذا يعنى هذا؟ أن نسبة التزام الناس في البقاء في بيوتها مقارنة بالأوضاع الطبيعية أعلى بنسبة 16% فقط، وهذا قد يكون بسبب عادات الناس، أو بسبب حرية الحركة بعيدا عن الطرق الرئيسية في المحافظات، وربما يعود لتغيير في أنماط العمل المسائية، التي ربما تكون بدأت كرد فعل على تقليص ساعات الحظر؛ في الحقيقة هناك الكثير من التخمينات التي يمكن أن نفكر فيها بخصوص هذا المؤشر، الذي يحتاج للكثير من التوضيح من قبل غوغل، لكي نقف على دلائل أكثر دقة.
قد يهمك أيضا :
الشركات التكنولوجية الرائدة تستغل "كورونا" لمحاولة تفادي ضريبة الخدمات الرقمية في بريطانيا
الصحة القطرية تسجل 608 إصابات جديدة بكورونا والإجمالي 7141
أرسل تعليقك