c "إيكاون" مبدعو الصحراء الذين حفظوا إرث "البيظان" الثقافي - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 14:32:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"إيكاون" مبدعو الصحراء الذين حفظوا إرث "البيظان" الثقافي

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - إيكاون مبدعو الصحراء الذين حفظوا إرث البيظان الثقافي

إرث "البيظان" الثقافي
الرباط ـ مصر اليوم

تحمل الموسيقى الحسانية بين أنغامها ومقاماتها الكثير من الأصول، فالتداخل الذي حصل بين الروافد الأندلسية والعربية والإفريقية والأمازيغية، جعل موسيقى "البيظان" لا تظل ساحرة وحسب، بل أصبحت متحفا حيا يحكي الكثير عن الثقافات التي تساكنت تحت خيام البدو تارة، وبين آلات عازفي "إيكاون" تارة أخرى.تحتفي الموسيقى الحسانية على الدوام بتداخل المؤثرات الإفريقية والعربية والأمازيغية في صوغها على النحو الذي هي عليه، فالعنصر الإفريقي يسكن الإيقاع، والنظام الصوتي يكاد يكون أمازيغيا، فيما تظهر اللمسات العربية في الكلام وشاعرية الأوصاف، بينما تزيد المواويل والمدود نفحات الموسيقى الأندلسية وتأثيراتها جمالا وبهاء. خليط من المواد الثقافية العريقة لا ينجح في المزج بين مكوناته سوى العازف الذي يسمى "إيكيو".

في مدينة العيون كغيرها من مدن الصحراء المغربية، ما يزال الناس متشبثين بالموسيقى الحسانية التقليدية، فلا تكاد مناسبة اجتماعية تمرُّ إلا وانطوت على كمٍّ من الآلات والأصوات الصادحة، النغم هنا يلاقي الناسَ على بساطه، لكن الحكايات الحائمة حول كؤوس الشاي الصحراوي تقول أشياء أخرى كثيرة، لا يزيدها بهاء سوى شذو فرق "إيكاون"، مستعملين عددا من الآلات الموسيقية مثل آلة "التدنيت" وهي عبارة عن طبل مصنوع من الخشب وجلد الغنم، وكذلك من عود مصنوع من أخشاب شجرة تدعى "التيدوم"، وتحمل الآلة على طرفها عددا من الأعصاب "الأوتار".

أما النسوة فيتخصصن في العزف على آلة "الآردين"، والتي تتكون هي الأخرى من طبل مصنوع من مادة خشبية ملفوف بجلد مدبوغ وعود متوسط السُمك من خشب "التيدوم"، إضافة إلى الأوتار. وكل ذلك بالإضافة إلى الطبل والنيفارة (المزمار) والربابة الحسانية. وهكذا فإن وصلة غنائية واحدة قد تنطق بلسان كل ما في الصحراء من أحياء وجمادات دفعة واحدة.لا تطرب أذن السامع الحساني في المناسبات والأعراس إلا للأغاني والرقصات التي يؤديها فنانو "إيكاون"، وهؤلاء ينتمون إلى شريحة اجتماعية صحراوية عريقة، وضعتها التراتبية الاجتماعية الصحراوية في أدنى سلالمها، بعد "لْمعلمين"(الصناع)، وهم الذين يصنعون أيضا الآلات الموسيقية، وهؤلاء بدورهم يأتون بعد العبيد المسبوقين بدورهم بالأشراف والزوايا. وأعطت هذه التراتبية الحق لطبقة "إيكاون" في احتراف الغناء والعزف والرقص، ومنعته تماما على الأشراف، الذين يبادرون، وبالمقابل، إلى الاعتناء بصناعة الشعر والتنافس من أجل قوله على السجية.

