دمشق ـ لامار أركندي
تعتبر مسيرةُ القلمِ على الورقِ ٲسهلُ بكثيرٍ من مسيرة الٳنسانِ في الحياةِ والواقعِ لهذا نجدُ أنَّ مؤلّفَ كتابٍ لا يُطبّقُ ما نادى بهِ في صفحاتِ كتابهِ، فالحياةُ تحتاجُ ٳلى ٳرادةٍ قويّةٍ وعظيمةٍ لكنّها تحتاجُ في ذاتِ الوقتِ ٳلى عقلٍ مُنفتحٍ كَالماءِ تأخذُ شكلَ الٳناءِ الذي تُوضعُ فيهِ. والباحث "بديع سلمان خلات" الٳيزيدي من كُردستان العراق المتخصص في الشُّؤونِ الفلسفيّةِ والدّينيّةِ، الذي لمْ يتجاوزالـ22 عامًا اِختارَ طريقَ البحثِ والفكرِ والفلسفةِ موضوعًا لِطرحهِ الذي كرّمتهُ جامعةُ "دُهوك" تقديرًا لِجهودهِ، ورغمَ صِغَرِ سِنّهِ قدّمَ بحثهُ الفلسفي "ليسَ المُهمُّ ٲنْ تعيشَ بلْ المهمُ ٲنْ تعيشَ بصورةٍ صحيحةٍ" بالُّلغةِ العربيّةِ، والذي سَيُترجمُ إلى الإنجليزيةِ قريباً، تناولَ فيهِ مراحلَ حياةِ الٳنسانِ مُنذُ الطُّفولةِ وصُعوباتها وتأثيراتها المُستقبليةِ عليهِ، واحتكاكهِ بالطبيعةِ والٲُسُسِ التي عليهِ اِتّباعَها للتّعاملِ معها في كتابٍ يضمُّ ثمانيةَ فُصولٍ منْ شتّى مجالاتِ الحياةِ، ومنها كيفيةُ ٳيجادِ السّعادةِ والوسائلِ التي تَنتهجُها لتكونَ سعيدًا، وكذلكَ الإرادةُ وكيفيةِ مواجهةِ ظُروفِ الحياةِ وعَدمِ فُقدانِ الٳنسانِ لإنسانيّتهِ، وينتهي البحثُ بموضوعِ الحقيقةِ العامّةِ، التي تحملُ بينَ طيّاتها حُلولَ الغُموضِ المطروحِ في الكتابِ على أُسُسٍ علميّةٍ وفلسفيةٍ.
"سلمان" طالبُ كليةِ الفيزياء جامعة "دهوك" في كُردستان العراق الذي يبحثُ في عدّةِ مجالاتٍ منها: فيزيائيةٌ صناعيّة، وفلسفيّة ومنها البحثُ عن الواقعِ الكونيّ والفلسفةُ والقوانينُ التي تحكُمها, تحدَّثَ إلى "العرب اليوم" عن الصعوباتِ التي اعترضتهُ نظرًا لعمقِ الٲفكارِ التي طرحَها وٲضافَ : "اِلتقيتُ عددًا من المُختصينَ في العلومِ الفلسفيّةِ وٲساتذةِ الجامعاتِ والمُسنّينَ مِمَّنْ خرجوا بنتائجَ مهمة مِنْ تجاربِ حياتهمْ، وباعتقادي الخبرةُ لا تُقاسُ بالعُمْرِ بقَدَرِ مَا تُقاسُ بالتجاربِ والتّعبِ والخسارةِ، واستعنتُ في إغناءِ كتابيَ بأبحاث فلاسفةِ العالم القديم والجديد،كما اعتمدتُّ مواضيعَ دينيّةٍ لمِختلفِ الدّيانَاتِ، لِذا استغرقَ بحثيَ وقتًا أطولَ مِمّا توقَّعتهُ.
السّياسةُ كسرتْ قيم الإنسانية.
تناولَ الباحثُ الصغيرّ السياسةَ إلى جانبِ طرحهِ الفلسفةَ وأكَّدَ أنّ السياسةَ كسرتْ القيمَ الٳنسانيةَ واتّجهتْ نحوَ الٳجرامِ ونوَّهَ: " السياسةُ أصبحَ لها تعريفٌ جديدٌ، هو استغلالُ الكُلّ بكافةِ الطُّرقِ في سبيلِ المصلحةِ الخاصَّةِ، وتُجهدُ السياسةُ البحثَ عن نقاطِ الضَّعفِ في ذاتِ الإنسانِ لِتَتسرّبَ إلى داخلهِ وتتلاعبَ بضميرهِ كيفمَا شاءتْ". وبيَّنَ "بديع سلمان" أنَّ السياسةَ انتهكتْ قوانينَ الإنسانيةِ رغمَ أنَّ الأرضَ تتّسعُ لنَا جميعًا كيْ نعيشَ بسعادةٍ مُضيفًا :" قالها ماركْ توين سابقًا ٲنَّ السياسيينَ مثلُ حفّاضاتِ الٲطفالِ يجبُ تبديلَهمْ دائمًا ولنفسِ السّببِ ".
