اسطنبول - مصر اليوم
مع دنو موعد الانتخابات الرئاسية اعاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المرشح المرجح فوزه فجأة احياء عملية السلام الكردية المعلقة تحت ضغط المتمردين الواثقين بقدرتهم على انتزاع تنازلات منه.
فبعد ان حجبتها الازمة السياسية المستمرة التي تهز انقرة لاشهر طوال عادت المسألة الكردية منذ خمسة عشر يوما لتحتل واجهة الاحداث السياسية في تركيا.
فمنذ نحو اسبوعين قام مئات الشبان خصوصا تحت راية حركة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني بسد طريق بين دياربكر وبنغول للتنديد ببناء منشآت عسكرية.
ووقعت صدامات بين رجال الدرك استخدمت فيها احيانا اسلحة نارية مما اسفر عن سقوط ستة جرحى في صفوف قوات الامن في الايام الاخيرة.
وما يزيد من اجواء التوتر ايضا اعتصام عشرات الامهات امام بلدية دياربكر "عاصمة" الاقلية الكردية في تركيا للتنديد ب"خطف" اولادهن من قبل الحركة الكردية المتمردة.
وقد دافعت الحكومة عن هؤلاء الامهات من خلال نشر تقرير اشار الى 700 عملية "تجنيد بالقوة" لقاصرين من قبل حزب العمال الكردستاني منذ بداية العام 2013.
حتى ان اردوغان نفسه تدخل للمطالبة بالافراج عنهم. وقال مهددا "ان لم يفرج عنهم حزب العمال الكردستاني لدينا خطة باء وخطة جيم". فرد زعيم حزب السلام والديموقراطية الكردي صلاح الدين دميرطاش "انها سياسة ولهجة رئيس الوزراء التي تدفع الاطفال على الانضمام الى المقاومة".
وهكذا تصاعدت اللهجة المتبادلة علنا بين الفريقين بشكل ملحوظ في موازاة المحادثات الجارية بينهما.
وفي اذار/مارس 2013 اعلن الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان من سجنه في جزيرة امرالي (شمال غرب تركيا) وقفا لاطلاق النار من جانب واحد اتبع بعد شهرين من ذلك ببداية انسحاب مقاتليه نحو قواعدهم الخلفية في العراق. لكن المتمردين علقوا هذا التحرك في الخريف التالي متذرعين بوعود لم تف بها انقرة.
وبعد ان تباطأت خلال اشهر تشهد عملية السلام وتيرة متسارعة في الوقت الحاضر.
وصرح نائب رئيس الوزراء بشير اتالاي المكلف الملف الجمعة "اننا متفائلون ومصممون. وقد بتنا اقرب من حل"، مشيرا الى "خطة تحرك جديدة" قيد الاعداد بدون مزيد من التفاصيل.
وتوقع نائب حزب الشعب والديموقراطية سري ثريا اوندر من جهته بعد لقاء مع اوجلان ان تفضي هذه المحادثات "الى نتائج".
وفي اواخر العام 2013 اتخذت اتخذت الحكومة مبادرات تجاه الاكراد مثل منح حق التعليم الخاص باللغة الكردية في المدارس الخاصة. لكن ممثلي هذه الاقلية المقدرة ب15 مليون نسمة اعتبروها خجولة جدا وكرروا مطالبهم خصوصا بالحصول على حكم ذاتي واسع في الجمهورية التركية.
واي تكن النتائج يبدو ان هذا التحرك المفاجىء مرتبط مباشرة بالاستحقاق الرئاسي المرتقب في اب/اغسطس المقبل، وينطوي على الكثير من النوايا المبطنة.
ولخص نهاد علي اوزجان خبير الشؤون الامنية في مؤسسة تيباف للابحاث الاقتصادية السياسية في انقرة ان "متمردي حزب العمال الكردستاني يريدون انتزاع اكبر عدد ممكن من التنازلات من اردوغان الذي هو بحاجة للصوت الكردي لانتخابه رئيسا".
لكن التوصل الى اتفاق محتمل يبدو امرا معقدا، لان العديد من الاتراك ما زالوا معارضين للحوار مع اوجلان الذي لا يزالون يسمونه ب"الارهابي".
وحذر احد المتحدثين باسمهم زعيم حزب الحركة القومية المعارض دولت بهتشلي الحكومة بقوة. وتساءل "بماذا وعدهم؟ وما هو التعهد الذي حصل عليه؟، منددا ب"ضعف" النظام.
لكن المراقبين يرون ان اردوغان لا يبدو مع ذلك مستعدا للقبول بالمطالب الكردية لوضع حد لهذا النزاع الذي اسفر عن سقوط 45 الف قتيل منذ العام 1984.
واعتبر اوزجان ان اردوغان "سيسعى جاهدا في البداية الى عدم استفزاز القوميين، اكثر من سعيه الى دعم الناخبين الاكراد". وقال "اتوقع ان يقوم ببعض التنازلات غير الاستراتيجية (...) التي لن ترضي الاكراد لكن لن تثير ايضا رفضا عنيفا من قبل القوميين".
أ ف ب
أرسل تعليقك