بوخارست ـ سعيد يونس
تعد ترانسلفانيا في الشمال الغربي لرومانيا هي أرض مصاصي الدماء والقلاع المخيفة والحكايات الطويلة، وحين تسير في شوارع بلدة سيغيشوارا التي تعود إلى القرون الوسطى، ستشعر أنك قد خطوت
إلى صفحات رواية دراكولا الكلاسيكية الشهيرة، حث ستجد الجدران المحصنة والشوارع الملتوية التي تضيئها الفوانيس البراقة. تقع البلدة على بعد 300 كيلومتر من العاصمة بوخارست، وعُرفت في التاريخ كمحل ميلاد دراكولا أو فلاد الطاعن الذي استندت عليه شخصية البطل في رواية الكاتب برام ستوكر، وهي شخصية كونت له أسنان حادة وبارزة، والذي اكتسب لقبه الشنيع من ولعه بعقوبة الإعدام الدموية، و تعطشه للدماء. وبرغم أن برام ستوكر لم يزر ترانسلفانيا بنفسه قط، إلا أن روايته عن دراكولا قد تسببت في شهرتها، إلا أن هذا الأمر لا يسعد الجميع، حيث يتعجب السكان المحليون من شهرة ترانسلفانيا بسبب تلك الرواية، على الرغم من تاريخها الحقيقي الغني. في ترانسلفانيا الريفية توجد السهول التي تتخللها غابات البلوط القديمة والقلاع المهجورة والقرى السكسونية الهادئة البدائية، وبها الطرق غير الممهدة والأطفال في العربات اليدوية والنساء المسنات اللاتي ترتدين أوشحة الرأس والسترات المتآكلة. حيث استقر السكسونيون هنا في القرن الثاني عشر، ولكن تم إزالة تراثهم تمامًا تقريبًا حين تولى الدكتاتور الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو السلطة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم تدمير آلاف القرى، وإرسال السكان المحليين إلى المدن للعمل في المصانع. وبقيت حوالي مائتي وخمسين قرية، وتم ترميم العديد منها على يد صندوق "ميهاي إمنيسكو"، وهو صندوق خيري مخصص لصيانتها، وكسب الصندوق دعم الأمير تشارلز الذي يزوره بشكل منتظم، ويمتلك منزلاً في فيسكري. تزخر ترانسلفانيا بالأودية التي تشع بالألوان الخريفية مثل مالانكراف، وهو وادي هاديء به المنازل الكبيرة وبساتين التفاح، وهو موطن للمزارعين والنساجين. و تصطف المنازل التقليدية على جانبي الطريق الرئيسي فيه، وكل من هذه المنازل طويل ومطلي بألوان مبهجة، وذو أسطح مثلثة وبوابات خشبية واسعة لاستيعاب الخيول والعربات، وهي الوسيلة المفضلة للتنقل هنا. كما ستجد كنيسة محصنة مذهلة تعود إلى القرن الرابع عشر، تمتليء بالجداريات الرائعة، ويمكنك الحصول على مفتاحها من امرأة توجد في نهاية الطريق في منزل رقم 92. والحياة في مالانكراف رائعة، فالوقت يمر بطريقة مختلفة هنا، وسكانه يقدرون أمورًا مختلفة، فلا شيء أهم من الأسرة والطبيعة. وبجوار برج الساعة الطويل، وخارج المنزل ذو الواجهة الصفراء، يوجد مطعم يقدم للسياح قائمة طعام دراكولا، التي تتكون من حساء الطماطم وأنواط الخنازير مع صلصة الثوم. في مدينة براسكوف توجد نسخة مشابهة من التل الذي يحمل علامة "هوليوود"، وخلف تلك التلال توجد الجبال الكرباثية، وهي القمم التي تحيط بترانسلفانيا، حيث تتجول الذئاب بحرية. أما القلعة التي أطلق عليها اسم قلعة دراكولا فهي قلعة بران الرائعة، التي بنيت في القرن الرابع عشر، والتي يصل طولها إلى ستين مترًا، وهي ذات جدران بيضاء مغطاة بأبراج ذات طراز روماني قديم وأسوار متهدمة، وقد تسببت مهارات التسويق الذكية في وضع بران على برامج السياح، ويتم الاحتفال بشكل مستمر في الشوارع المحيطة بالهالوين، حيث يتجول الناس مرتدين قبعات سوداء. ولكن القصة الحقيقية للقلعة أكثر إثارة للاهتمام من أي قصة خيالية، حيث تم تدميرها على يد المنغول وإعادة بناءها كحصن ضد العثمانيين، ثم تم تحويلها لاحقًا إلى منزلٍ للعائلة المالكة في عام 1920، حين انتقلت إليها الملكة ماري، قبل أن يستولي عليها الشيوعيون. والآن هي مفتوحة للزيارة، فيمكنك التجول في الغرف اللامتناهية المزودة بالأثاث القديم لتعطي انطباعًا بأيام إقامة العائلة المالكة في القلعة، حيث يمكنك تسلق السلالم السرية إلى السطح، والتمتع بالإطلالة على وادي مويشو وجبال بوسيغي. تقدم شركة كوكس أند كينغز (www.coxandkings.co.uk) جولة لتسعة أيام في رومانيا، يبدأ سعرها من1095 جنيهًا إسترلينيًا شاملة الرحلات على متن الخطوط الجوية البريطانية من مطار هيثرو، والانتقالات والرحلات الداخلية والإقامة وبعض الوجبات. وللمزيد من المعلومات يمكنك زيارة موقع مجلس السياحة الروماني (www.romania.travel).
أرسل تعليقك