ويشير بعض الدارسين إلى أن سبب الموقف الموروث من "إيكاون" داخل المجتمع الحساني، إنما يرتبط بمنظور "البيظان" الأخلاقي، فالناس هنا يرفضون رفضا قاطعا الغيبة والنميمة، وينظرون بازدراء إلى من يُقبل على هاتين الخصلتين، ولهذا فإن تصنيف "إيكاون" في آخر التراتبية الاجتماعية مرده إلى أن هذه الفئة كانت في الماضي تقوم بما هو أقرب إلى التكسب، بما يعنيه ذلك من مدح العطاء وذم من لم يتمكن من إجزاله.غير أن تلك النظرة إلى "إيكاون" اليوم قد تراجعت، فالأفراد المنتمون إلى هذه الشريحة لم يعودوا يأبهون لذلك، لأن أبناء المجتمع الحساني اليوم أكثر ميلا إلى الاحتفاء بموروثهم الشفهي، لأنه برغم كل شيء، فإن الحسانيين كانوا يعتبرون موسيقيي "إيكاون" أيضا جزءا من المجتمع الحساني، وكانوا بالنسبة إليهم جالبا للفرح في السِّلم، ومحركا للهمم في الحرب.

الموسيقى الحسانية نحو التجديد والتطوير

يعتز ممارسو الموسيقى الحسانية ومبدعوها اليوم بشغفهم ذاك، فـ"إيكيو" أصبحوا اليوم نجوما تستضيفهم المحطات التلفزيونية ويحترمهم الناس ويحبونهم سواء أكانوا من أبناء عمومتهم من الحسانيين، أو من ثقافات ومجتمعات أخرى داخل المغرب وخارجه، لاسيما أن تجارب تجديد الموسيقى الحسانية قد بات لها مكانها، وباتت تحظى باحترام وتقدير الجمهور.قبل سنوات قليلة، ودّع سكان مدن الصحراء المغربية واحدا من الفنانين الذين طوروا الموسيقى الحسانية، وهو الفنان الناجم محمد عمر، ففي مدينة العيون المغربية، ومن ساحاتها ومسارحها ومهرجاناتها، صدحت حنجرته بأعذب الألحان المبتكرة، وبالرغم من أنه لم يحافظ على شكل كطربي "إيكاون" التقليديين، واستعمل الآلات الموسيقية المعاصرة ضمن فريقه الموسيقي، إلا أنه جمع جما غفيرا من العشاق والمحبين، وجعل الأغنية الحسانية تكتسب صيتا عالميا.

وتقول الفنانة فضيلة الناجم محمد عمر، عن تجربتها الموسيقية مع ابني أختها "آدم بنلمقدم ومحمد بنلمقدم"، الصغيرين اللذان تألقا مؤخرا في برنامج مواهب الأطفال "ذا فويس كيدز"، إنها تسير بهما على "خطى جدِّهما ووالدها الناجم محمد عمر"، مؤكدة أن المهم في الأمر هو أن "الموسيقى الحسانية العصرية تغري الشباب بالاستماع إليها، في حين ما يزال للنمط القديم أيضا عشاقه، بينما يحلق النموذج الذي طوره الراحل الناجم محمد عمر في كل الأرجاء".

وتضيف فضيلة مؤكدة أن "النظرة التي تحط من شأن الفنانين قد صارت شيئا من الماضي، فكل أبناء العيون مثلا ينظرون إلينا اليوم بفخر واحترام، لأننا أعطينا صورة مشرفة عن العيون وعن بلادنا المغرب"، في إشارة إلى إرث الموسيقى الحسانية الذي تتعايش بين نغماته كل التأثيرات الحضارية الإفريقية والأمازيغية والعربية، كما يستقبل بكل رحابة صدر أهل الصحراء المغربية تجارب الموسيقى العالمية.

قد يهمك ايضا :

بيت العود العربي الوجهة الأولى لعشاق الموسيقى الأصيلة في أبوظبي

«تعليم الإسكندرية» تطلق مسابقة في الشعر والموسيقى عبر الإنترنت

 

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيكاون مبدعو الصحراء الذين حفظوا إرث البيظان الثقافي إيكاون مبدعو الصحراء الذين حفظوا إرث البيظان الثقافي



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 12:22 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
  مصر اليوم - عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon