صوفيا ـ نانسي نجم
بلغاريا أرض الحدائق البدائية المليئة بغابات الصنوبر والشواطيء الرملية الساحرة على ساحل البحر الأسود، ومنتجعات للتزلج إذا كنت من محبي المغامرات، ويمكنك ركوب الزورق في نهر الدانوب وتسلق الجبال.وتضرب بلغاريا الأوتار المثيرة للاهتمام، وهي أحد أفضل المقاصد للسفر المليئة بالمغامرات ، وتشعر
بعد زيارة قصيرة بطاقة تفائلية لأمة تنظر الآن إلى مستقبلها، وتعتبر الدولة مستقرة اقتصاديًا على عكس اليونان المجاورة، وتتباهى العاصمة صوفيا بمراكز التسوق الثلاث الجديدة حيث الأسعار أقل من معظم الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي، وقد انضمت بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي بشكل كامل في العام 2007، ولكنها احتفظت بعملتها الخاصة "الليف".
ويشبه المطار الجديد في صوفيا صالة الوصول رقم 5 بمطار هيثرو بدرجة كبيرة، إلى درجة أنني اعتقدت أنني قد عدت إلى لندن حتى رأيت الحروف السيريالية المكتوبة فوق الترجمة الانكليزية على علامات المطار، أثبت تغير الأبجدية أن الرحلة التي دامت ثلاثة ساعات قد أخذتني إلى مكان مختلف تمامًا من الناحية الثقافية، فإن صوفيا نفسها تعكس حقيقة أنها تقف في مفترق طرق الحضارات، فستجد هنا فنًا معماريًا يوناني وروماني، إلى جانب الكاتدرائيات ذات القباب الذهبية المتأثرة بالروسيين.
ويطل جبل فيتوشا الضخم على المدينة الواسعة، وبلغاريا كأمة تتكون من سبعة ملايين شخص، وهم دائمًا ودودين حين تتفاعل معهم، وأهم ما يميزها هي جبال رودوب، وهي منطقة عالية في جنوب البلاد، على الرغم من أنه كان لا يزال هناك ثلجًا على الأرض إلا أن المنطقة تحظى بثلاثمائة يوم تقريبًا من سطوع الشمس كل عام، ووصلنا إلى الفندق في تريجارد القريبة من كهف "حلق الشيطان" بعد القيادة لثلاثة ساعات من صوفيا.
أما عن الطعام، فأشهر ما يقدموه في بلغاريا طعامًا تقليديًا مشويًا أمام النيران، والسكان القدماء لهذه المنطقة كانوا الطراقيين الذين كانوا يعيشون في قرى قبلية محصنة، وقد طوروا في هذه القرى ثقافة فنية عالية، وكانوا يعبدون الخيول وكان ابنهم الأشهر هو سبارتاكوس قائد ثورة العبيد الرومانية العظيمة، ويُفتح الكهف للسياح باكرًا، وعند المدخل تجد هناك امرأة تحاول إغراء الزوار بشراء جرار العسل، وبعد جلسة تذوق تستقر على جرة من عسل النحل، كما ستلتقي بـ"رجل الفياجرا" كما يدعوه السكان المحليون، الذي يبيع مجموعة من الأعشاب لصناعة شاي "مورسالسكي" المفيد لصحة القلب ومناطق أخرى، ومع تذوق الشاي والعسل تستكشف الكهف حيث تقول الأسطورة إن الفيلسوف الموسيقي أورفيوس قد عقد اتفاقًا مع الشيطان الذي كان قد أسر زوجته يورودايس في العالم السفلي، وكان الاتفاق أنه إذا قام أورفيوس بغناء ألحانه الجميلة فقد يقود يورودايس إلى أرض الأحياء مرة أخرى، ولكن كان عليه أن يسير أمامها ولا ينظر للخلف، فشل في ذلك وتحولت مهنته إلى غبار كما فعلت محبوبته.
وعند صعودك مئات الدرجات عبر الكهف الواسع باتجاه ضوء الشمس، حيث يتحول النهر المحلي إلى شلال مياه عند المخرج، فجأة تختفي المياه في أحشاء الأرض وتأخذ معها أي شخص أو شيء يقع بداخلها، وإذا كنت تحب السير بنية الوصول إلى مكان استثنائي، إذا فإن المنصة أعلى قرية ياجودينا هي القمة التي يجب عليك التوجه لها، والتي بُنيت على يد القرويين وتتدلى فوق حافة المنحدر الصخري.
ولعل مشهد المضيق والنهر المتعرج أسفله، مشهدًا مثيرًا وهو الطريقة المثلى للتمتع بجبال رودوب، ويمكنك أن تصل في وقت لاحق من هذا اليوم إلى قرية شيروكا لاكا، التي تقيم مهرجانًا كل عام حيث يخرج المحليون إلى الشوارع مرتدين أزياء تنكرية بهيئة حيوانات، ويرقصون ويعزفون الموسيقى مستخدمين الأجراس ونوعًا من مزامير القرب لصد الأرواح الشريرة، وكانت هناك أغنية من منطقة رودوب مثيرة للذكريات حيث كانت من ضمن مجموعة الموسيقى التي أُخذت على متن سفينة أناسًا موجودة الآن في الفضاء البعيد، إذا استمع إليها سكان الفضاء تتمنى أن يقرروا الهبوط هنا لقضاء العطلة، ويمكنك قضاء تلك الليلة في قرية جيلا إلى جانب الطريق الجبلي الذي يؤدي إلى الخروج من قرية شيروكا لاكا، حيث تستطيع أن ترى عطارد والزهرة في السماء ليلاً، وتحصل على حمام بخار وتشاهد الدوري الممتاز لكرة القدم على التلفاز أثناء تناول نبيذ مافرود الأحمر المحلي الناعم، فالأمر مثالي للغاية.
ويمكنك أن تبقى وقتًا أطول لكي تركب الخيل والدراجات أو السير فقط في الغابات الصنوبرية في المنطقة، وكذلك رؤية دير "ريلا" الرائع الذي كان دائمًا في قلب تاريخ بلغاريا الثقافي، لا يزال يسكنه الرهبان ويقع في نهاية وادٍ طويل، هناك متحف جديد للقطع الأثرية يروي تاريخ البلقان الطويل والعنيف، فيما تُعد بلدة بانسكو المحطة الأخيرة، ويتوسع منتجع التزلج هذا حاليًا ليستضيف العطلات الصيفية وتظهر فنادق جديدة كل عام، حتى عندما يذوب الجليد تظل الحياة جارية ويتم اصطحاب الزوار إلى البحيرات الجميلة، حيث يستطيعون التخييم واستكشاف الريف البري.
معلومات حول السفر
تكلف الرحلة إلى رودوب لسبعة أيام عن طريق شركة "المغامرة الطبيعية" 790 جنيهًا إسترلينيًا للناضجين، و490 جنيهًا إسترلينيًا للأطفال، مقابل الإقامة والوجبات والنشاطات والتنقل، وتقدم الخطوط الجوية البريطانية رحلات من مطار هيثرو إلى صوفيا مقابل 164 جنيهًا إسترلينيًا، وهناك خطوط أخرى للطيران من بينها "بلغاريا للطيران".
أرسل تعليقك