وذَكَرَ "سلمان خَلاتْ" ٲنَّ الحياةَ كالمرأةِ تعكسُ ٲفعالَ الٳنسانِ وقال :" قانونُ نيوتُنْ الفيزيائيُّ المعروفُ لكُلّ فعلٍ لهُ ردَّةُ فعلٍ، ما تفعلهُ اليومَ غدًا بشكلٍ مُؤكّدٍ أو بشكلٍ آخرَ ستُواجهُ نتيجةَ ما تفعلهُ، تمامًا مثلما قالها "المهاتما غاندي" بطلُ الهند العظيم:" لا نسمعُ الصّوتَ منْ دونِ ضربِ الطّاسِ" الفلسفةُ والدينُ لا ينفصلانِ, عندما نتكلمُ عنْ عَظَمةِ اللهِ وعنِ الحقِّ ويبدو أنّ اسمَ اللهِ مُشْتقٌّ من الحقّ، والزّمنُ كفيلٌ بإظهارِ الحقائقِ، فَقوانينُ الحياةِ لاتقبلُ الخَطأَ كالدُّعاءِ مثلًا لا يُستجابُ مَالَمْ تَملكْ الرّصيدَ الكافيَ ليُستجابَ، قَصدْتُ بالرّصيدِ الكافي تقديمَ المساعدةِ ومَدّ يَدِ العَوْنِ للمحتاجينِ وهُنا ٲقولُ ما تفعلهُ اليومَ سَتَنالُ ثمارهُ غداً، لاتُحاولْ أنْ تتذاكَى على حسابِ الآخرينَ".
الحياةُ بحاجةٍ إلى إرادةٍ قويّةٍ وعقلٍ مُنفَتحٍ .
مسيرةُ القلمِ على الورقِ ٲسهلُ بكثيرٍ من مسيرةِ الٳنسانِ في الحياةِ والواقعِ وبحسبِ "بديع سلمان" الحياةُ تحتاجُ ٳلى ٳرادةٍ قويّةٍ وعظيمةٍ لكنّها في نفسِ الوقتِ تحتاجُ ٳلى عقلٍ مُتفتّحٍ، الحياةُ ذاتُهَا مدرسةٌ نتعلّمُّ منها مِنْ خلالِ ٲخطائِنا وتجاربنَا على أرضِ الواقعِ ورأى "سلمان" ٲنَّ الحياةَ نفُسهَا مدرسةٌ راقيةٌ بكلّ معناهَا وتجاربهَا، نتعلّمُ فيهَا الدُّروسَ مِنَ الجُهلاءِ، وأضاف :"كمَا قالها "الحكيمُ لقمان" : "تعلّمتُ الحكمةَ مِنَ الجُهلاءِ كُلّما وجدتُ منهمْ سيّئةً اِجتنبتُها"، لهذا قُلتُ في كتابي : "ٳنَّهُ عملٌ عظيمٌ ٲنْ تعيشَ معَ المُتوحّشينَ والأعظمُ أنْ تجعلهُمْ يُصبِحوا مِثلكْ".
الٳيزيديَّةُ منبعُ الدّياناتْ
الٲرضُ كافيةٌ لنَا جميعًا لنعيشَ عليها ٳلّا أنَّ الشَّعبَ الكُرديَّ الذي تجاوزَ تِعدادهُ (السَّبعينَ مليوناً) تَحمّلَ عِبء السّنينَ والظُّلمِ وٲصبحَ بَيدقَا بِيَدِ ٲعدائهِ، وهُمّ بدورِهمْ حَسبَما تحدّثَ الباحثُ الكُرديُّ "الٳيزيديُّ" الدّيانَةِ كانوا ٲيضا بَيادقَ للّاعبينَ المُحترفينَ الٲكبرَ منهُمْ وأضافَ : "كَٳيزيديْ تعرّضنَا للإبادةِ كَوْننَا أكرادًا نمتلكُ فلسفةً قديمةً ولأنَّنا منبعُ الٲديانِ ". واختتمَ "بديع سلمان خَلاتْ" الباحثُ في الشُّؤونِ الفلسفيّةِ والدّينيّةِ حِوارهُ "للعرب اليوم" : "كتابيَ صغيرٌ يحتويْ على تجاربَ تعلّمتُها من الحياةِ، لكنَّ هذا لا يعني أنّي توقّفتُ عن التّعلُّمِ ٲو ٲصبحتُ ٲمتلكُ الحُلولَ لِكُلّ مشاكلِ الحياةِ بَلْ على العكسِ سَأستمرُّ رُكوبَ ٲمواجِ الحياةِ الصّعبةِ وٲمْتهنُهَا دُروسًا لمواجهةِ المراحلِ المقبلة مِنْ حياتي.
أرسل تعليقك